هشام مبارك
هشام مبارك


هشام مبارك يكتب: نزهة عائلية فى وحدة مرور إليكترونية!

هشام مبارك

الأربعاء، 03 أغسطس 2022 - 06:00 م

«اذهب بلا تردد ولا تنس أن تصطحب الأسرة معك، ستقضون فيها وقتا طيبا».
عندما قال لى صديقى الزميل محمد عبيد نائب رئيس تحرير الأخبار والمسئول عن مكتب المطار هذه الكلمات فى التليفون ظننت أنه قد سمع سؤالى خطأ، فلما أعدت عليه السؤال رد نفس الرد!.

الحكاية بدأت عندما سألت صديقى دسوقى عمارة الكاتب الصحفى مدير تحرير الأخبار والمسئول عن تغطية أخبار وزارة الداخلية عن رأيه حيث سمعت أن الوزارة قررت أن تذهب هى للناس لترخيص سياراتهم تحت منازلهم أو فى وحدات مرور إليكترونية خصصتها وسط التجمعات السكنية قريبة من الناس لإعفاء الناس من الذهاب لترخيص سياراتهم فى وحدات المرور التقليدية. دسوقى نصحنى بسؤال عبيد لأنه خاض تلك التجربة وكما يقول المثل ليس من سمع كمن رأى، فالمعاينة أصدق من الخبر.

ماذا تقول يا محمد؟، أنا أسألك عن تجربتك فى ترخيص سيارتك فى وحدة مرور سيتى ستارز بمدينة نصر وليس عن زيارة الحديقة الدولية مثلا أو جنينة الأسماك. عاد محمد ليؤكد كلامه: نعم أنا أعنى ما أقوله، هذه تجربة فريدة أنصحك وأنصح الجميع بخوضها ولن تندم، فعلتها أنا من قبلك ونصحت كل أقاربى بعدم التردد. وحدة المرور موجودة فى مول سيتى ستارز ويمكنك قضاء وقتا جميلا مع أسرتك فى المول على هامش استخراج الرخصة! بصراحة شديدة لم أصدق كلام محمد عبيد وظننته مبالغا.

إن يوم الذهاب للمرور لترخيص السيارة خاصة فى حالة الفحص من أصعب وأقسى الأيام التى أمر بها فى حياتى. زحام خانق وإجراءات روتينية عقيمة يجد فيها المواطن نفسه قد أرهق بدنيا وماديا، صعود وهبوط السلام عشرات المرات ما بين سداد التأمينات ورفع البصمة والفحص الفنى وسداد قيمة المخالفات وغيرها من المشاوير التى تستهلكنى نفسيا. لا أكره شيئا فى حياتى كرهى لتلك اللحظات التى أمر بها كل ثلاث سنوات مثل كابوس ثقيل أتمنى أن أفيق منه سريعا. لكن من أين تأتى السرعة والناس فى وحدات المرور يتدافعون كيوم الحشر، يدوس الناس بعضهم بعضا يتزاحمون حول شبابيك أشكال وألوان طيلة أربع خمس ساعات قبل أن يتسلم كل منا الرخصة متنفسا الصعداء متمنيا لو كان هناك ما يتيح تجديد الرخصة كل خمس أو حتى عشر سنوات وليس ثلاث فقط.

لم أكذب الخبر وأسرعت يوم الاثنين الماضى بسيارتى للدور الثالث تحت الأرض فى جراج سيتى ستارز حيث بدأت إجراءات فحص السيارة وتجديد الرخصة. ظننت أن ما يحدث معى هو مجرد فقرة من فقرات برامج الكاميرا الخفية التى يجد المواطن الغلبان من أمثالى نفسه ضحية من ضحايا مقلب تم استدراجه له بعناية.

ففى لحظات قليلة تم فحص السيارة وسددت كل الرسوم المطلوبة فى شباك واحد وفى أقل من نصف ساعة تسلمت الرخصة من الصعيدى ابن ملوى الرائد مايكل منسّى شحاتة رئيس الوحدة الذى يقضى يومه ما بين وحدة الفحص فى الجراج وبين مقر المكاتب الإدارية فى الدور السابع يشرف بنفسه على كل صغيرة وكبيرة لضمان سرعة الإنجاز وحل أى مشكلة فاتحا مكتبه للجميع. عرفت منه أن الوحدة ليست مسئولة فقط عن المرور بل والفيش والتشبيه وبطاقات الرقم القومى. أعجبتنى فلسفة مايكل رغم صغر سنه عندما سألته لماذا لا يبدو عليه القلق ونحن نعيش فى أجواء حركة تنقلات واسعة فى الداخلية فقال إنه دائما يعتبر الكرسى الذى يجلس عليه أى ضابط شرطة مثل كرسى الحلاق الذى يجلس عليه كل ساعة تقريبا زبون غير الذى جلس عليه من قبل. المهم أن العجلة تدور لقضاء مصالح الناس فى أى مكان يخدم فيه.

شكرا لوزارة الداخلية على هذه الفكرة العبقرية وأتمنى أن تلغى أو على الأقل تعيد النظر فى رسوم شنطة المستلزمات الإجبارية والقمع والصديرى العاكس والتى تقترب قيمتها من 800 جنيه بالضريبة وهو مبلغ كبير جدا خاصة أن معظم هذه الأشياء لا يتم استخدامها. وشكرا للواء مؤمن سعيد مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة على حسن اختياره لرجاله فى مواقعهم المناسبة لخدمة الناس عن حق وأتمنى منه تعميم هذه الوحدات الناجحة ونشرها فى جميع أحياء القاهرة بل أتمنى نشرها هى وغيرها من الخدمات، التى يعذب فيها المواطن حتى يقضيها، فى جميع ربوع الجمهورية بعد أن ثبت بالتجربة العملية أن التيسير على الناس وتوصيل الخدمات لهم فى أماكنهم ممكن جدا بشرط توافر رجال عندهم رغبة حقيقية فى خدمة الناس والرأفة بهم.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة