سليمان قناوي
سليمان قناوي


سليمان قناوي يكتب: وسائل التخدير الاجتماعي

سليمان قناوي

الثلاثاء، 23 أغسطس 2022 - 06:35 م

لم نعد من الذين إذا مروا باللغو مروا كراما، أصبحنا نعيد ونزيد فى اللغو ونمط فيه ونرغى ونزيد فى أمور شديدة التفاهة، طاعنة فى السفاسف.

ماذا يفيدنا إذا ارتدت ممثلة المايوه البوركينى وظهرت أخرى بالبكينى أو طلقت هذه المطربة أو تلك من زوجها، وخطفت أخرى زوج زميلتها.

لو أجرى باحث تحليلا مضمونا لقضايانا المثارة على وسائل التواصل الاجتماعى وشاشات الفضائيات، لخرج بنتيجة أن جزءا كبيرا من شعبنا يعشق الهيافة ويأتى للتفاهة ويتصدر.

أصبح كثيرون يثورون على السوشيال ميديا لأن ضربة جزاء لهذا الفريق أو ذاك لم تحتسب ولا تهتز شعرة من رؤوسهم وفيديوهات اقتحام إسرائيل للمسجد الأقصى وقصف غزة، تصك الوجوه.

أصبحنا نستبدل الذى هو أدنى: الفضائح والشرشحة والنميمة وكل ما يندرج تحت لهو الحديث، بالذى هو خير: كيف نواجه أعداءنا الكثر: الغلاء على الجبهة الداخلية وإسرائيل وإثيوبيا على الجبهة الخارجية. هذه هى القضايا الحقيقية التى يجب أن تشغل تفكيرنا بعيدا عن الغرق فى تفاهات تغيب العقل وتزيف الوعى حتى أصبحت وسائل التواصل الاجتماعى بمثابة وسائل للتخدير الاجتماعى.

وحسنا قال الفيلسوف الإيطالى أمبرتو إيكو: «أدوات وسائل التواصل الاجتماعى تمنح حقّ الكلام لجيوش من الحمقى، ممن كانوا يتكلَّمون فى الحانات فقط بعد تناول كأسٍ من النبيذ، دون أن يتسبَّبوا بأيِّ ضرر للمجتمع، وكان يتمّ إسكاتهم فوراً.

أما الآن، فلهم الحقّ فى الكلام، مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل. إنَّه غزو البلهاء». وقد سبقه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين طالب الناس «أميتوا الباطل بالسكوت عنه» وهو الشعار المرفوع الآن فى أوروبا وأمريكا وكندا واستراليا  فقد انتشرت هناك لافتات تحذر «توقفوا عن جعل التافهين مشهورين».    

الخطورة فى سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعى أو توجيهها حسب ما يريده المتلاعبون بعقول المستخدمين إنه بدلا من أن تحدث هذه الوسائل نوعا من التراكم المعرفى لو استخدمت بشكل صحيح فى تبادل أحدث الأفكار والمفاهيم وتطبيقات العلم الحديث نجد أنها تراكم نفايات من التفاهة وتزاحم شذاذ الآفاق وشطط المخبولين، ليصب كل ذلك فى إهدار لأثمن ما يملكه الإنسان وهو الوقت بشكل يبدد الجهد فيما لا طائل منه. احذروا أخطر نشالى الوقت ومخدرى الوعى.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة