أمال عثمان
أمال عثمان


أوراق شخصية

أحلام الجدة موسى!

آمال عثمان

الجمعة، 05 أغسطس 2022 - 08:22 م

احتفظ فى مكتبى بمجموعة صور لأعمالها، وأعتبرها شخصية مُلهمة فى حياتى، لوحاتها تمنحنى بهجة وتفاؤلاً، ويهبنى وجهها طاقة تملأ روحى، امرأة لا تعرف الراحة لها طريقاً، يُمثل لها العمل الحياة، والتقاعد يعنى الموت البطىء، أهداها القدر فرصة لتحقق حلم طفولتها وعمرها 76 عاماً، ومن وقتها لم تترك ريشتها، وظلت تُبدع حتى رحلت عن عمر ناهز 102 عام، لذلك تحولت «الجدة موسى»، إلى أسطورة خالدة فى موطنها.

 نشأت آنا مارى روبرتسون الشهيرة بالجدة موسى فى أسرة فقيرة، تلقت تعليمًا متواضعًا وعاشت حياة شاقة، لكنها لم تستسلم لصعوبات الحياة، عملت خادمة فى سن الثانية عشرة لدى عائلة ثرية، وتزوجت فى عمر متقدم من توماس موسى العامل الفقير، وأنجبت 10 أطفال توفى منهم 5 فى طفولتهم، ظلت تعمل بكل جهد مع زوجها لمدة 18 عاماً، لتدخر المال وتشترى مزرعتهم الخاصة، وحين توفى زوجها تولى ابنها إدارة المزرعة، لكنها لم تستطع الجلوس عاطلة عن العمل، لذا اتجهت للتطريز، وبعد بلوغها السبعين لم تعد قادرة على الإمساك بالإبرة، بسبب آلام المفاصل، ونصحتها ابنتها بممارسة هوايتها القديمة فى الرسم، فأمسكت بالفرشاة والألوان لتحقق حلم الطفولة، وقامت ببيع لوحاتها فى الأسواق الريفية، وفى صيدلية محلية مقابل بضعة دولارات.

وشاءت الأقدار أن يُشاهد أعمالها أحد هواة جمع اللوحات، ويشترى جميع اللوحات المعروضة من الصيدلى، ويذهب إلى منزلها ليشترى اللوحات الأخرى، بعدها تولى عرض لوحاتها فى معرض بمتحف الفن الحديث فى نيويورك، وأقيم معرضها الفنى الأول حينما بلغت 80 عامًا، وعلى مدى ربع قرن قدمت 1600 عمل فنى، وأُقيمت معارض للوحاتها فى 30 ولاية أمريكية، و10 دول أوروبية واليابان، وكانت الفنانة الأمريكية الوحيدة التى تعرض لوحاتها فى متحف باريس للفن الحديث، كما منحها الرئيس هارى ترومان جائزة نادى الصحافة النسائية الوطنية، وحلت ضيفة على البيت الأبيض بدعوة من الرئيس وزوجته، وتصدرت صورتها أغلفة مجلة تايم، وأصبحت الذكرى المئوية لميلادها يوم عطلة لولاية نيويورك، حيث أعلن نيلسون روكفلر أن 7 سبتمبر يوم الجدة موسى، وصارت لوحاتها تُهدى للرؤساء، وتطبع على بطاقات المعايدة، وبيعت مؤخراً إحدى لوحاتها مقابل 1.2 مليون دولار.

كلما نظرت للوحات الجدة موسى أتساءل فى حيرة: ترى هل تحقيق الأحلام يجدد شبابنا، ويمنحنا عمراً جديداً فوق أعمارنا؟!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة