صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


أثر التغيرات المناخية على الطبقات الأكثر احتياجا.. دراسات تثير مخاوف عالمية

هاجر زين العابدين

الخميس، 25 أغسطس 2022 - 05:24 م

 العدالـة هـي الهـدف الـذي يسعى الجميع لتحقيقـه بمختلف قطاعتهـا، وتسعى الدولة المصرية إلى تحقيـق بُعـد العدالة الإجتماعية الذى طالمـا كان هدفًا من أهداف الدولة قيادة وشعبًا، و فـي الآونة الأخيرة أصبحت العدالة الإجتماعيـة تحـت رحمـة تلك التغيرات التي تضـرب مـنـاخ العـالـم بأكمله، فأصبـح مـن المستحيل تحقيـق عدالـة اجتماعية دون الوقوف على ركائز العدالة المناخية، لذلـك نشرت دراسـة بحثية قدمتها وحدة الوعي البيئي وتغيرات المناخ بالتعاون مع النشرة المصرية للبحوث بعنوان: " الأثر الاجتماعي لتغير المناخ في مصر وسُبل تحقيق العدالة المناخية" تزامنًا مع قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة حول إقرار الحق في بيئة نظيفة وصحية كحق من حقوق الإنسان قـدم الأثر الاجتماعـي للتغيرات المناخيـة علـى مصر، وكيف يمكننا تحقيق العدالة المناخية، وذلـك فـي ضـوء قـرار المجلس العالمي لحقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة الحـق فـي البيئة النظيفة كحق عالمي من حقوق الإنسان، أهم ما أشارت له الدراسة وتوصيتها لتحقيق العدالة المناخية، نتعرف عليها فى السطور التالية..

 

القطاعات التي تأثرت بتغير المناخ في مصر 
 أثرت التغيرات المناخية على "الأمن الغذائي -الأمن المائي -قطاع الزراعة -الصيد -السياحة -نحر الشواطئ"، بالإضافة إلى أن الفئات الأكثر تعرضا للضرر مثل السيدات والأطفال وكبار السن وعمال المحاجر والبيئة الصحراوية، وكل هذا سوف يؤثر ليس فقط على الوضع الاقتصادي والسياسي بـل والاجتماعي أيضا.

 

تلك الأزمة المناخية التي انتبهت لها معظم دول العالم أولتهـا مصـر بالاهتمام وعملت خلال السنوات الماضية على تنمية وتعزيز الجهود الإقليمية والدولية المشتركة في مجالات البيئة والمناخ، وذلك ليس فقط من خلال المشاركة، وأيضا عبر رئاسة العديد من المؤتمرات والمفاوضات واللجان المعنية بقضايا البيئة والمناخ سواء داخل افريقيا أو خارجها بالتنسيق مع الأمم المتحدة، فقد تقدمت مصر بطلب لإستضافة الدورة الـ27 من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (27 COP) في عام 2022 كممثلة لتحديات وجهود وأولويات القارة الأفريقية في مواجهة أزمة التغيرات المناخية.

 

استراتيجية مصر لمواجهة التغيرات المناخية
اتخذت مصر العديد من السياسات والإجراءات لمواجهة تحدي التغيرات المناخية، والتكيف مع تداعياتها، وذلك انطلاقا من كونها تهديدات تنموية واقتصادية واجتماعية أكثر منهـا مجـرد تهديدات بيئية، بدايـة مـن إنشاء المجلس الوطني للتغيرات المناخية، بموجـب قـرار رئيس مجلـس الـوزراء رقم 1912 لسنة 2015، كجهـة وطنية رئيسية معنية بقضية التغيرات المناخية، وتعمـل علـى رسـم وصياغة وتحديث الاستراتيجيات والسياسات والخطط العامة للدولة فيما يخص التكيـف مـع هـذه التغيرات، وذلك في ضوء الاتفاقيات الدولية، والمصالح الوطنية، هذا فضلا عن إعادة هيكلة الهيكل التنظيمي لوزارة البيئة، وإنشاء قسم جديد للبحث والتطوير في مجال البيئة والتغيرات المناخية.

 

بجانب هذا، جاءت الإستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخيـة 2050، كواحـدة مـن أهـم قـرارات المجلس الوطني للتغيرات المناخية، لرفع مستوى التنسيق بيـن كـافـة الـوزارات والجهات المعنيـة فـي الدولـة بشـأن مجابهـة مخاطـر وتهديدات التغيرات المناخية، من خلال رسم خارطة طريق لأكثر السياسات والبرامج كفاءة وفاعلية في التكيف مع تداعيات تلك التهديدات، بما يضمن تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وتتضمن أهم أهداف الاستراتيجية؛ تعزيز حوكمة وإدارة العمل فـي مجـال التغيرات المناخية، زيادة المرونة والقـدرة على التكيـف مـع التغيرات المناخية، وتحسين البنية التحتية لدعـم الأنشطة المناخية، فضلا عن تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفـة بـمـا يرفع الوعي بضرورة التصـدي لمخاطر التغيرات المناخية.

 

مؤسسات تمويلية 
كما سعت مصر لتطبيق استراتيجيتها المناخية إلى التعاون مع مؤسسات التمويل الدولية؛ ومن هذا يعتبر البنك الدولي على رأس قائمة مؤسسات التمويل الدولية التي تتعاون معها مصر في مجال مواجهة التغيرات المناخية، لبحث سبل وآليات التعاون لتطوير سياسات مكافحـة أزمة تغير المناخ، بهدف توفير الدعـم المـالـي اللازم لمشروعات التنميـة المستدامة، التي تمارس دورا هامـا فـي مواجهـة التهديدات المناخية التي تتعرض لهـا مـصـر، لاسيما أن وزارة التعـاون الدولي تطرح مشروعات تقدر قيمتها بحوالي 365 مليون دولار في إطار تحقيق الهـدف الـ13 مـن أهـداف التنميـة المستدامة، والمعني بمسألة التغير المناخي في مصر.


الاقتصاد الأخضر 
غير أن الاستراتيجية الأبرز التي تنتهجها مصر خلال الفترة الجارية هي تبني الاقتصاد الأخضر، حيث وضع القطاع المصرفي المصري البعد البيئي ضمن شروط تمويل المشروعات الحديثة بحيث لا يتم تمويل أي مشروع من شأنه أن يزيد من حدة ومخاطر التغيرات المناخية، وذلك بهدف التوسع في المشروعات الصديقة للبيئة في إطار مساعي مصر لتصبح نموذجا للتحول نحـو الاقتصاد الأخضر، وترسيخ مفهـوم الشـركات الخضراء، والذي يشير إلى ضرورة التزام الشركات بالمعايير البيئية في كل مـا تقـوم بـه مـن ممارسات إنتاجية وتسويقية للسلع والخدمات، ووفق معايير معينة تضمن حماية الموارد البيئية، والحد من التلوث.

 

ولهذا طرحت الحكومة المصرية أول سندات خضراء بقيمة 750 مليون دولار لتمويل المشروعات الصديقة للبيئة في 30 سبتمبر 2020، ومـن بيـن أهـم وأبرز تلك المشاريع التوسع في استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، كالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح والغاز الطبيعي.


والمشروعات الأخرى المعنية بشئون النقل والمواصلات، بهدف تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى المضرة بالغلاف الجوي والمسببة للاحتباس الحراري، بهدف الحـد مـن ارتفاع درجات الحرارة، وتلافي تداعياتها السلبية.


على غرار توقيـع وزارة البيئة والتنمية المحلية والنقل والصحـة اتفاقـا مشـتـركـا عـام 2020 لتنفيذ مشروع إدارة تلوث الهواء والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وذلك بتمويل من البنك الدولي قيمته 200 مليون دولار، كل هذا سينعكس بشكل إيجابي على الحد من تأثيرات التغيرات المناخية على المجتمع المصري.


التكييف مع التغيرات 
وفي سبيل التكيف مع تغير المناخ، شرعت الحكومة المصرية في الحد من استهلاك مصادر الطاقة الملوثة للبيئة، عبر إصلاح منظومة دعم الطاقة، يمكن أن تؤدي جهود إلغاء الدعم، إلى جانب مبادرات كفاءة الزراعة واستخدام المياه، إلى تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في مصر بنسبة   غير أن هذا أثر بالسلب على رفاهية الأسرة المصرية، بشكل مباشـر مـن خـلال ارتفاع أسعار سلع الطاقة المستهلكة، عقب ارتفاع أسعار السلع والخدمـات الأخـرى بسبب زيادة تكاليف المدخلات الوسيطة، مثل النقل والتجارة، الأمر الذي أدى إلى انخفاض متواضع في الاستهلاك الأسري الحقيقي وزيادة طفيفـة فـي مستويات الفقـر علـى المـدى القصير لذلك قامت الحكومـة بزيادة مقـدار الدعـم الغذائي ونفذت برنامجين للتحويلات النقدية، همـا: تكافل وكرامة، لحماية الفقراء والفئات الضعيفـة. وعملت أيضـا على توسيع نطاق تغطية برامج الحماية الاجتماعية؛ حيث زادت نسبة المستفيدين من البرنامجين من %1 عام 2015 إلى عام 2020.


توصيات الدراسة

رغم الأهمية المحورية للحماية الاجتماعية في مصر، فهناك حاجة ماسة إلى توسيع نطاق تغطيتها وزيادة قيمة الدعم النقدي، مع ضرورة النظر في إمكانية تضمين الطبقة الوسطى في شبكات الأمان الاجتماعي، والعمل على معالجة الآثار السلبية لتغير المناخ على الفقراء، ومن هذا يتضح أن أحد أبرز الأساليب لزيادة قدرة المجتمع المصري على الصمود، هو الحماية الاجتماعية التكيفية التي تأخذ في اعتبارها الصدمات المرتبطة بتغير المناخ قصيرة وطويلة الأجل، وتدمج تدخلات الحماية الاجتماعية مع إدارة مخاطر الكوارث وتدابير التكيف مع تغير المناخ، ما يتطلب تنفيذ منظومة الحماية الاجتماعية التكيفية في مصر، اتخاذ عدد من الخطوات تتضح فيما يلي:

 

أولا: تضمين الاعتبارات المناخية فـي أطـر الحماية الاجتماعية واستراتيجيات التنمية الوطنية، مـن خـلال استكمال البرامج الاجتماعية بحزمـة مـن أدوات التكيف في القطاعات الأخرى، كالزراعة، البنية التحتية، النقل، الطاقة، إدارة مخاطر الكوارث الوطنية، وأنظمة الإنذار المبكر.

 

ثانيا: بناء مجموعة من أدوات الحماية الاجتماعية المبتكرة التي تسهم في توفير مصادر دخل مستدامة للأسر والفئات الضعيفة وحماية البيئة في الوقت نفسه، فإن هناك عدد من الدول استخدمت بنجاح تلك الأدوات على سبيل المثال برامج الأشغال العامة (PWPS) الفراعية للبيئة في ملاوي، سياسات سوق العمل النشطة (ALMPs) في الفلبين، برامج سبل العيش المستدامة(SLP) في منغوليا، وتأمين المحاصيل القائم على الطقس (WBCI) في الهند.

 

ثالثا: تطوير نظم الحماية الاجتماعية القائمة: عبر توسيعها أفقيا لتوسيع تغطيتها لمناطق غير مشمولة بتلك الحماية وعموديـا مـن خـلال زيادة مستويات المنافع المقدمـة مـن خلالها أظهرت التجارب أن البلدان التي لديها أنظمـة حماية اجتماعية قائمة بالفعل قبل وقوع الصدمات المناخية تكون أكثر قدرة على إطلاق المزيد من الاستجابة الفورية والفقالة فور حدوثها.

 

رابعاً: إشراك المجتمـع فـي نـظـام الحماية الاجتماعية؛ حيث تلعـب برامج الحماية الاجتماعية دورا حاسـمـا فـي بنـاء إجماع واسع داخل المجتمع حول أهمية تنفيذ تدابير الحد من آثار تغير المناخ والتحول نحو سياسات خضراء أكثر استدامة، يتطلب ذلـك مشـاركة ممثليـن عـن القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والمجتمعات المحليـة فـي مناقشة السياسات الحكومية المقترحة للخروج باستراتيجية شاملة وواضحة.

 

أخيرا والأكثر أهميـة: تحسين آليات الاستهداف عبر تحديد الفئات والقطاعات وكذلك المناطق التـي مـن المحتمل أن تكون الأكثر تضـرزا مـن آثـار وتداعيات التغيرات المناخية، حيث يمكن الاعتماد على نظم الإنذار المبكـر فـي تحديـد المستفيدين المحتملين من البرامج الاجتماعية، ومن أبرز تلك الفئات المرأة المصرية.

 

ومـن أجـل تعزيز مساهمة النسـاء فـي مصـر فـي جـهـود الاستجابة والتكيف والتخفيـف مـن حـدة التغير المناخي، يمكـن الاستفادة مـن تجـارب بعـض الـدول النامية التي نفذت مجموعـة مـن الآليات والتدابير البارزة؛ مثـل تدشين الأسـس القانونية لتعميم المنظور الجنساني في تغير المناخ وسياسة إدارة مخاطر الكوارث؛ وتضمين النساء في تشكيل إدارات اللجان المحلية للحد من مخاطر الكوارث، وفي هذا السياق تبنت بعض الدول خطة عمل للمساواة بين الجنسين بشأن الحد من آثار تغير المناخ.


 بتوعية النساء وتثقيفهن حول مخاطر تغير المناخ من خلال التثقيف المجتمعي بشأن نظم الإنذار المبكر وإدارة المخاطـر قـبـل حـدوث الأزمة، حيث يتم إشراك النساء والرجال على قدم المساواة فـي جميـع أنشطة إدارة المخاطر والمراقبة المستمرة لنظام الإنذار المبكر، فضلا عن هذا يجب تقديم الدعم المالي للنساء اللواتي يساهمن في حماية البيئة لتوفير الموارد المالية والمساعدة الفنية لتمكين المرأة ودعم جهودها لتنفيذ أنشطة عالية التأثير الأمر الذي سيربط القضايا البيئية بالمساواة بين الجنسين وتعزيز الاستقلال الاقتصادي للمرأة، ومـن هـذا فـإن التوصيـة الأبـرز فـي تأثيـر النـوع الاجتماعـي فـي قضايا المناخ.


 مـا يرتبط بسـد فجوة المعرفـة و توفير إحصائيات متعلقة بالفجوات بين الجنسين في الأدوار والخبرات، وتضمين البيانات الخاصة بالسكان والتعليم والصحة والعمل وصنع القرار، والفقر، التمكين؛ فإن ما يتم إحصاءه بدقة يمكن الاستناد عليه لوضع استراتيجية فعالة لحماية اجتماعية للنساء في المجتمع المصري.

 

اقرأ أيضا: أستاذ دراسات بيئية: التغيرات المناخية تهدد البشرية| فيديو


 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة