جمال شقرة
جمال شقرة


قضية ورأى

حكاية الخلايا الإخوانية النائمة

الأخبار

الأحد، 17 يوليه 2022 - 08:20 م

جمال شقرة

بعد فشل رصاصات المنشية 26 يوليو 1954 التى استهدفت اغتيال قائد ومفجر ثورة 23 يوليو 1952 (جمال عبد الناصر) وبعد القبض على محمود عبد اللطيف الذى أطلق الرصاصات الثمانى ، والقبض على مرشد الجماعة حسن الهضيبى ومعظم قيادات التنظيم السرى ، ومكتب الإرشاد ، لوحظ أن معظم كوادر الإخوان التى هربت ولم يقبض عليها آثرت السلامة ، بعضهم هاجر من مصر إلى بعض دول الخليج ، وبعضهم اعتزل العمل السياسى مترقبا ما ستأتى به الأيام ، ولقد انضم إلى هؤلاء الفريق الذى خرج من السجون بعد العدوان الثلاثى  1956 .


وكانت الجماعة خاصة شبابها قد أصابتهم حيرة تجاه ماجرى 1952 - 1954 وتشكك بعضهم فى سلامة موقف مكتب الإرشاد وكبار الإخوان من سياسات عبد الناصر الوطنية .
إلا أن (فكرة الثأر الذى لا يمحوه إلا الدم) كانت تسيطر على معظم أعضاء الجماعة ، وحسب ما ورد فى مذكراتهم.
ولقد رأى هؤلاء أن موجة العنف الذى تمارسه الدولة ضد الجماعة ستستمر ، وأن أى محاولة للحركة أو لتكوين تنظيمات حتى لو كانت تنظيمات صغيرة هدفها اجتماعى وإنسانى بغرض إعالة الأسر التى تم اعتقال عوائلها ، سيكون مصيرها الفشل ، وسيكون مصير الذين حاولوا غياهب السجون وسراديب الشيطان.


لذلك تفتق ذهنهم على فكر (الخلايا الخاملة) أو (النائمة) وهى خلايا يحتفظ فيها العضو بالعلاقات الإنسانية دونما أى نشاط عدائى ضد الدولة والنظام ، ولقد حددت هذه الجماعات الهاربة من الاعتقال هدفها من (الركون والخمول) فى : (الحفاظ على وجود وحياة قيادات وأفراد الجماعة الأكثر ثباتآ على فكرة وعقيدة الإخوان ، وانتظارآ لتغير الظروف السياسية ...).


يقول « أحمد عادل كمال « فى كتابه (النقط فوق الحروف) موضحآ فكرة ( الخلايا الخاملة ) وتاريخ تكوينها ، ولماذا تكونت؟: (كان رءوس الإخوان جميعآ ، وجمهور كبير منهم داخل السجون، ونقلوا إلى الواحات الخارجة ، بعيدآ فى جوف الصحراء فى صعيد مصر .. فماذا نفعل ؟ خاصة وقبضة النظام حديدية، وقد رأينا أن من يدفع خمسة قروش ، ولو معونة لأسرة غاب عائلها فجزاؤه السجن خمس سنوات !) إذ ذلك رأيت : (أن نرتبط وإلا نرتبط ... لسنا أسرة ولا مجموعة ولا خلية ولا أى شئ من هذه الأسماء والمسميات ، وليس لنا برنامج دراسى نلتقى عليه ونلتف حوله ، وليست لنا إشتراكات نؤديها ولا نتعرض للسلطة فى شئ ، ولقد استمر هذا الوضع تسع سنوات تنظيما هلاميا).. وجدير بالذكر أن هذا التنظيم الخامل النائم قبض عليه وعرف بتنظيم (عادل كمال) أو تنظيم (الطليعة) .
وحسب رواية عادل كمال نفسه فأنه قد وجهت إليه - رغم خمول تنظيمه - اتهامات بالتآمر لقلب نظام الحكم ، ليس فقط بل والتخطيط لاغتيال جمال عبد الناصر.. وأثناء محاكمات 1965 عومل هذا التنظيم الخامل على أنه تنظيم مستقل لا يمت لتنظيم سيد قطب بصلة ، وكان أعضاء هذا التنظيم أثناء محاكمتهم يلحون فى أقوالهم على أنهم ليسوا تنظيمآ ، وأنهم كانوا يرتبطون ببعضهم بعلاقات إنسانية ، وأنهم كانوا يعتنقون مقولة (خير تنظيم إلا يكون هناك تنظيم) .


وحسب أقوالهم أنهم فضلوا الركون إلى الهدوء مع احتفاظهم بالعلاقات فيما بينهم إنتظارآ لزوال عبد الناصر ونظامه .
ترى هل تعيش بيننا الأن خلايا خاملة نائمة تخطط للانقضاض على إنجازات ثورة 30 يونيه ؟
أعتقد أن الإجابة بنعم ، وهو مارأيناه رؤى العين بعد 25 يناير 2011 حيث تدلت اللحى ونبتت الشوارب بين بعض أعضاء هيئة التدريس فى الجامعات المصرية وفى معظم مؤسسات الدولة حتى المؤسسات السيادية ، وبدأوا يعلنون و يتشدقون بأنهم كانوا ينتمون إلى الجماعة سرآ وكانوا ضمن الخلايا النائمة.
وطالما جاءت الإجابة بنعم ، لابد من التحذير أجهزة الأمن من هؤلاء الذين (كمنوا) بعد فشل مخططهم وانتهاء محاولة السطو على السلطة بثورة 30 يونيه العظيمة .
 أستاذ بجامعة عين شمس


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة