السيد النجار
السيد النجار


يوميات الأخبار

.. سيدة القرن

الأخبار

الخميس، 28 يوليه 2022 - 08:13 م

«تعيش فى الوحل.. البيئة الأسوأ تلوثًا.. ورغم ذلك فهى الأطهر والأنقى على ظهر الأرض، بعد الكشف عن كل أسرارها ستكون حياتك أكثر راحةً وأقل تكلفةً».
بعيدًا عن كورونا المفزعة، والحرب الروسية المخيفة، وتوترات كوارث تجتاح العالم من هذه وذاك. أبحث عن ملاذٍ آمن، وكثيرًا ما أجده بين صفحات تاريخ الحضارة المصرية القديمة، التى ما زالت تُحيِّر العالم بتقدمها وأسرارها، ونحن فقط نعيش على أطلالها.. وفجأة بزغت بين الصفحات قصتها.. تحريت عنها وقرأت أخبارها، وتوالت المفاجآت. أحببتها، وازداد عشقى  لها، بعد أن عرفت جمال ظاهرها وسحر باطنها، ودون إدراك منك ستعرف طريقها إلى عقلك وقلبك ووجدانك، أجدادك الفراعنة عرفوها وأحبوها واكتشفوا أسرارها.. اعتبروها رمزًا للجمال والطهارة والنقاء.. مهلًا.. أتحدث عن وردة.. زهرة اللوتس، جعلوها أقدس الأزهار وسيدة العطور، ازدانت المعابد برسوماتها، واتخذها الجيش المصرى شعارًا له منذ القائد العسكرى الفذ الملك أحمس، وظلت حتى اليوم تاج العمارة والهندسة..
يقول علماء اليوم، لوكان الفراعنة سجّلوا اكتشافاتهم فى الاستفادة من زهرة اللوتس، لكفانا ذلك وسرنا على دربهم، دون الحاجة إلى سنوات من البحث والاختراع، ولكننا للأسف لا نعرف عنها إلا القليل النادر، شذرات مما توصل له الفراعنة فى الطب والعلاج والتكنولوجيا الدقيقة، وكثيرًا من مناحى الحياة، حتى العطور والتجميل. لم أتعجب لإصدار الرئيس الأمريكى السابق بيانًا رئاسيًا باعتبار «القرن ٢١.. قرن اللوتس».. بمعنى أن الأولوية للبحوث فى أمريكا طوال السنوات القادمة ستكون لكشف أسرار هذه الزهرة، واستخلاص المكونات المتوقع أن تحدث طفرة علمية وطبية وتكنولوجية فى حياة البشرية.. سيدة زهور العالم المصرية، انشغل بكشف ألغازها عدد من مراكز الأبحاث الأوروبية على مدى الثلاثين عامًا الماضية. تمكّنوا من تحقيق نتائج، لفتت انتباه الأمريكان جيدًا، واعتبروا ما حدث تقصيرًا مخجلًا لهم.. وأثار حفيظتهم وغيرتهم. قالوا إذا بعض الدول الأوروبية عرفت أسرار الزهرة ومكوناتها، فنحن الذين سنكتشف التطبيقات العملية لها. ولذلك كان البيان الرئاسى الذى اعتبر أن القفزة الكبيرة فى تطور البشرية رهن بخطواتنا التنفيذية لتحويل المعلومات النظرية إلى استخدامات فى حياتنا.

الزهرة تعيش فى البيئة الأسوأ تلوثًا، فى وحل البرك والمستنقعات والمياه الضحلة.. ورغم ذلك.. وهذا ما كشفته البحوث حتى الآن.. هى الأنقى والأطهر على ظهر الأرض− لا نسبة تلوث نهائيًا− أنقى من البيئة داخل سفن الفضاء وغرف العمليات بالمستشفيات، خصائصها الخارجية ومكوناتها الداخلية كشفت سر نقائها، لا يمكن أن تعلق بها أتربة أو ميكروبات مهما كانت دقيقة، ما يعمل عليه الأمريكان الآن.. كيفية الاستفادة من هذه الخصائص التى كشفها غيرهم، ستكون ثورة علمية وطبية فى عمليات القلب وعلاج الأمراض الخطرة واستخدامها فى المكونات التكنولوجية فائقة الحساسية، مثل سفن الفضاء والميكروسكوبات، وصناعات الأدوية والفيتامينات بجميع  أنواعها ومستحضرات التجميل والعطور.

كثير من الرفاهية

لن تكون الاكتشافات الجديدة بعيدة عن حياتك اليومية− سوف تستمتع بحياة أكثر رفاهية وأقل تكلفة. منها يصنعون ملابس لا تحتاج إلى غسيل، ودهانات تغنيك عن تنظيف الجدران والأبواب والنوافذ، لن تحتاج إلى غسيل سيارتك، وغيرها مما لا حصر له من استخداماتك فى الحياة. كل شىء سيكون جديدًا دائمًا لا يحتاج إلى غسيل أو تنظيف نهائيًا.

زهرة اللوتس تتمتع بجمال أخاذ وألوان زاهية، تتفتح كل يوم مع بداية النهار، وتغلق أوراقها مع قدوم الليل، نسج الفراعنة حولها الكثير من الأساطير، بالبعث والممات، والبداية والنهاية. تنتشر فى كل ربوع مصر، كأنها رسالة من الأجداد الفراعنة، تركوا لنا ميراثًا إنسانيًا جعل من مصر وجهة للسياحة العالمية. واكتشفوا لنا أسرار زهرة اللوتس، يدر تصديرها مستقبلًا أموالًا تفوق دخلنا السياحى، مصر حباها الله بهذه الزهرة لتصبح سيدة القرن ٢١ ولتشيع بهجة فى نفوس المصريين وموارد مادية لمزيد من رفاهية حياتهم!

كورونا والتسامح

على هامش نكد كورونا، نلاحظ حالة من التسامح الدينى والعرقى بأوروبا وأمريكا، وحالة من الهدوء النفسى بين الناس بمنطقتنا العربية.. الوجوه هادئة وكأن اللسان يلهج العمر لحظة، ومفيش.. حاجة تستاهل.. فى أوروبا بعض دور الأوبرا تقدم فقرات أناشيد دينية إسلامية. وإطلاق الأذان بمكبرات الصوت فى المساجد لأول مرة، بل ويدعو حزب بريطانى أعضاءه لصيام يوم فى رمضان.. كما شهدنا عدداً كبيراً من اللقاءات والندوات بكنائس أمريكا، يركز فيها القساوسة على قيم التسامح الدينى والمحبة بين الناس دون تمييز فى اللون والعرق والدين.

هل تستمر هذه الحالة من التسامح والتفاهم ما بعد كورونا، أم سيكون الحال مثل ركاب مركب مهددة بالغرق.. كل راكب يدعو بالنجاة، ومع ازدياد الخطر يعلن التوبة صارخًا من أعماق قلبه طالبًا الرحمة والمغفرة، راجيًا أن يسامحه كل من أساء إليه أو أخطأ فى حقه.. شاء الله بنجاة المركب، يجلس الركاب فى حالة من الذهول ينتابهم هدوء نفسى، ومجرد أن تطأ أقدامهم الشاطئ.. عاد فرعون داخل كل واحد من جديد، وكأن شيئًا لم يكن.. هكذا الإنسان!

الأيكونوميست.. صاحبة الجلالة

الثقة.. الموضوعية.. الحقيقة.. جودة المضمون.. الولاء للقارئ.. روشتة أفضل «ميثاق ووثاق» لأى صحيفة أو مجلة، نهدى هذه التوليفة لكل من يُحذر باندثار الصحافة الورقية، أو تدهور حالها يومًا بعد يوم حتى تموت تلقائيًا. هذه المبادئ هى التى حكمت عمل أكبر وأقوى، أشهر وأقدم المجلات الورقية «الأيكونوميست» الإنجليزية «١٧٧ عامًا» دون توقف فى عدد أو انحراف عن مبدأ، مع تميز كل عدد من المجلة وازدهارها عامًا بعد عام حتى وصل توزيعها لمليون ونصف المليون نسخة أسبوعيًا.. ينتظرها الحكام والساسة والخبراء والعلماء فى أرجاء المعمورة، وليس القارئ .. العادى فقط، هى لهم منارة الرأى السديد فى أهم قضايا الأسبوع عالميًا.. كثير من الوزراء والساسة يقولون «عندما يرتبك علىَّ أمر.. أنتظر الأيكونوميست حتى أستطيع اتخاذ القرار»، ولمزيد من الموضوعية، تعتبر المجلة الوحيدة فى العالم، التى لا ينشر بها اسم محرر أو كاتب، ولا حتى رئيس التحرير.. رأيهم الاسم لا يهم، ما يكتب هو الأهم وفى نفس الوقت فإن عدم التوقيع  بالاسم على الموضوعات المنشورة يضفى مزيدًا من الحرية، ويريح المحرر من ممارسة أى ضغوط عليه.. فعلًا.. الأيكونوميست هى صاحبة الجلالة.

معارض الآثار

وقفت السيدة ذات السبعين عامًا تبكى أمام إحدى القطع الأثرية فى معرض الآثار المصرية بمدينة ميونيخ الألمانية.. اقتربت منها.. تبدو عليها مشاعر حياتية مختلطة ما بين الفرحة والحزن، والدهشة والانبهار، الأسى والأمل.. قالت يمضى العمر ويبدو أنى سأموت دون أن أحقق حلمى الكبير.. تساءلت.. ماذا..أن أزور مصر.. أن أرى هذه الحضارة العظمية.. قرأت عن مصر وتاريخها وحضارتها وآثارها الكثير.. فأى متعة وثقافة إذا زرت مواقعها الأثرية، بعظمة معابدها وجلال مقابرها ومتاحفها الفريدة، وموطن شعاع العلم والنور الذى أشرف على العالم من آلاف السنين.. أنا سعيدة أن أتيحت لى الفرصة لزيارة هذا المعرض.. دموعى فرحة وانبهار بمشاهدة القطع المعروضة، وحزنًا وخوفًا ألا تتاح لى الفرصة لزيارة مصر.

القصة منذ ٤٠عامًا، وبالتأكيد رحلت السيدة الألمانية عن دنيانا. ولكن ما ليس أكيدًا هل زارت مصر أم لا..؟ ولكنى تذكرت حوارها بينما أتابع أخبار جولة معرض الفرعون الشاب توت عنخ آمون بعدد من مدن العالم. والتى واكبها طوفان من التقارير الصحفية والتغطية التليفزيونية للشبكات العالمية، عن مصر.. التاريخ والحضارة.. عن مصر.. الماضى والحاضر والمستقبل عن مصر.. إن مت قبل زيارتها فأنت لم تعش.

بعد خراب مالطة

الكاتب الأمريكى الشهير «بوب وود ورد» ذكر فى أحدث كتبه أن الأمريكان اشتغلوا على إعداد تقارير مراجعة بعد غزو العراق.. ماذا خسروا.. وماذا استفادوا.. المراجعة استمرت ١٥ عامًا وأشرفت عليها المخابرات الأمريكية «السى− أى− أيه» بمشاركة عدد من الوزارات والخبراء.. أكدت النتائج أن التدخل الأمريكى فى العراق كان خطأ جسيمًا، وتتحمل المخابرات نفسها المسئولية المباشرة لما حدث.. وقالوا إن حرب العراق سيدور تاريخ الشرق الأوسط والعالم حولها لسنوات طويلة قادمة. وإنها أحدثت عدم استقرار فى المنطقة، وتمكين إيران وازدياد نفوذها.. أما الخلاصة المهمة التى توصلوا لها عن مبررات الحرب فتقول نصًا: «طالما أن الهدف كان التخلص من صدام حسين، فقد كان من الممكن تنفيذ عملية اغتيال غير مباشر».

أخيرًا.. بعد خراب مالطة يعترف الأمريكان بالخطأ.. أما الخطيئة فقولهم جهارًا عيانًا.. إن هدفهم كان اغتيال صدام؟!
دعوة للتأمل

الفشل.. أن تتوقف عن محاولة النجاح.. والنجاح قرار.. والقرار إرادة، مهما كانت التحديات.. وإذا لم تمتلك الإرادة وتكشف قدراتك.. فأنت أول عقبة حقيقية أمام نجاحك.
همس النفس

أحيانًا يكون الصمت الرهيب، صخباً عنيفاً.. وكثيرًا ما يكون النأى البعيد، قربًا للقاء الروح.. يا من عز به اللقاء.. لحظة حب واحدة تستحق أن أمضى العمر فى الانتظار.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة