هشام مبارك
هشام مبارك


هشام مبارك يكتب: على قد الفكرة !

هشام مبارك

الأحد، 24 يوليه 2022 - 03:33 م

ثورة دي ولا انقلاب؟!.. رغم أنها تكبرني فقط بحوالي أحد عشر عاما إلا أنني أعترف أنني حتى الآن غير قادر على الحكم عليها. هى مواليد عام ألف وتسعمائة واثنان وخمسون وقد جئت أنا للحياة عام ألف وتسعمائة وثلاثة وستون,ومع ذلك أعترف أننى لم افهمها حتى هذه اللحظة.هى أكملت السبعين من عمرها وأنا أستعد لبلوغ محطة التاسعة والخمسين من عمري.ومع ذلك لا أشعر أننى بلغت سن النضج الذي يجعلني أجيد الحكم علي الناس والأشياء ,لذا  تظل حتى الآن بالنسبة لي لغزا مبهما صعب الحل.هل هى جنة أم نار, ليل أم نهار. هزيمة أم انتصار.

لن تحتاج مجهودا كبيرا لتعرف عزيزى القاريء اننى اتحدث هنا عن ثورة يوليو المجيدة التى سمعت عنها لأول مرة وأنا مجرد طفل لم يبلغ الحلم.هكذا عرفت أن اسمها مجيدة ولا أدرى حتى الآن لو كان مجيدة ظل مجرد اسما أم أنه صفة التصقت بها.كان أبى رحمه الله كلما جاءت سيرة ثورة يوليو عام ألف وتسعمائة واثنان وخمسون بادر لتصحيح الكلمة قائلا:كانت تسمى فى بداية عهدها حركة الجيش المباركة وهو الاسم الذي أطلقه عليها صانعوها أنفسهم.وعندما سألته لو كان يقصد بأنها كانت انقلابا قامت به مجموعة الضباط الأحرار ضد الملك,كان يقول فى البداية كانت كذلك لكن نجاح الانقلاب على المستوى الشعبى حولها إلى ثورة حقيقية.ربما تشكك صناع الثورة فى البداية من نجاحها فأطلقوا عليها حركة الجيش المباركة تدليلا لكلمة انقلاب.لكن مع النجاح الجماهيري الجارف تحولت لثورة.

مشاعرى الحيادية تجاه جمال عبد الناصر,ساهمت فى ذلك الشعور الذي ينتابني وجعلنى عاجزا عن الحكم على ثورة 23 يوليو.لم أكن يوما ناصريا أحب الزعيم وسار فى دربه بدون تفكير, ولا فكرت يوما فى ارتداء قميص عبد الناصر وهو الوصف الذي أطلقه السادات على بعض خصومه.ربما صدقت كلمات الأغانى التى تحدثت عن عبد الناصر كزعيم ملهم.نعم صدقت اغانيه أو إن شئت الدقة صدقت الصدق الذي عبرت عنه أغانيه التى رددها الشعراء الذين أمنوا به ومن معهم من المطربين والملحنين.ذلك الصدق الذي جعلها تعيش بيننا حتى اليوم عكس أغاني المناسبات التى تطل علينا حتى الآن ولا يتذكرها أحد بمجرد انتهاء الاحتفال بالمناسبة حتى من صنعوها أنفسهم.

أما ثورة يوليو نفسها فلا زلت منها فى حيرة مراهق لا يدري حقيقة مشاعره تجاه واحدة من البنات يظن كلما رآها يعتقد أنه يحبها, بينما عندما تغيب عنه ويسمع عنها كلاما من آخرين غير رأيه وقرر أن يقاطعها إذ كيف له أن يحب فتاة سيئة السمعة.مراهق لا يعرف أين مصلحته العملية,هل هي في الامتثال لرأي أبويه فى اختيار كلية تضمن له مستقبلا عمليا أم يمتثل لرأيه هو ويختار دراسة ما يحب بغض النظر عن المستقبل؟.مراهق سياسي تربى على أن السياسة فعل من عمل الشيطان فاجتنبوه, فكانت النتيجة انه لا يعرف بعد ان ودع المراهقة والشباب وربما الشيبة, حقيقة لو كانت تلك الثورة  غيرت وجه التاريخ كما يروج عرابوها,أم أنها كانت وبالا على الشعب وأنه لولاها لكان لنا شأن آخر بين الامم غير وضعنا الحالى كما يؤكد معارضوها؟.هل هى سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا أم أنها ماء منهمر تفتحت به أبواب السماء لإنقاذ غلابة دعوا ربهم اننا مغلوبون فانتصر, فجاء يجري بأعين الله جزاء لمن كان كفر من الملك وحاشيته الظالمة؟!

الشيء الوحيد المؤكد لدى أنني سأرحل يوما ما وستبقى هي عمرا طويلا,فعمر الإنسان مهما بلغ من العمر أرذله محدود, بينما عمر الثورات ممدود, سواء كانت ثورات حقيقة أم مجرد وهم خطط له وقاده  بعض المنتفعين من أصحاب المصالح للضحك على عقول الناس بعد إحكام السيطرة على قلوبهم!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة