وزيرة البيئة د.ياسمين فؤاد
وزيرة البيئة د.ياسمين فؤاد


مشروعات عملاقة لتحويل المخلفات إلى وقود حيوى صديق للبيئة

«الاقتصاد الدوار».. مستقبل مصر فى الطاقة النظيفة.. ومحطة الجبل الأصفر نموذج للاقتصاد الجديد

ماركو عادل- أحمد عبيدو

الثلاثاء، 02 أغسطس 2022 - 06:38 م

يتجه العالم كله إلى الطاقة النظيفه فى محاولة لتقليل الانبعاثات الحرارية والملوثات من أجل بيئة صحية تحافظ على الإنسان ، لأن مصر لا تعيش فى معزل عن العالم فقد بدأت مؤخرا اتخاذ خطوات جدية وحثيثة فى هذا الملف المهم.

وتمثلت جهود الدولة المصرية فى هذا الشأن عبر تصريحات وزيرة البيئة د.ياسمين فؤاد التى أعلنت تحول الدولة الى «الاقتصاد الدوار» من أجل مستقبل أفضل لنا ولأولادنا..

هذا الاقتصاد الذى يعتمد على إعادة تدوير المخلفات وتحويلها إلى وقود حيوى أو ما يعرف بغاز الميثان أو البيوجاز  الصديق للبيئة ،والذى يتم استخدامه فى نواح  كثيرة من الحياة أهمها : الطهى والتدفئة وتوليد الكهرباء واستخراج السماد ..

وكانت د.ياسمين فؤاد قد أعلنت أن مصر بها نماذج للاقتصاد الدوار وأن محطة الجبل الأصفر التابعة لوزارة الإسكان والتى تعتبر أكبر محطة فى الشرق الأوسط لتحويل الصرف الصحى إلى وقود حيوى هى نموذج من نماذج هذا الاقتصاد الجديد ..

كما أعلنت أن وزارة البيئة أسهمت فى إنشاء نماذج أخرى بعدد من المحافظات لتكون معبرة عن الاقتصاد الدوار وتمثلت هذه النماذج فى إنشاء محطات للفلاحين والمزارعين  لتحويل روث الماشية إلى وقود حيوى وسماد عضوى .. 

«الأخبار» ترصد فى هذا الملف نماذج الاقتصاد الدوار وكيف أسهمت فى تغيير البيئة المحيطة إلى واقع أفضل أكثر أمانا وصحة وسلامة وعائدا للمواطنين .

مشروعات عملاقة لتحويل المخلفات إلى وقود حيوى صديق للبيئة

«الجبل الأصفر».. أضخم مشروع فى الشرق الأوسط لاستخراج البيوجاز من مخلفات الصرف
خزانات تخمير عملاقة لتحويل «الحمأة» من مخلفات صلبة إلى وقود حيوى 

أكد المهندس عبد الوهاب حلمى مدير المحطة، إنه تم التخطيط للمحطة فى البداية من قبل المشروع العام للصرف الصحى بالقاهرة الكبرى بتصميم المكتب الأمريكى البريطانى فى الثمانينيات من القرن الماضى كمحطة مجمعة للصرف الصحى بالضفة الشرقية لنهر النيل والتى تضم مناطق «عين الصيرة، المعادى، دار السلام، الأميرية، حائق القبة، المرج» وصولا لبعض المناطق بالقليوبية، ونظرا للحجم العملاق للمحطة تم البدء فى الإنشاء على مراحل؛ المرحلة الأولى بدأت فى عام 1990 ودخلت حيز التشغيل والصيانة عام 1998 وتعالج مليونا و200 ألف متر مكعب من مياه الصرف الصحى بإجمالى تكلفة فى هذا التوقيت مليار و400 مليون جنيه، ثم المرحلة الثانية كانت على جزءين؛ الأول وصلت تكلفته لـ 800 مليون جنيه والجزء الثانى من المرحلة الثانية تكلف 62 مليون يورو و521 مليون جنيه، ونظرا للتدفقات المتزايدة التى تستوعبها محطة المعالجة تم السير جنبا إلى جنب من خلال التطوير والتوسعات لتصل طاقة المحطة المعالجة ل 2.5 مليون متر مكعب يوميا من خلال دخول المرحلة الثانية حيز التشغيل والصيانة حيث بدأ العمل فى المرحلة الثانية فى عام 2014 ويشمل تنفيذ الأنفاق الرئيسية وخطوط المواسير ومصافى وأحواض لترسيب الرمال وخزانات تنقية وقنوات طوارئ وأحواض مزج كلور وخزانات وقود ومبانٍ خدمية واستمر العمل 42 شهرًا لإنهاء الإنشاءات المدنية والتركيبات الإلكتروميكانيكية حيث تخضع المحطة الآن إلى الجهاز التنفيذى لمياه الشرب والصرف الصحى التابع لوزارة الإسكان برئاسة المهندس حسن الفار.

أحواض المعالجة

وشرح المهندس عبدالوهاب حلمي، خطوات ومراحل معالجة الصرف الصحى إلى أن يتم تحويله لغاز البيوجاز «الوقود الحفرى « بجانب توليد الطاقة المستخدمة فى تشغيل المحطة والتى توفر حوالى 55% من الكهرباء اللازمة شهريا بقيمة بين 10- 14 مليون جنيه، وأوضح أن معالجة المياه تبدأ باستقبال الصرف فى غرفة استقبال بمساحة 1230 مترا ومنها لمحطة طلمبات تضم 10 طلمبات ومنها لمحطات رفع ثم تدخل المياه لأحواض ترسيب ابتدائى تضم 24 حوضا خرسانيا بقطر 42 مترا ثم تخرج المياه بعد ذلك إلى أحواض تهوية التى تضم 20 قناة كل منها مركب عليها هواية لإمداد البكتيريا الموجودة فى المياه بالأكسجين وبعد ذلك تخرج إلى أحواض ترسيب نهائية وعددها 24 حوضا قطر كل منها 53 مترا ومركب بها «زحافة» لكسح الحمأة المترسبة إلى محطة رفع «الحمأة» ثم تنحدر المياه إلى أحواض المعالجة بالكلور والتى تتم فيها إضافة الكلور إلى المياه لتخرج بعد ذلك إلى مصرف لتستخدم فى أغراض الزراعة.

معالجة الحمأة 

وأشار إلى أنه تتم معالجة الحمأة- وهى المادة الصلبة بالصرف- من خلال تجميع الحمأة المترسبة فى أحواض الترسيب الابتدائية فى بيارات محطات رفع الحمأة ثم يتم ضخ الحمأة إلى غرفة خلط ويتم فيها خلط الحمأة الابتدائية مع الحمأة المنشطة الزائدة حتى تخرج الحمأة المخلوطة إلى غرفة تخفيف حيث يضاف إليها مياه معقمة بالكلور ثم تتجه المياه إلى خزانات تركيز الحمأة بعدد 16 خزانا ثم يتم ضخ الحمأة فى خزانات تخمير حيث تنمو بكتيريا لاهوائية تقوم بإنتاج الغاز الثنائى «البيوجاز» المستخدم فى توليد الطاقة، وعقب ذلك تصل الحمأة إلى مبنى التجفيف الميكانيكى حيث يتم تجفيف الحمأة بالعصر بعد إضافة البوليمر حتى تصل كمية الحمأة المجففة إلى حوالى 1000 طن يوميا يتم نشرها بمنطقة تشوين لتتعرض لأشعة الشمس لمدة 6 شهور لتجف تماما لتتم الاستفادة منها كسماد عضوي..

وأوضح أن الغاز الثنائى المتولد «البايوجاز» فى خزانات التخمير الابتدائى يتم تجميعه فى حاويتى غاز قطر كل منهما 30 مترا بارتفاع 10 أمتار حيث يتكون الغاز الناتج من غاز الميثان بنسبة 60-70 % وثانى أكسيد كربون بنسبة 30-35 % وكبريتيد الهيدروجين بنسبة 0.1-0.4 % بجانب نيتروجين وبخار مياه بنسبة 0.5 %، وأشار إلى إنه يتم استعمال الغاز فى تشغيل محطة مولدات كهرباء والتى تحتوى على 10 مولدات بقدرة 2.32 ميجاوات لكل مولد لتغطى الطاقة المتولدة حوالى 50-55 % من الطاقة اللازمة لتشغيل المحطة كما يستخدم الغاز فى تشغيل غلايات المياه الساخنة المستخدمة لتسخين الحمأة بجانب استخدامه فى تقليب الحمأة، وأكد أن النتائج الإيجابية للمشروع من معالجة مليون متر مكعب صرف صحى يوميا تكفى لإمكانية استصلاح حوالى 50 ألف فدان وانتاج حوالى 300 متر مكعب يوميا من السماد العضوى يستخدم فى تسميد الأراضى وبالتالى المحافظة على البيئة من التلوث وعدم ظهور طفح لمياه المجاري.

الشرقية وسوهاج .. هنا يُنتج البيوجاز من روث الماشية

الصرف الصحى ليس هو المصدر الوحيد لإنتاج الوقود الحفرى أو ما يعرف بغاز الميثان ، فيمكن أيضا من خلال روث الماشية انتاج هذا النوع من الغاز الذى يستخدم فى أعمال الطهى والتدفئة وكذلك توليد الكهرباء ..

وزارة البيئة اخذت على عاتقها بناء عدد كبير من محطات تحويل روث المواشى إلى غاز الميثان فى عدد من محافظات الجمهورية كان على رأسها محافظتا سوهاج والشرقية ..

حيث نجحت التجربة نجاحا باهرا وأقبل الأهالى هناك والفلاحون على الاستفادة من روث الماشية بدلا من القائها فى المصارف والترع والتخلص منه ليستخدموه فى عملية إنتاج غاز الميثان ..»الأخبار» انتقلت إلى قرى سوهاج والشرقية ورصدت التجربة بالكلمة والصورة. البداية كانت من مدينة أبو كبير بمحافظة الشرقية حيث اشترك عدد كبير من الأهالى هناك فى مشروع وزارة البيئة فى بناء محطات لتحويل روث الأبقار والجاموس إلى غاز الميثان ..

وهذا ما أكده السيد محمد أحد المزارعين بإحدى قرى مدينة أبو كبير موضحا ان عملية إنتاج غاز الميثان من روث الماشية سهلة للغاية حيث توضع روث الماشية فى حوض وتتم إضافة بول المواشى أو مياه على الروث ويتم تقليبه ويمر الروث فى ماسورة لقبة أسفل الأرض بعمق مرتين، يخرج منها ماسورة يوضع بها محبس وخرطوم يخرج منها غاز الميثان نتيجة تخمر الروث تحت الأرض فيتم تشغيل البوتاجاز، دون الحاجة لأسطوانات غاز.

وقال محمود ابراهيم أحد المزارعين إن التجربة بدأت بوضع روث الماشية فى حوض وعند دخول الروث للوحدة تحدث عملية التخمر الهوائى بعد 40 يوماً ويبدأ خروج غاز الميثان الذى يستخدم فى إشعال البوتاجاز مباشرة، مشيرا إلى أن ما يخرج من الغاز فى الشهر من روث المواشى يعادل 5 أسطوانات غاز، فضلا عن السماد الناتج والذى يكفى لـ 5 أفدنة شهرياً، مؤكدا أن البوتاجاز المستهدف تم إعداده بطريقة معينة ليتلاءم مع الغاز «الفواني».

وأضاف يوسف طلعت أحد المزارعين قائلا : الدولة لا تبنى إلا من خلال الأفراد فلو أقام المزارعون الوحدات فى حظائرهم ومنازلهم سيوفرون للدولة ملايين الجنيهات التى تتحملها كدعم على أسطوانة الغاز فالفلاح يمكنه توفير 240 جنيها شهريا تتحملها الدولة كدعم لثلاث أسطوانات غاز كما يوفر كل فلاح 3 آلاف و200 جنيه سنويا، مؤكداً أن الوحدة التى تم تشغيلها ستولد الكهرباء خلال المرحلة القادمة.

وقال إن ما يميز غاز الميثان أنه آمن و غير سام فلا يُحدث اختناق لأفراد الأسرة، ولا تحدث حرائق لأن الغاز يطير فى الهواء، مشيرا إلى أنه فى نفس وقت خروج غاز الميثان للبوتاجاز عن طريق خراطيم من الوحدة أسفل الأرض، يخرج السماد فى الوحدة الثانية أعلى الأرض والذى يُستخدم كسماد للأرض، مؤكدا أن مركز البحوث الزراعية يستخدم هذا النوع من السماد فى الأراضى الزراعية والتى يجرى تجارب عليها، مما يؤكد تميزه.

الوضع لم يختلف كثيرا فى قرية غرب قاو بسوهاج حيث انتشرت هناك محطات تحويل روث المواشى إلى غاز الميثان واقبل الأهالى على الاشتراك فى محطات وزارة البيئة وقال الحج حسنى السيد، مزارع،  إنه لابد من الاستفادة من روث المواشى بدلاً من إلقائها على المصارف والترع ونستفيد منه من مستخرجات متعددة الغاز والكهرباء والسماد البلدى، إضافة لضمان سلامة البيئة من التلوث.

وقال حسين متولى مزارع، إنه سعيد بنجاح تجربة تشغيل البوتاجاز من روث المواشى بطريقة بسيطة وفرت له عناء البحث عن اسطوانات الغاز أو تدبير ثمنها، إضافة لاستغلال روث الماشية بدلاً من إلقائه على الترع والمصارف سواء فى انتاج الغاز أو كسماد بلدى.

اقرأ أيضاً | وزيرة البيئة: «كن سفيراً» صححت نظرة المجتمع تجاه الاستثمار في البشر

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة