الأستاذ الدكتور صبحى السيد حسب النبي
الأستاذ الدكتور صبحى السيد حسب النبي


د.صبحي السيد: نحتاج تشريع لعمل قاعدة بيانات باستخدام الحمض النووي للمجرمين والمشبوهين

حوار| أستاذ بيولوجيا جزيئية: البصمة الوراثية في مسرح الجريمة تكشف مرتكبيها

أخبار الحوادث

الجمعة، 26 أغسطس 2022 - 09:26 م

كتبت: إيمان البلطي

في بحثه المهم عن تطور تكنولوجيا البصمة الوراثية والخلايا الجذعية أكد الأستاذ الدكتور صبحى السيد حسب النبي أستاذ الوراثة والبيولوجيا الجزيئية بكلية العلوم جامعة المنوفية؛ أن القانون عليه أن يرتبط ارتباطا وثيقا بكل المستجدات التى تحدث للمجتمع، فالقانون يجب أن يكون ديناميكيا مثل ديناميكية المجتمع وليس استاتيكيا حتى لا يصاب بالعجز والشيخوخة، وعلى المشرع معرفة ودراسة التطور التكنولوجى لكى يتم العمل على تطوير القانون لمواكبة المستجدات، وفي القلب منها تكنولوجيا الأحماض النووية وخاصة الحامض النووي الـDNA، تفاصيل تأثير هذا البحث، ونقاط اكتشافاته، ومساهمته في تطوير مجالات العمل الجنائي لمحاربة الجريمة، في حديث  لـ "أخبار الحوادث"  في السطور التالية.

وإلى نص الحوار.

●  دكتور.. قبل أن نتحدث عن العينة البيولوجية.. هل من الممكن أن تشرح لنا ما هي البصمة الوراثية؟
تعتبر البصمة الوراثية تقنية من التقنيات التى تستخدم فى تكنولوجيا الأحماض النووية وخاصة للحامض النووى، الدى أوكسى ريبوز أو كما هو معروف باسم الـ»DNA»، فكل شخص ينفرد بـ بصمة وراثية خاصة به. والبصمة الوراثية أو بصمة الحمض النووي هى إحدى وسائل التعرف على الأشخاص عن طريق مقارنة تتابعات DNA، التى تعبر عن الجينات الوراثية، حيث أن كل جين له تتابع خاص به، وهناك تتابعات لا تعبر عن جينات، ولكن يختلف تتابعاتها وتكراراتها باختلاف الأشخاص، وهذا الاختلاف فى عدد التكرارات هو المسؤل عن البصمة الوراثية.

●  وما المقصود بالعينة البيولوجية؟
أي شئ بالجسد البشرى مثل: «شعره، عرقه، دمه، جلده، عظامه، لعابه»، فالسوائل جميعها بها بصمة وراثية، حتى التنفس به بصمة وراثية، فيمكن أن يترك الشخص بصمته الوراثية في أي مكان، سواء على كوب ماء أو على أرضيات او في الجو أو على ملابسه، فحتى مصافحة اليد تترك البصمة الوراثية للأشخاص، مما ساعد بنسبة ٩٩.٩٪ لمساعدة البحث الجنائي فى كشف غموض شخصية الجاني أو التعرف على شخصية مجهولة الهوية، كجثة محترقة أو جثة مشوهة، أو ثبوت نسب الأبناء مجهولى النسب، فالهدف من البصمة الوراثية تحديد مرتكبي الجريمة (الجانى) فى موقع الجريمة، عن طريق أخذ عينات بيولوجية من مكان الواقعة، وقد تكون تلك العينات ملموسة ظاهرة، وقد تكون غير ملموسة ويتم رفعها إلى معامل الأدلة الجنائية، وكشف لغز أي جريمة والوصول فى وقت قياسي لمرتكب الواقعة.

والهدف هو تسهيل الوقت على رجال البحث الجنائي لكشف الجريمة مما يقلل فرصة غموض الجريمة، وسرعة إصدار الحكم من قضائنا الشامخ مما يخدم المجتمع المدنى فى ردع الجريمة، فعلم الجاني بالعقوبة الواقعة عليه يقلل من خطورة انتشار الجرائم.

اقرأ أيضًا | نصائح صحية.. علاج جيني جديد قد يمنع فقدان السمع الوراثي

●  هل يمكن لمرتكبي الجريمة وضع أي مؤثرات تخفى الجريمة وتساعدهم على الفرار من وضعهم فى دائرة الاتهام؟
هذا اعتقاد أي مجرم أنه يستطيع الإفلات من العقاب، وابعاد الشكوك عنه، فمثلا يقوم بعض الجناة بحرق جثمان الضحية او تشويهها في محاولة لإخفاء هوية الضحية، ولكنه اعتقاد خاطئ، فقد يكون الحرق سببا فى أخذ وقت طويل للوصول لهوية الشخص، لكن عن طريق البصمة الوراثية يتم أخذ عينة من عظام الضحية، وعن طريق تحليلها فى معامل الأدلة الجنائية يتم معرفة هوية الضحية والوصول إلى ملابسات الحادث.
ومن حكمة الله عز وجل أن هناك اختلاف بين البصمة الوراثية لأي حيوان عن البصمة الوراثية للبشر، فالجينوم للطيور يختلف فى التتابعات وخاصة عدد التكرارات عن الآدمية، ويتم معرفة ذلك بتحليل PCR، لذلك مهما ظن المجرم وفكر كيف يواري جريمته لن يستطيع الإفلات من العقاب.

قضايا غريبة
●  ما هي أول جريمة تم حل لغزها بالبصمة الوراثية؟
 جريمة حدثت بالولايات المتحدة الأمريكية عام ١٩٨٢ لطبيب اتهم بقتل زوجته وتم رفع وحفظ العينات البيولوجية لعدم وجود أجهزة علمية حديثة لتحليل تلك العينات، وتم الحكم علي الشخص ومع نفى ابنه أن والده هو مرتكب الجريمة ومع تطور أجهزة الكشف PCR تم تحليل تلك العينة والتي ثبتت براءة الزوج من تهمة قتل زوجته، وتم اكتشاف الجانى كان صديق مقرب للعائلة ومن هنا كانت بداية البصمة الوراثية لكشف الجرائم.
وهناك أمثلة متعددة لحل قضايا باستخدام البصمة الوراثية، ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلا، كانت من أبرز القضايا التي استخدم فيها تحاليل البصمة الوراثية في الولايات المتحدة الأمريكية هي قضية الرئيس الأمريكي الأسبق «بيل كلينتون»، ومواقعته جنسيا لـ «مونيكا لوينسكي» المتدربة بالبيت الأبيض، واضطراره الاعتراف بواقعة العلاقة بمجرد التلويح له بتحليل عينة من سائله المنوي الموجود على قطعة الفستان الأزرق من ملابس مونيكا.

●  ما هي أغرب القضايا التى حدثت على أرض الواقع وكان لتحليل البصمة الوراثية القول الفصل في كشفها؟
كانت هناك جريمة المجني عليها فيها أنثى، وعند تحليل الكروموسومات وجدوا أنها XY، أى نتيجة التحليل ذكر وليست أنثى، وتم الاستعانة بي من قبل معامل الأدلة الجنائية لتفسير الحالة، واتضح فعلا أن المجني عليه أنثى لكنها تحمل الصفات الذكورية والأنثوية في آن واحد.
وهناك حالة أخرى لشخص قد تزوج وبكامل رجولته، لكنه لا يستطيع الإنجاب، وتسمي بآزو، المقصود بها الشخص الذي لا يستطيع إنتاج الحيوانات المنوية، وبالفعل عند تحليل الكروموسومات وجدوها XX يعني أنثى وليس ذكرا.

●  ما هي التوصيات التي تريد إلقاء الضوء عليها؟
أرى ضرورة وضع التشريعات فى القانون المصرى لتنظيم العمل بالبصمة الوراثية في القضايا المدنية، مثل قضايا إثبات النسب وغيرها، حيث ظهر من خلال الدراسة غياب المسألة التشريعية بصورة محددة وواضحة فى التعامل مع معطيات هذه الثورة العلمية الحديثة، وكذلك استخدام الخلايا الجذعية فى علاج الأمراض المستعصية. وأهمية وضع التشريعات المنظمة للضوابط القانونية للحصول على عينات البصمة الوراثية من الأشخاص المشتبه بهم فى القضايا الجنائية. كما أنه لا بد من وضع تشريعات التى تمكن من إنشاء قواعد بيانات للبصمة الوراثية لفئات بعينها – معتادى الإجرام – أو على نطاق أوسع لتشمل فئات الشعب المختلفة.

ولابد من حماية مسرح الجريمة من التلاعب به، أو حتى دخوله سواءً من قبل المواطنين أو حتى ضباط المباحث أو النيابة العامة ووكلائها إلا بعد دخول ضباط المعامل الجنائية، وذلك للحرص الشديد على عدم وجود أية آثار بيولوجية خاصة بمن سبق ذكرهم، وأيضاً لعدم مسح أية آثار بيولوجية مهمة دون قصد.

ووضع تشريع يتيح تغذية قاعدة البيانات بالمعامل الجنائية بأكبر عدد ممكن من بيانات البصمة الوراثية للأشخاص الذين سبق وتم اتهامهم في قضايا السرقة والقتل وغيرها، وتم القبض عليهم وايداعهم السجون المختلفة بالمحافظات، بما يفيد في كشف حالات تطابق البصمة الوراثية بين الأشخاص في العديد من القضايا، وكذا في معرفة كروموسوم الذكورة للعائلة بالكامل من ذكر واحد، وبالتالي تزيد فعالية البصمة الوراثية في الوصول لمرتكبي الحوادث.


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة