جلال عارف
جلال عارف


فى الصميم

بين دبلوماسية القمح.. وحرب الغاز

جلال عارف

الجمعة، 29 يوليه 2022 - 06:58 م

بعد ستة شهور من اندلاع الحرب فى أوكرانيا تعود الحياة للاتصالات الدبلوماسية بين واشنطون وموسكو.

إعلان وزير الخارجية الأمريكى «بلينكن» عن أول اتصال مع وزير الخارجية الروسية «لافروف» يكسر حاجز القطيعة بين الجانبين.

التطور المهم لا يقلل منه الاعلان الأمريكى أن الأمر سينحصر فى تبادل المحتجزين لدى الجانبين، وصفقة السماح بتصدير القمح الأوكراني، ولا التأكيد من واشنطون على أن الحرب لن تناقش فى غيبة الأوكرانيين!

لا أحد سيصدق أن كل ما يهم أمريكا هو الافراج عن اثنين من الامريكيين المحتجزين من روسيا مقابل الإفراج عن سجين روسى أو أكثر فى سجون أمريكا..

خاصة أنه فى نفس اليوم الذى أعلن فيه الاتصال بين بلينكن ولافروف كان وزير الخارجية الأمريكى يستقبل أسرة شيرين أبو عاقلة الصحفية الفلسطينية التى تحمل الجنسية الأمريكية، وكان الوزير يرفض مجددا الطلب بتحقيق أمريكى مستقل فى القتل العمد لمواطنة أمريكية بأيدى الإسرائيليين!!

ولا أحد يجادل فى أن أزمة القمح الاوكرانى كان من الممكن أن تنشأ أصلا لولا الرغبة فى استغلالها فى الحرب الدعائية بين موسكو وواشنطون، وأن حل الأزمة ما كان ليتم لولا موافقة أمريكا، وأن الاتفاق الأخير لم يكن فقط حول تصدير بضعة ملايين طن من القمح، بل كان اشارة بأن الطريق يمكن أن يفتح لكى تنزل كل أطراف الصراع فى حرب أوكرانيا من أعلى الشجرة.

أما لماذا الآن؟..

فلأن الأوضاع فى أزمة أوكرانيا قد وصلت إلى مفترق طريق صعب، ولأن «الحرب بالوكالة»، بلغت ذروتها، وأصبح أطراف الصراع بين حلين: إما التصعيد وخطر الصدام المباشر بين روسيا و«الناتو»..

وإما العودة للدبلوماسية والبحث عن الحل السياسى قبل أن تتحول الأزمة إلى حرب عالمية ثالثة لا يمكن تصور نتائجها الكارثية.

اتفاق القمح كان بداية لانفراجة أو نقطة يمكن البناء عليها بين الطرفين الأساسيين فى الصراع «روسيا وأمريكا»، للخروج من المأزق.

روسيا - من ناحيتها- حققت أهدافا عسكرية لكنها دفعت ثمنا غاليا، من القتال على الأرض ومن العقوبات الغربية.

و«الناتو»، بقيادة أمريكا يعانى أيضا وربما أكثر، وواشنطون تعرف أكثر من غيرها أن أوروبا لن تتحمل تكلفة حرب الغاز ولا الأعباء الاقتصادية والسياسية للحرب بعكس أمريكا التى تحارب عن بعد وتصدر العبء للحلفاء!!

عامل آخر «وربما أهم» يدفع واشنطون نحو التهدئة. قد يكون استنزاف روسيا هدفا أمريكيا أساسيا، لكن شبح الصين هو الأخطر بالنسبة لها.

وأكثر ما يقلقها «ويقلق أوروبا أكثر»، هو أن تؤدى حرب أوكرانيا إلى ازالة كل العقبات الاستراتيجية والتاريخية أمام تحالف روسيا والصين فى مواجهة الغرب وهو ما حذر منه الكثيرون وآخرهم داهية السياسة الأمريكية كيسنجر.

فى انتظار النهاية..

يستمر تدفق السلاح على أوكرانيا، وتصعد روسيا من استخدام سلاح الغاز، وتفتح اتفاقية القمح طريقا كان مغلقا أمام الدبلوماسية منذ اندلاع الحرب. وبين حرب الغاز ودبلوماسية القمح، يثور السؤال: هل حانت ساعة إيقاف الكارثة!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة