عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

«شيطنة» يوسف إدريس!

عمرو الديب

الأحد، 31 يوليه 2022 - 09:05 م

بدا دوما حضوره طاغيا، ما أن يظهر فى أفق حتى يسطع فيه كالشمس، وما لاح فى مشهد إلا استولى على الأبصار، فأشاع الحاقدون أنه يبدو منتفخا كالطاووس، وروج الغيورون لأسطورة غروره وتعاليه، وللأسف رسخت فى الأذهان هذه الفكرة الموتورة عنه، وحين اقتربت منه شيئا فشيئا اكتشفت صفاقة الأكذوبة وفجر الشائعة، فالرجل لم يكن متعاليا بأى حال من الأحوال، فقط كان يشعر بقيمته، وتفرد إبداعاته، تعرفت عليه دون ترتيب مسبق فى بهو مبنى مؤسسة «الأهرام» القديم، بدا ودودا  للغاية، طلبت منه موعدا لإجراء حوار، ففاجأنى أنه من الممكن أن نجلس فورا فى نفس اللحظة،

واصطحبنى إلى مكتبه عبر المصعد، وجلست إلى هذا المبدع الأسطورة.. أديبنا الفذ «يوسف إدريس» أمطره بالأسئلة والاستفسارات، فانهمك فى الإجابة وامتد اللقاء ثلاث ساعات كاملة لم نشعر معا بمرورها، وتكررت اللقاءات عديد المرات فى مكتبه بالأهرام، وقد تأكدت عبر هذه اللقاءات التاريخية بالنسبة إلى أن هذا المبدع الفذ ابتلى بحشد من الحاقدين الذين أوسعوه طعنا وتشويها، وبدا لى «إدريس» شخصية ودودة لا تتعالى، ولكنها تعتز بنفسها، ومن يعرف للرجل قدره، فإنه لن يصطدم على الإطلاق بأية مشكلة فى التواصل معه، وهذا ما جربته أنا عمليا حين كنت صحفيا ناشئا، اقتربت من «إدريس» فوجدته حفيا بالشباب يزيل- فى حماسة - أية حواجز بينه وبينهم، وقد أشعرنى بأنى صديق، وغمرنى بود صادق وثقة غالية فتح لى قلبه، واسترعى انتباهى إلى مفارق ومنعطفات على ضوء خبراته الثرية وتجربته الخصبة كان يضىء الطريق أمام خطواتى بعيدا تماما عن إطار النصائح، كان متدفقا ينهمر كنهر فى عذوبة، وقد أسرنى يوسف إدريس إنسانيا، وبهرنى فنيا فقد تعرفت على إبداعه قبل أن أتواصل معه شخصيا، وقد شعر «إدريس» - الذى تحتفل مصر بذكرى وفاته اليوم- بأننى مسكون بعالمه، فأسهم هذا فى توطيد التواصل بينى وبينه، وقد طردت عن ذهنى الأفكار المغلوطة المسبقة التى حاولت تشويه الرجل من خصوم وحاقدين وأدباء زائفين، لذا تلقيت التكليف بتغطية وقائع جنازته كمحرر مبتدئ بألم عظيم وإحساس بالفقد عميق، وفى موكب الوداع  رحت أؤدى واجبى الوظيفي، وأنا يعتصرنى الحزن، وينكل بى الأسى، لذا جاءت كلماتى فى تغطية الجنازة ذات مذاق مختلف، فما يخرج من القلب حقا لابد أن يصل!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة