كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

وكان مستحيلاً أن يستمروا !

كرم جبر

الأربعاء، 10 أغسطس 2022 - 07:30 م

36 يوماً كاملة هى زمن اعتصام رابعة، حيث بدأ يوم 21 يونيو 2013، وتم فضه يوم 14 أغسطس، وكان مستحيلاً أن يستمر أكثر من ذلك، وإلا تحولت مصر إلى دولة ممزقة، تعبث بها أصابع الشياطين.

كان مستحيلاً بعد أحداث الاتحادية، التى عذبوا الأبرياء على أسوارها، وأيقن المصريون أنهم وقعوا فى براثن عصابة تحكم خارج إطار القانون، وتنفذ أحكامها بالسيف والجنزير والرشاشات، وكانت دموع الضحايا سهاماً نفذت فى قلوبهم، ووقف رئيسهم المعزول يوزع الاتهامات الظالمة على الأبرياء، ويتوعد معارضيه بالانتقام والعقاب، دون أن يستوعب أن الجماهير الغاضبة ودعت الخوف وتمردت على الخنوع.

حتى فى القضايا القومية والوطنية طعنت أكاذيب الإخوان صمود مصر وتضحيات أبنائها، وتجسدت المهزلة فى بهلوانية صفوت حجازى صاحب مقولة " بالملايين على القدس رايحين "، ولم يضع فى عينيه فص ملح وهو يزايد على المشاعر الوطنية، بينما رئيسه يصف شيمون بيريز بـ " عزيزى وصديقى العظيم "، وبينما كان يستشهد أبناء مصر الأبرار فى سيناء على أيدى عصابته والمتآمرين معه، تحت رعاية الإخوان وحمايتهم ودعمهم.

كان مستحيلاً أن يصمدوا أمام وعى المواطنين البسطاء الذين اكتشفوا أن الإخوان لا يتذكرون ما يكذبون، فلبست الحقائق ثوبها وركلت الكذابين خارج قصر الحكم، فلجأوا إلى احتلال الميادين، وتهديد حياة الأبرياء.

لم تنطل مظاهر "الإسلام الشكلى" التى جاء بها الإخوان، على شعب يعشق بفطرته الأديان، وفوجئوا بـ "إسلام حقيقى" يتسلح به المصريون، ويتوافق مع تسامحهم وحضارتهم وثقافتهم، ولا يمكن أن يزايدوا عليه أو يلعبوا به.

ولم ينخدع المصريون بتخاريفهم الليلية، مثل قدوم جبريل عليه السلام لصلاة الفجر فى رابعة، أو أن نبينا الكريم طلب من المعزول أن يؤمه فى الصلاة.. ولم يبتلع الطعم سوى "مخدوعين بإرادتهم"، يعرفون أنها أكاذيب ويصدقونها.

لم يفهم الإخوان أن "التعايش السلمى" الهادئ هو أهم مكونات المصريين، وسعوا إلى الصراع والتقاتل وليس الانسجام والتناغم، ولم يفهموا أن هذا البلد الذى يعيش فيه أكثر من 100 مليون مواطن، لا يستطيع أن يتحمل ضريبة أطماعهم في الخلافة، فبادر بالتخلص منهم قبل أن يمزقوا نسيجه.

حسم المصريون منذ زمن قضية الوحدة الوطنية، وارتضوا أن تكون علاقتهم بشركاء الوطن الأقباط على قاعدة المواطنة والمساواة فى الحقوق والواجبات، وكان المسمار الذى ارتد لنعش الإخوان هو محاولتهم إشعال الصراع الطائفي والانتقاص من حقوق الأقباط، وخاب سعيهم لافتعال معارك تشق وحدة الصف.
فوجئوا أن مسلمي مصر هم أول المدافعين عن الأقباط، وأن الأقباط فى وقت المحنة لم يستقووا بالخارج، وإنما بأحضان الوطن، وأصبح العدو المشترك، هو جماعة الإخوان وأهلها وعشيرتها، وكان ضرورياً أن يرحلوا من الميدان ومن مصر كلها.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة