عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

عودة الغائب!

عمرو الديب

الأحد، 17 يوليه 2022 - 09:21 م

اختلط الحابل بالنابل واشتبه الجيد بالردئ، ولمع الغث فى ظل غياب المعايير، واتضع الثمين أثر غياب الموازين، وانسحبت النصوص القيمة إلى الزوايا المظلمة القاتمة، ومتاهات العتمة الموحشة لتسود مشهدنا الإبداعى حالة من المرج القبيح، والضياع البغيض، وكل ذلك لأن الميزان المتمثل فى النقد والإسهامات النقدية التطبيقية غائب تائه، وكأنه رحل وطالت غيبته، وعلى الرغم من عبثية الصورة وضبابية المشهد إلا أن يقيننا الراسخ بأن الغثاء هباء، وسيبيد حتما، وتنطفئ جذوته، يدفعنا إلى عدم اليأس، وانتظار عودة الغائب، ورجوع الدور الحتمى للنقد العربى حتى تزول العتمة، ويتبخر ضجيج الغث، وينفض سامره الهش، لأنه هباء لاينطوى على أية قيمة، ولا يحمل أية لمحة ثمينة، وذلك قدر الردئ دائما منذبسط المنان أرضه للأنام، وأجرى الفلك فى الطرائق السلك، وهذه إرادة إلهية،

وناموس كونى أن يذهب الغثاء جفاء، وأن طال المدى شيئا قليلا، وتلك الحقيقة تنطبق على الأشياء كلها: الوجوه والأحداث، الأقوال والأفعال والأعمال، ولايبقى سوى الحقيقى الذى يحمل قيمة، سيحتل مكانته فى المشهد حتما، وأن خاصمه الذيوع والانتشار حينا، وفى عالم النصوص ودنيا الإبداع لاتتخلف تلك الحقيقة الكونية، ولكن المشكلة إنه فى غياب الدور النقدى الجاد، واختفاء الميزان العادل ترتفع أقلام وضيعة، ويحتفى بنصوص رديئة، وتلمع وجوه بغيضة، وتذهب الجوائز إلى غير مستحقيها والجديرين بها، وتطول غربة المبدعين الحقيقيين، ويمتد ليل المجيدين، وقد تتعد الأسباب المؤدية إلى غيبة النقد التطبيقى الجاد الذى يفرز -أولا بأول- الغث من السمين، ويغربل الردئ من الثمين، ولكن تبقى الكارثة جاثمة على صدر مشهدنا الإبداعي، حيث يخفت صوت النقد العلمى الجاد، ويرتفع ضجيج الدعايات المروجة،

والمجاملات المزيفة، ويستشعر المبدعون الحقيقيون مرارة الاغتراب فى واقع تتسلط عليه الشللية البغيضة، وأوساط يسيطر عليها المرتزقة والمتربحون من الكلمات، ويختفى أو يكاد إسهام الجادين من النقاد، ولايبقى سوى المتكسبين من الأدب والمرتشين من أشباه النقاد، فتضطرب الأحوال، وتتزيف المراتب والجوائز والمكانات، لذلك أدعو النقاد الجادين المحترمين إلى العودة بقوة إلى الساحة، وطرح أسباب عزوفهم وابتعادهم، وليشرحوا لنا: لماذا غابوا؟ ولماذا انسحبوا؟ وتركوا الساحات للعاهات، ولدينا العديد من النقاد الجادين المتجردين الذين أدعوهم إلى العودة، وشرح أسباب الغياب.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة