إيهاب فتحى
إيهاب فتحى


السادات.. خطاب من المستقبل

أخبار النجوم

الثلاثاء، 19 يوليه 2022 - 11:31 ص

 عندما‭ ‬نشاهد‭ ‬الطائرات‭ ‬تقلع‭ ‬من‭ ‬هناك‭ ‬إلى‭ ‬هناك،‭ ‬وأحاديث‭ ‬الأحلاف‭ ‬تنفجر‭ ‬فجأة‭ ‬أو‭ ‬تتوارى‭ ‬همسًا،‭ ‬وفى‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬تصبح‭ ‬الهرولة‭ ‬إلى‭ ‬المجهول‭ ‬شعارًا‭ ‬والمهرولون‭ ‬سعداء‭ ‬بلا‭ ‬هدف،‭ ‬وصفقات‭ ‬المصالح‭ ‬الضيقة‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تتلبس‭ ‬روح‭ ‬المشاريع‭ ‬العظيمة،‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات‭ ‬نظن‭ ‬أن‭ ‬الثوابت‭ ‬تبدلت‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬المحموم‭ ‬بأزمات‭ ‬لا‭ ‬تنتهى‭ . ‬

الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬مانراه‭ ‬من‭ ‬اضطراب‭ ‬يؤشر‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬الثوابت‭ ‬وأن‭ ‬محاولة‭ ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬استحقاقاتها‭ ‬هو‭ ‬سبب‭ ‬الفوضى‭ ‬والاضطراب‭ ‬ناتج‭ ‬طبيعى‭ ‬لمن‭ ‬لايريدون‭ ‬السير‭ ‬على‭ ‬هدى‭ ‬الحقيقة‭ ‬وتطبيق‭ ‬النسخة‭ ‬الأصلية‭ ‬لحل‭ ‬مصاعب‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬المأزوم‭ ‬وأيضا‭ ‬يخشون‭ ‬استلهام‭ ‬سيرة‭ ‬فريدة‭ ‬لقائد‭ ‬شجاع‭ ‬قاد‭ ‬الأمة‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬أوقات‭ ‬فارقة‭ ‬من‭ ‬تاريخها‭ ‬وصنع‭ ‬هو‭ ‬وأمته‭ ‬هذه‭ ‬النسخة‭ ‬الأصلية‭ ‬للحل‭ ‬بالنار‭ ‬والدم‭ ‬والحرب‭ ‬والسلام‭ .‬

هذا‭ ‬القائد‭ ‬الشجاع‭ ‬هو‭ ‬الشهيد‭ ‬البطل‭ ‬أنور‭ ‬السادات‭ ‬،‭ ‬وعندما‭ ‬نرى‭ ‬هذا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬المهرول‭ ‬التائه‭ ‬وسط‭ ‬أزماته‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬روح‭ ‬هذا‭ ‬البطل‭ ‬الشهيد‭ ‬وطبيعة‭ ‬قراراته‭ ‬الصلبة‭ ‬وكلماته‭ ‬الواضحة‭ ‬دون‭ ‬لبس‭ ‬التأويل‭ ‬هى‭ ‬نجوم‭ ‬هادية‭ ‬فى‭ ‬سماء‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الملبدة‭ ‬بسحابات‭ ‬الخوف‭ ‬والقلق‭ ‬وسيعيد‭ ‬الاسترشاد‭ ‬بهذه‭ ‬النجوم‭ ‬للمهرولين‭ ‬ثباتهم‭ ‬وتخرج‭ ‬التائهين‭ ‬من‭ ‬دوامة‭ ‬التيه‭.‬

يختلف‭ ‬البعض‭ ‬حول‭ ‬السادات‭ ‬ويحملونه‭ ‬كارثة‭ ‬الفاشية‭ ‬الدينية‭ ‬التى‭ ‬ضربت‭ ‬سمومها‭ ‬هذا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وزادت‭ ‬من‭ ‬فوضته‭ ‬ويرون‭ ‬أن‭ ‬السادات‭ ‬السياسى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بقدرة‭ ‬السادات‭ ‬الذى‭ ‬أثر‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بالحرب‭ ‬والسلام‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬السادات‭ ‬من‭ ‬الشجاعة‭ ‬النادرة‭ ‬عكس‭ ‬آخرين‭ ‬فى‭ ‬شرقنا‭ ‬الأوسط‭ ‬ارتكبوا‭ ‬الأخطاء‭ ‬وتفاخروا‭ ‬بخطاياهم،‭ ‬اعترف‭ ‬الرجل‭ ‬فى‭ ‬مصارحة‭ ‬مع‭ ‬نفسه‭ ‬وأمته‭ ‬بالخطأ‭ ‬فى‭ ‬آخر‭ ‬خطاباته‭ ‬فى‭ ‬خطاب‭ ‬سبتمبر‭ ‬الشهير‭ ‬حيث‭ ‬أعلن‭ ‬بوضوح‭ ‬عن‭ ‬خطأه‭ ‬فى‭ ‬إعطاء‭ ‬الفاشية‭ ‬أى‭ ‬فرصة‭ ‬لأن‭ ‬مصير‭ ‬الفاشيت‭ ‬ومكانهم‭ ‬الطبيعى‭ ‬خلف‭ ‬القضبان‭ ‬وخارج‭ ‬التاريخ‭ ‬الإنسانى‭ ‬

هناك‭ ‬من‭ ‬يحاول‭ ‬اجتزاء‭ ‬تاريخ‭ ‬الرجل‭ ‬الشجاع‭ ‬بخبث‭ ‬محاولا‭ ‬الهرب‭ ‬من‭ ‬تبعات‭ ‬مشروع‭ ‬السادات‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الحل‭ ‬العادل‭ ‬لأزمات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬فهذا‭ ‬الحل‭ ‬أو‭ ‬النسخة‭ ‬الأصلية‭ ‬يستلزم‭ ‬شجاعة‭ ‬وإقدام‭ ‬هذا‭ ‬القائد،‭ ‬أدرك‭ ‬السادات‭ ‬جيدًا‭ ‬فى‭ ‬لحظة‭ ‬تاريخية‭ ‬أن‭ ‬عرض‭ ‬السلام‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬وعلى‭ ‬العدو‭ ‬يعنى‭ ‬الاستسلام‭ ‬فكان‭ ‬قراره‭ ‬المصيرى‭ ‬بالحرب‭ ‬ليعبر‭ ‬بأمته‭ ‬من‭ ‬اليأس‭ ‬إلى‭ ‬الأمل‭ ‬وكان‭ ‬الرجال‭  ‬على‭ ‬الجبهة‭ ‬فى‭ ‬انتظار‭ ‬القرار‭ ‬وعلى‭ ‬قدر‭ ‬المسئولية‭ ‬المصيرية‭ ‬التى‭ ‬كلفوا‭ ‬بها،‭ ‬فى‭ ‬خلال‭ ‬ست‭ ‬ساعات‭ ‬أعاد‭ ‬الرجال‭ ‬للأمة‭ ‬الجريحة‭ ‬كرامتها‭ ‬وأفقدوا‭ ‬عدوهم‭ ‬توازنه‭ ‬وغيروا‭ ‬حسابات‭ ‬ونظرة‭ ‬العدو‭ ‬قبل‭ ‬الصديق‭ ‬وأهدوا‭ ‬للأمة‭ ‬المصرية‭ ‬درعًا‭ ‬وسيفًا‭ ‬ليكونا‭ ‬القدرة‭ ‬التى‭ ‬تصنع‭ ‬بها‭ ‬الأمة‭ ‬قرارها‭ ‬المستقبلى‭. ‬

كان‭ ‬يمكن‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬الانتصار‭ ‬التاريخى‭ ‬أن‭ ‬يستولى‭ ‬الزهو‭ ‬بما‭ ‬تحقق‭ ‬على‭ ‬السادات‭ ‬ويدفعه‭ ‬إلى‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬مجده‭ ‬الشخصى‭ ‬ويصنع‭ ‬أسطورة‭ ‬القائد‭ ‬المنتصر‭ ‬والحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مجهود‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬فما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬رجال‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬فى‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬1973‭ ‬هو‭ ‬انتصار‭ ‬عسكرى‭ ‬جبار‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس،‭ ‬عاش‭ ‬الفلاح‭ ‬المصرى‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭ ‬واستلهم‭ ‬الحكمة‭ ‬من‭ ‬حضاراتها‭ ‬وامتلك‭ ‬بصيرة‭ ‬لاتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬المناسب‭ ‬فى‭ ‬التوقيت‭ ‬المنضبط‭ ‬فلا‭ ‬يزهو‭ ‬بانتصاره‭ ‬أو‭ ‬يخشى‭ ‬المواجهة‭ ‬لاستعادة‭ ‬حقه‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬السادات‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الحكمة‭ ‬والبصيرة‭ ‬لأنه‭ ‬فلاح‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة‭. ‬

قرأ‭ ‬السادات‭ ‬بالحكمة‭ ‬والبصيرة‭ ‬المعادلة‭ ‬الدولية‭ ‬التى‭ ‬تتشكل‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولى‭ ‬قرأها‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬قرار‭ ‬الحرب‭ ‬المصيرى‭ ‬وبلاشك‭ ‬فقرارات‭ ‬السادات‭ ‬دائمًا‭ ‬مصيرية‭ ‬فى‭ ‬مسارها‭ ‬ففى‭ ‬يوليو‭ ‬1972‭ ‬طرد‭ ‬الخبراء‭ ‬السوفيت‭ ‬من‭ ‬مصر،‭ ‬بالتأكيد‭ ‬القرار‭ ‬له‭ ‬اسبابه‭ ‬التى‭ ‬رآها‭ ‬السادات‭ ‬وقتها‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قرار‭ ‬الحرب‭ ‬مصريًا‭ ‬خالصًا‭ ‬ولكن‭ ‬كان‭ ‬السادات‭ ‬يرى‭ ‬أمرًا‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬فى‭ ‬المعادلة‭ ‬الدولية‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬قوة‭ ‬عظمى‭ ‬هى‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتى‭ ‬تنتظر‭ ‬حكمًا‭ ‬قاسيًا‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬بسبب‭ ‬عوامل‭ ‬داخلية‭ ‬قبل‭ ‬العوامل‭ ‬الخارجية‭ ‬لقد‭ ‬توقع‭ ‬هذا‭ ‬السقوط‭ ‬السوفيتى‭ ‬قبل‭ ‬عشرين‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬حدوثه‭ ‬فعليًا،‭ ‬روى‭ ‬السادات‭ ‬واقعة‭ ‬حدثت‭ ‬أثناء‭ ‬إحدى‭ ‬زياراته‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتى‭ ‬فى‭ ‬المفاوضات‭ ‬المضنية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬السلاح‭ ‬من‭ ‬السوفيت‭ ‬البخلاء‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يصفهم‭ ‬فأثناء‭ ‬الاجتماع‭ ‬توقفت‭ ‬المحادثات‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أحضر‭ ‬أحد‭ ‬المسئولين‭ ‬فى‭ ‬سكرتارية‭ ‬الحزب‭ ‬الشيوعى‭ ‬ورقة‭ ‬وعرضها‭ ‬على‭ ‬القيادات‭ ‬السوفيتية‭ ‬الحاضرة‭ ‬للاجتماع‭ ‬وهى‭ ‬الأعلى‭ ‬فى‭ ‬الدولة‭ ‬وكان‭ ‬يلزم‭ ‬أن‭ ‬يوقع‭ ‬عليها‭ ‬الجميع،‭ ‬رئيس‭ ‬الحزب‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬ورئيس‭ ‬مجلس‭ ‬السوفيت‭ ‬الأعلى‭ ‬وتصور‭ ‬السادات‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حدثًا‭ ‬جللا‭ ‬دفع‭ ‬القادة‭ ‬السوفيت‭ ‬لقطع‭ ‬الاجتماع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بحث‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬يستلزم‭ ‬موافقة‭ ‬القادة‭ ‬جميعًا‭ ‬وعقب‭ ‬الاجتماع‭ ‬أصر‭ ‬السادات‭ ‬على‭ ‬معرفة‭ ‬طبيعة‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الخطير‭ ‬ليكتشف‭ ‬أنها‭ ‬برقية‭ ‬تعزية‭ ‬مرسلة‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬مسئول‭ ‬بها‭ ‬،‭ ‬استشف‭ ‬السادات‭ ‬هنا‭ ‬أنه‭ ‬أمام‭ ‬امبراطورية‭ ‬تأكلها‭ ‬البيروقراطية‭ ‬ويخنقها‭ ‬التكلس‭ ‬وقادتها‭ ‬مهتزون‭ ‬وأن‭ ‬حكم‭ ‬التاريخ‭ ‬قادم‭ ‬لها‭ ‬بلا‭ ‬رحمة‭.‬

بنفس‭ ‬هذا‭ ‬الاستشراف‭ ‬الساداتى‭ ‬حول‭ ‬طبيعة‭ ‬المعادلات‭ ‬وصعود‭ ‬وهبوط‭ ‬القوى‭ ‬العظمى‭ ‬كان‭ ‬سيدرك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قوة‭ ‬عظمى‭ ‬ترحل‭ ‬عن‭ ‬مقعدها‭ ‬من‭ ‬قيادة‭ ‬العالم‭ ‬لصالح‭ ‬عالم‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬الوقت‭ ‬أو‭ ‬قصر‭ ‬وأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تتآكل‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬عليها‭ ‬الخارج‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬الاتحاد‭ ‬السوفيتى‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬القوة‭ ‬المضطربة‭ ‬داخليًا‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬قيادة‭ ‬هى‭ ‬الأضعف‭ ‬فى‭ ‬تاريخها‭ ‬لايمكن‭ ‬الرهان‭ ‬عليها‭ ‬بأن‭ ‬تعطى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬أى‭ ‬استقرار‭ ‬فكان‭ ‬من‭ ‬الأولى‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬هذا‭ ‬الاستقرار‭ ‬داخليًا‭ ‬وكل‭ ‬الصياغات‭ ‬التى‭ ‬تطرحها‭ ‬وما‭ ‬تتمناه‭ ‬من‭ ‬تحالفات‭ ‬هى‭ ‬محض‭ ‬خيال‭ ‬وتعلق‭ ‬بماضى‭ ‬أمريكا‭ ‬الخمسينات‭ ‬التى‭ ‬أرادت‭ ‬إنشاء‭ ‬حلف‭ ‬بغداد‭ ‬وأجهضته‭ ‬مصر‭.‬فما‭ ‬يدور‭ ‬داخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الآن‭ ‬ليس‭ ‬تجاذبًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬أو‭ ‬اختلاف‭ ‬فى‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬بل‭ ‬انقسام‭ ‬حاد‭ ‬وشديد‭ ‬وصراع‭ ‬اجتماعى‭ ‬قد‭ ‬يؤدى‭ ‬إلى‭ ‬انفجار‭ ‬داخلى‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬غريب‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التى‭ ‬شهدت‭ ‬حربًا‭ ‬أهلية‭ ‬طاحنة‭ ‬استمرت‭ ‬4‭ ‬سنوات‭ ‬فى‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭. ‬

فى‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استشرف‭ ‬السادات‭ ‬طبيعة‭ ‬المعادلة‭ ‬الدولية‭ ‬القادمة‭ ‬وأن‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬قوة‭ ‬عرجاء‭ ‬لن‭ ‬يحقق‭ ‬له‭ ‬أى‭ ‬مساندة‭ ‬لأجل‭ ‬استعادة‭ ‬كامل‭ ‬حقوق‭ ‬أمته‭ ‬وأنه‭ ‬يجب‭ ‬مواجهة‭ ‬خصمه‭ ‬مباشرة‭ ‬فاتخذ‭ ‬قرار‭ ‬السلام‭ ‬وهو‭ ‬يحمل‭ ‬سلاح‭ ‬النصر‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬المجيدة‭ ‬،‭ ‬يجب‭ ‬التوقف‭ ‬هنا‭ ‬طويلا‭ ‬أمام‭ ‬قرار‭ ‬السلام‭ ‬الذى‭ ‬اتخذه‭ ‬السادات‭ ‬لنعرف‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬السلام‭ ‬وما‭ ‬يطلق‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬فقرار‭ ‬السلام‭ ‬الذى‭ ‬اتخذه‭ ‬السادات‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬فى‭ ‬غرف‭ ‬الفنادق‭ ‬المكيفة‭ ‬وداخل‭ ‬دهاليز‭ ‬شركات‭ ‬الدعاية‭ ‬وخزائن‭ ‬البنوك‭ ‬وكانت‭ ‬الاستعراضات‭ ‬فيه‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬الحقائق‭ ‬التى‭ ‬لايحب‭ ‬أن‭ ‬يتذكرها‭ ‬أصحاب‭ ‬مايطلق‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ .‬

قرار‭ ‬السلام‭ ‬الذى‭ ‬اتخذه‭ ‬السادات‭ ‬ولد‭ ‬على‭ ‬جبهات‭ ‬القتال‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ذاق‭ ‬العدو‭ ‬طعم‭ ‬الهزيمة‭ ‬وخسائر‭ ‬الحرب‭ ‬الحقيقية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬استعراضات‭ ‬بل‭ ‬حرب‭ ‬شرسة‭ ‬وانتصار‭ ‬صنعه‭ ‬الرجال‭ ‬بأرواحهم‭ ‬وبالنار‭ ‬والدم،‭ ‬لم‭ ‬يذهب‭ ‬السادات‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬مرتعشًا‭ ‬أو‭ ‬بحث‭ ‬عن‭ ‬مبررات‭ ‬فالمنتصر‭ ‬لايبحث‭ ‬عن‭ ‬تبرير‭ ‬‮«‬قد‭ ‬جئت‭ ‬إليكم‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬قدمين‭ ‬ثابتتين‭ ‬لكي‭ ‬نبنى‭ ‬حياة‭ ‬جديدة‭ ‬لكي‭ ‬نقِيم‭ ‬السلام‭ ‬‮«‬‭ ‬هذا‭ ‬ماقاله‭ ‬السادات‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬اجمع‭ ‬فى‭ ‬خطابه‭ ‬بالكنيست‭ ‬فى‭ ‬نوفمبر‭ ‬1977‭ .‬

لذلك‭ ‬فمن‭ ‬يريد‭ ‬إنقاذ‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬أزماته‭ ‬فليعد‭ ‬إلى‭ ‬النسخة‭ ‬الأصلية‭ ‬للحل‭ ‬التى‭ ‬قدمها‭ ‬السادات‭ ‬وصنعها‭ ‬بالحرب‭ ‬والسلام‭ ‬وكان‭ ‬مفترضًا‭ ‬أن‭ ‬تكتمل‭ ‬لولا‭ ‬المزايدين‭ ‬والمرتعشين‭ ‬والمتخاذلين‭ ‬والمخادعين‭ ‬الذى‭ ‬أوقفوا‭ ‬اكتمال‭ ‬مشروع‭ ‬هذا‭ ‬القائد‭ ‬الشجاع‭ ‬ويمكن‭ ‬قراءة‭ ‬هذه‭ ‬النسخة‭ ‬الأصلية‭ ‬فى‭ ‬كافة‭ ‬ما‭ ‬اتخذه‭ ‬السادات‭ ‬من‭ ‬قرارات‭ ‬ولكن‭ ‬يبقى‭ ‬النص‭ ‬الجامع‭ ‬لفكر‭ ‬السادات‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬خروج‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬أزماته‭ ‬متمثلا‭ ‬فى‭ ‬خطابه‭ ‬بالكنيست‭ ‬ويجب‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬بدهشة‭ ‬أمام‭ ‬هذه‭ ‬الكلمات‭ ‬المستقبلية‭ ‬التى‭ ‬قالها‭ ‬قبل‭ ‬45‭ ‬عامًا‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭  ‬‮«‬إن‭ ‬واجب‭ ‬المصارحة‭ ‬يقتضى‭ ‬أن‭ ‬أقول‭ ‬لكم‭ ‬ما‭ ‬يلى‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أجئ‭ ‬إليكم‭ ‬لكى‭ ‬أعقد‭ ‬اتفاقًا‭ ‬منفردًا‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬وإسرائيل‭ ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬واردًا‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬مصر‭ ‬فليست‭ ‬المشكلة‭ ‬هي‭ ‬مصر‭ ‬وإسرائيل‭ ‬وأى‭ ‬سلام‭ ‬منفرد‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬وإسرائيل‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬المواجهة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬فإنه‭ ‬لن‭ ‬يقيم‭ ‬السلام‭ ‬الدائم‭ ‬العادل‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها‭ ‬بل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فإنه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تحقق‭ ‬السلام‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المواجهة‭ ‬كلها‭ ‬وإسرائيل‭ ‬بغير‭ ‬حل‭ ‬عادل‭ ‬للمشكلة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لن‭ ‬يحقق‭ ‬أبدا‭ ‬السلام‭ ‬الدائم‭ ‬العادل‭ ‬الذي‭ ‬يلح‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬اليوم‭ ‬عليه‮»‬‭. ‬

هذا‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬فى‭ ‬نسخة‭ ‬الحل‭ ‬أو‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬المستقبلى‭ ‬الذى‭ ‬ألقاه‭ ‬السادات‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬قبل‭ ‬45‭ ‬عامًا،‭ ‬لم‭ ‬يتحدث‭ ‬السادات‭ ‬فى‭ ‬خطابه‭ ‬عن‭ ‬أحلاف‭ ‬متخيلة،‭ ‬ومصالح‭ ‬ضيقة‭ ‬،‭ ‬وصفقات‭ ‬زائلة‭ ‬،‭ ‬وصنع‭ ‬أعداءً‭ ‬من‭ ‬ورق‭ ‬لقد‭ ‬وضع‭ ‬السادات‭ ‬أسس‭ ‬وخريطة‭ ‬طريق‭ ‬لهذا‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬المأزوم‭ ‬ليخرجه‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬الاضطراب‭ ‬إلى‭ ‬سلام‭ ‬عادل‭ ‬حقيقى‭. ‬


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة