السبت، 30 يوليه 2022 - 07:22 م

كل عام وأنتم بخير.. أمس السبت كان غرة المحرم بداية العام الهجرى الجديد 1444.. وهو التقويم الذى بدأ بهجرة الرسول من مكة إلى المدينة، وهو الحدث الذى ترك لنا الدروس والعِبر ـ بداية من اختيار الصبى على بن أبى طالب لينام فى فراشه حتى الصاحب الذى سيرافقه ويشد من أذره، أبو بكر الصديق، وحتى قفاء الأثر الذى سيدله، حتى الدواب التى حملت الكفار لملاحقته، واليمامة التى بنت عشها فى أمان على باب الغار، وهو طائر معروف بالحذر الشديد لا يبنى بيته إلا فى مكان شديد الأمان، والعنكبوت التى نسجت خيوط بيتها على باب غار حراء، حيث يبيت النبى وصاحبه، فبدت كما لو كانت غزلته من سنوات.. و.. و.. والطريق التى مشى فى دروبها لأكثر من ثمانية أيام ازدادت وعورة على من طاردوه.

كل هذه العِبر والدروس لخصها الشيخ الشعراوى حين قال إن كل ما يتعلق بالرسالة التى جاءت من خالق الغيب جعل أركانها سهلة ومعنوية وميسرة وهى أركان الإسلام الخمسة المعروفة من الشهادة حتى الحج لمن استطاع إليه سبيلًا، أما كل ما يتعلق ببناء الدولة المدنية الحديثة فى المدينة المنورة فقد ترك أمر تنفيذها للبشر والتجربة والخطأ والصبر والمكابدة والتخطيط والتنفيذ والمتابعة والفشل والهزيمة والنصر وعلاج الأخطاء والنجاح، وقد كانت الهجرة من الوطن الذى كان أحب بلاد الله إلى قلبه أول خطوات بناء الدولة، وقد حفلت بالعشرات من أشكال المعاناة والقسوة بدأت بالذهاب إلى الطائف جنوبًا وقسوة أهلها فى استقباله ثم تغيير الاتجاه بالهجرة إلى يثرب فى اتجاه الشمال ومعاناة هذه الرحلة بكل قسوتها وآلامها جسدت نقطة البداية فى أى انتصار بكل العثرات والمصاعب التى يواجهها بناة الدول والأوطان حتى ولو كان محمدًا، صلى الله عليه وسلم، الذى بنى دولته بعد هذه المشاق فى كل جوانبها الإنسانية والمدنية على الحق والعدل، جوهرها لا إكراه فى الدين فقد تبين الرشد من الغى، وبهذا المبدأ السلمى استطاعت الدولة الوليدة فى فترة وجيزة هزيمة الروم والفرس والإغريق واليونان وبناء حضارة بعلومها وفنونها وسادت الأرض شرقًا وغربًا واستحقت أن يقول فيها أمير الشعراء:
مشت الحضارة فى سناها واهتدى/ فى الدّين والدّنيا بها السعداء.

اللهم اجعلنا من السعداء فى الدنيا والآخرة اللهم اجعل أمتنا الإسلامية سخاء رخاء واجعل مصر بلد السلم والأمن ووفق قائدها عبد الفتاح السيسى لما فيه الخير والفلاح.. وكل عام وأنتم بخير.