شريف إمام
شريف إمام


العلوم والتكنولوچيا في الحضارة المصرية.. قبر أوزيريس والنجوم

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 02 أغسطس 2022 - 02:14 م

هذا موضوع صغير من كتابي القادم "العلوم والاختراعات في أم الحضارات" في جزء "كمت ليست 7000 سنة" أسرده لك باختصار شديد لتعرف القليل عن كيف وضع وأسس وتسيّد أجدادنا المصريون علم الفلك ومراقبة السماء وكيف أن العلم الحديث مازال يقف بكل العجب والاندهاش أمام ما حققه الأجداد في علم الفلك وكيف استلهمته كل الشعوب بعدهم.
     قبر أوزِر-نب-دچد أو أوزر سيد الأبدية أو أوزر-نب-تم أو أوزر السيد الكوني أو أودوريس أو أوزيريس أو الأوزيريون، كما أسماه فليندرز پيتري، الذي يقع بجوار معبد الملك سيتي الأول في أبيدجو أو أبيدوس أو سوهاج هو أحد التحف العلمية المعمارية التي شهد لبراعتها مهندسو العالم القديم والحديث. قال عنه الجغرافي الإغريقي الشهير سترابو في القرن الأول بعد الميلاد: "هو صرح ملكي رائع مبنيّ من الحجر الصلب فيه ينبوع يقع على عمق كبير بحيث ينزل المرء إليه أسفل صالات مقببة مصنوعة من أحجار متراصة بحجم وصنعة مثيرتين للدهشة".
    يقول علم الآثار الذي يُخطئ دائماً في تقدير العُمر الحقيقي للحضارة المصرية أن الأوزيريون قد بُني منذ حوالي 4000-3,600 سنة. وبالطبع هذا خطأ كبير مُجحف بالحضارة المصرية لأن علم الآثار لا ينظر إليها نظرة إجمالية بمُجمل عقيدتها وكشوفاتها وقرائن علومها. لكن فلكياً وبالبراهين العلمية، فإن قبر أوزيريس يعود إلى سنة 10,600 ق.م. أي منذ 12,500 سنة على أقل تقدير وهو أول قبر يُبنى لمتوفّى في التاريخ وهو أول بناء بالحجر بناه بنوا البشر وليس هرم الملك دچوسر المدرّج. التفاصيل ستجدها في الكتاب عند صدور طبعته الأولى قريباً.
 

العِلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم

عُرف المصريون القدماء أنهم لم يقوموا ببناء أي صرح معماري إلا وكانت له محاذاة جغرافية على كوكب الأرض أو تعامداً فلكياً مع نجم أو شمس أو كوكب وبدقة مذهلة. أي كلام يقول إن المصريين أقاموا مبانيهم فقط لغرض للبناء أو الدّفن أو الدين فهذا جهل مُطبق.
لكي يتحقق علماء العصر الحديث اللا-أثريون متى بُني الأوزيريون فعلياً، قامت دراسات عديدة وشاملة بفحص چيولوچيا وتوپوجرافيا وتاريخ وجغرافيا موقع القبر لكنها لم تنته إلى شيء إلا عندما قام علم الفلك الأثري بالتدخل واسترجع شكل سماء العالم القديم الفلكية وقت قيام الملك سيتي الأول بترميم الأوزيريون وضمّه إلى معبده الرائع حول سنة 1279 ق.م. لكن للأسف أيضاً لم يجد علم الفلك الأثري أي محاذاة فلكية مع أي جرم سماوي في ذلك الوقت المزعوم مما دلّ أن القبر لم يُبن أبداً في الفترة التي يقترحها الأثريون والتي لم تعتمد سوى على تحليل الكربون المشع.

ولكن فقط عندما قام علم الفلك الأثري بالعودة لشكل وترتيب نجوم سماء العالم القديم إلى الوراء مرة أخرى بمقدار 9 آلاف سنة (بالسوپر كومپيوترات الفلكية) بدأ شيء بالظهور. وُجدت ظاهرة عجيبة جداً لتعامد القبر مع كوكبة الدجاجةCygnus  وتحديداً في سنة 10,500 ق.م. وبالذات مع ألمع نجوم الكوكبة وهو نجم ذنب الدجاجة Deneb أو الذنب. كوكبة ذنب الدجاجة قَرَنها المصريون سايقاً بحورس الصقر ابن أوزيريس وهو ناشر جناحيه في السماء. وفي سنة 10,500 ق.م وعند الاعتدال الربيعي يُشرق نجم ذنب الدجاجة اللامع مع كوكبته تحت مجرة طريق اللبن ويبدأ بالصعود المستقيم الكامل فوق الأفق محاذياً مدخل المعبد الخلفي تماماً، وحدث هذا مرة أخرى في الانقلاب الشتوي في نفس السنة.

وختامــــــــــــــــــــــــــــــــاً

كشفت الأبحاث التي أجرتها وكالة ناسا (المرجع مذكور في الكتاب) أن هذه الكوكبة هي أكبر مصدر لأكثر أشكال الأشعة الكهرومغناطيسية طاقة واختراقاً وهي أشعة جاما، والأكثر من ذلك أنها واحدة من أغنى مناطق تكوين النجوم المعروفة في مجرة طريق اللبن، أي أن كوكبة ذنب الدجاجة هي منطقة ولادة نجوم. ولهذا السبب، فإن نقش سقف المقبرة كله يشير إلى أن معبد الأوزيريون وتحديداً موضع القبر الإدريسي هو مكان ولادته فيه كنجم ساطع أو رمز إله في حياة بعد الموت.
 


العجيب أن نفس المشهد تمت ترجمته في مطابقة مدهشة على نقش في السقف الشمالي الشرقي لمعبد أو محراب مقبرة الأوزيريون ولكن بصورة عقائدية دينية رمزية وكذلك تكرر النقش في معبد حت-حر في الدندرة مما يؤكد المحاذاة الفلكية مع كوكبة ذنب الدجاجة.. التفاصيل في الكتاب.

إذن إدريس أو أوزوريس أو أودوريس كان في مصر بين المصريين في حدود سنة 12,500-13,000 ق.م. (لأن إدريس عاش 850 سنة). وحين أشرق نجم ذنب الدجاجة على سوهاج أو أبيدوس في الإنقلاب الشتوي لسنة 10,500 ق.م. كان إدريس قد مات رمزياً ودُفن في قبره القديم. وبعد ذلك بحوالي 9000 سنة جاء الملك سيتي الأول ليُكرّم أوزيريس ويُرمّم ويُكبّر قبره ويضمّه إلى معبده الجنائزي ويجعله معبداً باهراً في الهندسة والجمال.
     هذا، ويعترف علم الفلك اليوم أن المصريين كانوا سادة مراقبة نجوم السماء وأبرع من بنى هندسياً في زمن كان فيه الإنسان الحديث مازال هائماً في طور البدائية ... لا يستحمّ ويعدّ نساءه استكمالاً لعدّ أبقاره ومواشيه. ولهذا، بَنَت مصر المجد وحدها... ووحدها فقط.
     المزيد من عجائب الفلك والطب والصيدلة والكيمياء والعلوم المصرية القديمة ستجدها في كتابي قريباً "العلوم والاختراعات في أم الحضارات".
 
     ... ولنا حديث آخر عن مصر العظيمة قريباً.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة