سمير الجمل
سمير الجمل


عمتى «إليزابيث».. فى كفر «واشنطن»!!

الأخبار

الإثنين، 25 يوليه 2022 - 06:58 م

بقلم: سمير الجمل

كاد أن يغمى علىّ عندما تذكرت أنه فيما مضى كان يمكن أن يشترى طابونة أو مخبزا

أنا الفقير إلى الله.. الذى عاصر حذاء باتا الذى يقف سعره دائما عند ٩٩ قرشا لا يتجاوزها إلى اللحلوح الصحيح.. وأرتدى مريلة تيل نادية البيج التى هى أشبه بقميص مستشفى المجانين.. بدون زوج التمرجية المصاحب دائما لمشهد قميص الأكتاف.. فقد كانت المريلة أيضا بقماشها الرخيص لها رباطها من الخلف ومما يفيض يضعون لنا «مخلة» أو شنطة من نفس القماش.. كثيرا ما ضاعت منى بما فيها من كتب الوزارة وقد وضعتها متطوعا كعارضة للمرمى فى ماتش كورة شوارعى قبل المدرسة أو بعدها.. لأن الفسحة والتى أصبحت عقبال أملتك اسمها الحالى «البريك».. ودخلت عملية التغيير مثل المريلة فأصبحت «يونى فورم».. والشنطة الغلبانة تحولت إلى «تريللا» بما تحتويه من «البوكس لانش» وزمزمية الماء.. وسائر الأدوات كأن الولد المسكين طالع على جبهة القتال محصنا بكل ما يحتاجه وما لا يحتاجه.

أنا الفقير إلى الله.. الذى ذهب يوم وقفة العيد يتزود بالمخزون الإستراتيجى من «العيش» واكتشفت أنى دفعت «مائة جنيه» فى المحمص الطرى والبلدى والأفرنجى.. وهو مبلغ كاد أن يغمى علىّ عندما تذكرت أنه فيما مضى كان يمكن أن يشترى طابونة أو مخبزا.. وقد كان من العار أن نأكل من عيش السوق.. وأفران البيت ترقص فيها النيران أغلب الأوقات وتخرج على أنغامها الفطائر والمرحرح والبتاو.

أنا الفقير إلى الله الذى تعلم فى حياته كلها بما فى ذلك سنوات الإعارة بمصروفات مدرسية وجامعية أقل من ثمن «كوتشى» لأحد فراودة هذه الأيام الانترناشيونال والخاص والتجريبى وحتى الحكومى.

أنا الفقير إلى الله.. الذى شرب الحاجة الساقعة بقرش ونص «الجنيه المسخوط يساوى مائة قرش لمن لم يحضرنا من أول الماتش وكان يقف فى البلكونة يلطم الخدين على الطعمية التى عاشت معه العمر كله.. حتى ناداها مؤخرا باسمها المعتاد فلم ترد عليه ولو بنظرة قال إيه بقى اسمها «جرين برجر» وسبحان من له الدوام».

أنا الذى دخل سينما الأندلس فى العباسية وهونولولو فى حدائق القبة.. ومسرة فى شبرا.. والفنتازيو فى الجيزة «بقرشين».
أنا الفقير إلى الله ابن البفتة والدمور والكستور والكساء الشعبى والاستمارة العائلية ذات الخمسة جنيهات وكانت تكفى لستر فاميلية بأكملها فى «سيزون» شتوى أو صيفى.. مع شديد اعتذارى وتقديرى للمستر «بوكسر ابن أندر» الذى أطل علينا فى سنواتنا الأخيرة.. «بالرحرحة الصُح» مع أن المذكور إياه كان يسع الأخ وأخاه وابن الجيران من وسعه واتساعه..!!

أنا الفقير إلى الله.. الذى تسلم مؤخرا رسالة إلكترونية من مستر أمريكى لا أعرفه.. لكنه وجد ان لقبى «الجمل».. وأراد أن يلاغينى على هذا الأساس.. وأن يبشرنى أن عمتى «إليزابيث» التى كانت متزوجة من عمى «أليكس الجمل» والله العظيم الرسالة حقيقية ولم يتدخل فيها خيال الكاتب.. إلا فى الطلعة الاستبقاية لزوم التسخين.. المهم أن هذا المستر ابن «المساتر».. أخبرنى أن عمتى إليزابيث التى كانت تسكن فى كفر واشنطن.. وهى سيدة أعمال مقرشة ماتت هى وعمى أليكس.. وبحثوا لهما عن وريث تهبط على نافوخه ثروة تقدر بـ ٣٧ مليون دولار.. «بدون نخع أو فبركة» وأن هذا المستر الذى يعمل فى أحد البنوك المهمة صعب عليه أن يضع المبلغ خاصة أن العمة رحمة الله عليها.. مقطوعة من ترى «شجرة».. وليس لها «صن» «ولد» ولا جيرل «بنت» وأن المستر اختارنى واصطفانى من بين عائلة الجمل وهى منتشرة فى أرجاء الجمهورية والدول العربية وأبرزها فى فلسطين والأردن ولبنان.. وفيهم المسلم والمسيحى.. والله أعلم إن كانت هناك ديانات أخرى بينهم.. وأخبرنى فى رسالته المطولة.. بأن كل المطلوب منى.. الموافقة على أن تتم العملية على نضيف «المستر وأنا والأفوكاتو الذى سيقوم بطبخ الهبرة على نار دولية».

ورغم أنى أدرك تمام الإدراك واليقين أن المستر نصاب مستجد فى المهنة وأنه يحتاج إلى كورس تأهيلى عند أصغر «مستريح» فى أكاديمية الفهلوة العليا لأمور الثلاث ورقات لكن نفسى الأمارة بالسوء فرشت لى الأرض دولارات وأنا أخصص هذا المبلغ الحلو لكى أنتج أعمالى الدرامية.. وأنافس كبار المؤلفين والمخرجين من أمثال تركى آل شيخ وتامر بن حسنى وياسمين بنت صبرى.

ثم استبعدت الفكرة واستعذت بالله من الشيطان الرجيم الذى سبق له أن هرش دماغى عندما وصلتنى رسالة عربية هذه المرة ومن سيدة تدعى أنها ابنة العقيد القذافى «عائشة».. وتخبرنى أنها تعيش فى بلد عربى شقيق وأن ثروتها كلها مجمدة فى فريزر أحد البنوك وأنها تحتاج إلى ولد ملهلب مثلى لكى يفك ثلجها.. وهى أيضا تقدر بالملايين.. ومن سوء حظ الست النصابة إنى حضرت مسابقة عائشة العالمية لحفظ القرآن الكريم فى ليبيا أكثر من مرة.. وقد قابلتها شخصيا وأعرفها.. والحكاية مضروبة.

ونفس الشىء جاء من واحدة تنتحل شخصية أرملة الزعيم الفلسطينى ياسر عرفات «الست سها».
وبمنطق الفقر الدكر تذكرت فى الثمانينيات عندما أمسكت بأول «باكو» «ألف جنيه» من الورق الأحمر أبو عشرة.. قبل أن نصل إلى عصر العشرة البلاستيك الملعلعة.. وكيف أن فركة كعب كانت تفصل بينى وبين أزمة قلبية حادة.. وأنا أقلب الأستك الذى يحتضن الألف الجديدة الشامخة وكان بودى أن احتفظ بها كما هى فى متحف العائلة الكريمة على اعتبار أنه حدث تاريخى لا يعادله إلا وصول فريقنا القومى إلى مونديال كأس العالم دورتين على بعضهما.. وبدون فواصل.

دولى يا باشا
أنا الفقير إلى الله.. الذى دخل فضاء مولانا «الفيس».. وسيدنا «الواتس» على كبر وبعد أن اشتعل الرأس صلعا ومايزال يكتب مقالاته على الورق اعتمادا على كرم زميلى الكاتب الصحفى الكبير محمد درويش الذى يتحملنى بما أنى من الآثار القديمة التى يجب الحفاظ عليها.

وقد جاء دخولى إلى الفضاء الفاضى الوهمى الافتكاسى.. فرصة أتاحت لى أن أرى وأتابع الكثير من أمور النصب الدولى ليست فقط على شخصى الغلبان.. لكن على الملايين.. ويكفى أنك تستطيع أن تكسب من فوق الكنبة عدة جنيهات وأنت فى بيتك فقط كبر دماغك وبلاش عقد وكلاكيع ونفذ الأوامر وانت قاعد.. يكفى فقط مائة دولار هى ثمن استمارة تسود أسطرها لأنك أيها المحظوظ قد فزت فى السحب على مائة ألف دولار فى جنوب إفريقيا.. ابسط يا عم.. وأرسل بياناتك.

وبالمناسبة نصاب محلى عبيط أرسل رسالة عادية على التليفون يخبرنى فيها أن حساباتى فى البنوك قد توقفت.. وأن المطلوب أن اتصل به على الرقم الفنكوش الذى تركه لى.. والعبيط لا يعرف أن حساباتى كلها أحولها أولا بأول على سويسرا.. وفى مقدمتها بدل التكنولوجيا الذى يأتينا طازجا من كل شهر من نقابة الصحفيين وأصبحت زيادته .. مرتبطة بكل موسم انتخابى لنقيب جديد أو متجدد.. حتى سألنا المولى سبحانه وتعالى أن تكون الانتخابات كل شهر.

وتتعدد عمليات النصب الغاشمة على أمثالنا.. وكأننا قد أصبحنا مشاريع لتخريج المحتالين من جامعة الهمبكة الدولية ورحم الله مؤسسها الفنان القدير توفيق الدقن الذى أطلقها دولية من أول لحظة وهو يهتف بصوته المميز وملامحه البديعة:

ألو يا أمم!!
وحتى ساعته وتاريخه.. لا نعرف إن كان يقصد الست الفاضلة الأمم غير المتحدة.. أو كأس الأمم.. لكن الرأى الغالب الشائع أنها «الأمم» التى يبدو أن ماما أمريكا قفشتها فى وضع مش ولابد وبدأت تبتزها.. وتفرض عليها كلمتها فى الهايفة والتقيلة.. بدليل أن أمريكا فى يدها عصا تعاقب بها من يخرج عن طوعها.. وهى تقدم هداياها للدول المتحاربة الضارب والمضروب على حد سواء.. على أساس أن تجارة السلاح أكل عيش.. ولا دخل لها بالانحياز إلى دولة على حساب أخرى.. ثم إن المخازن على آخرها.. ولابد من تصريف البضاعة.. والخيبة التقيلة أن تعيش الدول فى سلام.. والسلاح لا قيمة له بدون حرب.. وهاهى أبلتى الشيكا بيكا كما أطلق عليها عمنا السعدنى رحمة الله عليه تقدم السلاح إلى أوكرانيا بخلاف «الكاش» حتى إذا خربت فى حربها مع روسيا التى تم عقابها برفع اليدين إلى أعلى ووجهها إلى «حائط المبكى» أو حائط برلين.. عندها وبعد الخراب والدمار ستبدأ أمريكا فورا فى الإعلان عن سلسلة مؤتمرات على أعلى مستوى لاعادة الإعمار.. وبصراحة أنا مشفق عليها جدا..

وعلى كل قلب طيب..ينوى أن يشارك فى عمليات الإعمار هذه.. لكن هيلاحق على إيه ولا إيه ولا إيه فى ليبيا أو العراق أو لبنان أو سوريا والصومال واليمن أو أفغانستان وفنزويلا وغيرها من البؤر الساخنة فى العالم.. أو تلك التى هى تحت التسخين.. وتحتاج إلى عفريت تطلقه أمريكا.. حتى تسرع الدول المحيطة بالعفريت.. لكى تفك الكيس وتشترى ما استطاعت من سلاح خوفا على نفسها من الفتنة.. وتنسى أن العفريت صديق شخصى للبيت الأبيض الغامق.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة