آمال عثمان
آمال عثمان


أوراق شخصية

.. والحب فى سوق العتبة! (2)

آمال عثمان

الجمعة، 22 يوليه 2022 - 08:40 م

حينما ذهبتُ إلى مسرح الطليعة العريق، انتابتنى صدمة كبيرة وأنا أحاول شق طريقى إلى المسرح، توارت البوابة خلف الملابس والأحذية والحقائب وغيرها من البضائع، لم أكن أتوقع أن أشاهد تلك العشوائية والهرج والفوضى التى تحيط المسرح من كل حَدَبٍ وصَوْب، وعربات الباعة الجائلين التى تطوقه وتحاصره من كل الاتجاهات، أهكذا وصل حال المسرح الذى شهد أهم التجارب المسرحية الطليعية، وتولى مسئوليته مجموعة من أهم المبدعين المسرحيين ممن أثروا ساحة الإبداع على مدى 60 عاماً؟! 

سنوات طويلة لم تطأ قدماى تلك المنطقة، ولكننى ظننت - وبعض الظن إثم - أن الاحتفال بمرور ستة عقود على إنشاء مسرح الطليعة، وبعد تطوير المسرح وتجديده بهذه المناسبة التى تعكس كم كانت مصر تلاحق وتواكب الحركات الفنية والإبداعية الحديثة فى العالم، أقول إن كل ذلك كان كفيلاً بأن يبعث الطمأنينة فى قلبي، ويدفعنى لاتخاذ قرارٍ جسورٍ بدعوة عدد من الضيوف العرب والمصريين، للاستمتاع معى بعمل مسرحى للكاتب «جابريل جارثيا ماركيز» أشهر كُتَّاب الواقعية السحرية، ومشاهدة عمل مسرحى مأخوذ عن روايته الأشهر «الحب فى زمن الكوليرا»، وكم كنت أتوق لمشاهدة الرواية التى تدور أحداثها فى نهاية القرن التاسع عشر، فوق خشبة مسرح اشتهر بتقديم أعمال تجريبية، وتجارب مسرحية طليعية.

والحق أقول إن العرض كان كفيلاً بأن يُذهب عنى كل المشقة، والمعاناة التى تكبدتُها للوصول إلى المسرح، ويُنسينى أن الحب بات فى زمن العتبة، وليس فى زمن الكوليرا، وإن كان الفرق ليس كبيراً!!

وهنا أود الإشادة بمهندس الإضاءة عز حلمى، الذى أبدع فى تصميم إضاءة شاعرية ملائمة لأجواء العرض وتطوره، ومتوافقة مع مشاعر أبطاله، وديكورات مينا رضا مصمم المناظر، ومصمم الاستعراضات محمد ميزوفى، وألحان وليد الشهاوى المستوحاة من الموسيقى اللاتينية، كذلك مصممة الأزياء مها عبد الرحمن التى أحسنت اختيار الملابس فى ضوء ضعف ميزانيات مسرح الدولة، ونجح المخرج السعيد منسى فى توظيف كل تلك العناصر لتجسيد رؤيته المسرحية.

يا سادة.. ألم يشفع التاريخ الحافل لهذا الصرح الفنى الذى لعب دوراً بارزاً فى الحركة التنويرية، لكى نحميه من طغيان الباعة الجائلين الذين يفترشون الطريق ببضائعهم حتى البوابة الرئيسية؟! إنها مأساة حقيقية تعيشها أهم الدور المسرحية فى منطقة سوق العتبة، والغريب حقاً أننا نتساءل: لماذا انصرف الجمهور عن المسرح؟!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة