محمد هنداوى
محمد هنداوى


يوميات الاخبار

أوهن البيوت وأقوى الخيوط

محمد هنداوي

الأحد، 28 أغسطس 2022 - 07:16 م

أفكار كثيرة تتزاحم فى رأسى أحاول الإمساك بإحداها،  أهرول وراءها حتى أنجح أن أسطر يومياتى الأولى

السبت  
مشاعر متباينة تملكتنى وأنا أمسك بقلمى لأكتب يومياتى الأولى على صفحات محبوبتى جريدة «الأخبار»، فالكتابة فى تلك المساحة التى كتب بها وما زال يكتب أساتذة عظام عبر مختلف الأجيال بكل تأكيد فرصة عظيمة للصحفيين الشبان من أبناء جريدتنا، ليست ترفاً أو نوعاً من الوجاهة لكاتبها.
وجاءت تلك اليوميات بعد محاولات استمرت لفترات متباعدة ليس لقلة الأفكار أو عدم القدرة على الكتابة، ولكنها حواجز داخلية بعدم الرغبة فى الكتابة لا أعرف أسبابها، بالإضافة إلى انشغالى الدائم فى متابعة الأعمال المكلف بها فى الجريدة أو بعض الأعمال اليومية الأخرى، بجانب مشاغل الحياة والأسرة بصفة عامة إلا أن وجود فرصة عظيمة أتاحها الكاتب الصحفى خالد ميرى رئيس تحرير الأخبار للصحفيين الشباب بأن يحصلوا على فرصتهم بالكتابة لاكتشاف أصحاب الموهبة منهم والاستمرار إن كانوا يجيدون، بجانب دعم الأستاذ خالد ميرى الدائم للشباب بالجريدة وإعطائهم دفعة قوية فى العمل وتولى المسئولية، فأنا أؤمن بأن الكتابة والاستمرار فيها ليست بحجز مكان ثابت يومياً أو أسبوعياً أو حتى شهرياً ليكتب فيه الكاتب أى شيء كنوع من سد الخانة وملء تلك المساحة، ولكن لابد أن يكتب من يملك الأفكار الجديدة، فالفكرة الجيدة لأى كتابة صالحة هى رزق من الله لهذا الكاتب لينقلها بأسلوبه الشيق والجيد إلى القارئ، ويستطيع بسلاسة أسلوبه وبساطة تعبيراته أن يصل بما سيكتب من أفكار ورؤى فى مختلف القضايا السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الأسرية إلى عقل وقلب ووجدان القارئ البسيط قبل المثقف.


أفكار كثيرة تتزاحم فى رأسى لا أستطيع الإمساك بإحداها، كأنها فئران صغيرة كثيرة فى حجرة كبيرة فى منزل ممتلئة عن آخرها «بكراكيب سنوات مضت» وأنا أهرول وراءها سعياً فى الإمساك بها، حتى أنجح بعد جهد كبير ومعاناة فى الإمساك ببعض هذه الأفكار لأسطر بها يومياتى الأولى.
عدت إلى مفكرتى لأجد رءوس أفكار لبعض المقالات شرعت فى كتابة بعضها على فترات متباعدة خلال الفترة الماضية ولكنها لم تكتمل، لتظل جميعها أفكاراً وفقرات صالحة لتخرج إلى القارئ ليقيّم أول تجاربى فى كتابة اليوميات.


الأحد
حريرية فى ملمسها، وجذابة فى مظهرها ودقيقة فى تصميمها الهندسى الرائع هى بيوت العنكبوت، حتى إن بعض العلماء والباحثين وأساتذة الكيمياء أكدوا أن خيوط تلك البيوت لو اجتمعت فى سماكة الإصبع لأصبحت أقوى من الفولاذ بعشرين مرة واستطاعت حمل عشرات الأطنان، إلا أنها فى النهاية تظل أوهن البيوت، فتلك الخيوط تتشابك مع بعضها البعض تاركة مسافات بينية لا تقى حرارة شمس ساخنة فى فصل الصيف، ولا رياح متقلبة فى الخريف، ولا أمطار غزيرة فى شتاء بارد، فتظل بيوتا ضعيفة وهشة.


للأسف، تشابهت بعض البيوت فى مجتمعاتنا خلال السنوات الأخيرة مع بيوت العنكبوت، وخاصة مع سيطرة وسائل التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا على الحياة اليومية لملايين الأسر، فى ظل تطور مرعب للتكنولوجيا وانتشار العادات والتقاليد الغريبة داخل الأسر والعائلات ورغبة فى الشهرة وجنى الأموال مقابل أى شيء.
تلك البيوت التى أتحدث عنها أصابها الوهن والضعف مثل بيوت العنكبوت، بيوت غابت عنها المودة والرحمة، عرّتها السوشيال ميديا، أظهرتها خاوية.. ضعيفة.. لا قيم لها ولا أخلاق.. لا تربية ولا دين ولا أصول ولا عادات أو تقاليد.


وأنا هنا لا أتحدث عن مستوى الغنى أو الفقر أو التعليم أو الثقافة لتلك البيوت، ولكننى أتحدث عن العادات والتقاليد والأصول التى تربينا عليها والتى غابت وانقرضت تماماً فيها، وغابت عنها الرحمة والأُلفة والسكينة والاحترام، حتى أصبحت صورة مصغرة من بيوت العنكبوت، وما يحدث فيها من افتراس أنثى العنكبوت لجسد الذكر -وفى أحيانا أخرى ينجح الذكر فى افتراس الأنثى- كما تلتهم الأنثى صغارها فى بعض الأحيان دون رحمة، وهم يتقاتلون من أجل الطعام والمكان أو من أجلهما معاً وتنتهى المعركة ببقاء عدد قليل منهم ليعيشوا جميعاً ذكريات تعيسة.. موجعة.. مؤلمة.. وهذا ما أصبحنا نشاهده فى بعض البيوت الآن من جرائم قتل وسرقة وغدر وخداع وكذب وخيانة لكل شيء من أجل لا شيء بين أفراد الأسرة الواحدة أو العائلة أو الجيران فى نفس المنزل أو الشارع، فى ظل غياب الترابط الأسرى بين الأزواج وأبنائهم والأخ وشقيقه أو الأخت وشقيقتها أو الشاب وصديقه أو البنت وصديقتها، فالأخلاق تغيرت تماماً والمشاهد والوقائع التى حدثت فى المجتمع مؤخراً أثبت ذلك.


أتمنى من كل قلبى أن تسرع الدولة بكافة وزاراتها ومؤسساتها بالتعاون مع وسائل الإعلام والمسجد والكنيسة فى إنقاذ ما يمكن إنقاذه للسيطرة على انتشار وتوغل بيوت العنكبوت فى مجتمعنا، وإنقاذ الأجيال القادمة ومستقبل مصر الاجتماعي، كما أتمنى أن تعود الأسر للاهتمام بأبنائها والاستماع لمشاكلهم بإنصات، وأن يغرثوا فيهم القيم والتقاليد والعادات الجميلة التى عاش عليها آباؤنا وأجدادنا.. حتى لا نندم وتصبح بيوتنا مثل بيوت العنكبوت.. أقوى الخيوط وأوهن البيوت.
الإثنين
بين الحين والآخر أغيب شارداً لبعض دقائق تمر كسنوات طويلة ويجول بخاطرى تلك الجملة القليلة فى عدد الكلمات والثمينة فى المعانى والعبر ودروس الدنيا، وهى «اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم» والتى كان يرددها سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه، حكمة لو ندركها فى حياتنا لتغيرت كثيراً خلال رحلتنا القصيرة فى هذه الحياة.


نحتاج جميعاً أن تتغير نظرتنا للنعم التى نعيشها واعتدناها بصورة يومية سواء كانت وظيفة أو منصباً أو جمالاً أو مالاً أو صحة أو ستراً أو أبناء أو والدين أو زوجا صالحا وزوجة صالحة وغيرها من فيض النعم الذى نعيشه فى حياتنا والتى يتمناها غيرنا ويعانى من فقدانها لحكمة للمولى عز وجل.
وأتذكر تلك الجملة بصورة مستمرة مؤخراً فى ظل بعض المظاهر السلبية التى نعيشها والتى أفرزتها السوشيال ميديا فى حياتنا وهوس الشهرة أو التفاخر والتباهى على بعض برامج التواصل الاجتماعى سواء بمال أو منصب أو وظيفة أو أبناء أو جمال وغيرها من مظاهر التفاخر التى يمكن أن تتبخر فى لحظة، كما تمتلكنى حالة من الاستغراب من رضوخ بعض الأسر للمطالب المبالغ فيها من أبنائهم والتى مما لا شك فيه ستؤثر على مستقبلهم القادم وعدم تحمل مشقة الحياة أو تقلبات الزمن الغادرة أو أزمات الدنيا، والتى يمكن أن تكون تلك النعم امتحانا من الله عز وجل لفترة قصيرة، فأتمنى من الجميع أن يغرسوا فى أبنائهم وزوجاتهم وأسرهم نعمة الرضا والاعتدال فى كل شيء، اجعلوهم يعتادون على تحمل المسئولية ومتاعب الحياة حتى لو ظروف معيشتكم تسمح بغير ذلك، فالزمن بين غمضة عين يتغير، اجعلوهم راضين بأقل النعم وليس بأكثرها فالحياة مليئة بالنعم كثرت أو قلت فلابد أن نشكر الله عليها.. فهناك من لديه الصحة وليس لديه المال وهناك من لديه المال وليس لديه الأبناء وهناك من لديه المال والصحة والأبناء وليس لديه الرضا ولا الطمأنينة.


وأتذكر أيضاً هنا دعاء ينصحنى به دائماً أبى الغالى أطال الله فى عمره، إذا كنت تتذكر أى نعمة تعيشها فدائماً ردد «اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال».
أخيراً الشعور بالأمان والطمأنينة والستر والصحة والرضا والهدوء النفسى والاستقرار الأسرى هى نعم لا تقدر بكنوز الدنيا فى هذه الأيام، فهناك ملايين يتمنون القليل الذى نعيشه الآن من نعم، فنحن غارقون فى نعمه وستره ولكننا اعتدنا هذه النعم.
فالحمد لله دائماً على نعمه وستره ومحبته وتوفيقه.


الثلاثاء
سُنة حسنة وجديدة بدأها الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء بعد توليه المسئولية فى عام 2018 بتكريم الوزراء الراحلين فى التعديل الوزارى وإهدائهم درع مجلس الوزراء تقديراً لجهودهم التى بذلوها وعطائهم وتضحياتهم التى لم يبخلوا بها خلال سنوات عملهم وتوليهم المسئولية لخدمة المواطن والوطن.


 لاقت تلك الخطوة استحسانا وإشادة من المتابعين لعمل رئيس الوزراء باعتبارها مبادرة طيبة فى العمل الحكومى من رئيس الوزراء بتكريم الوزراء الراحلين الذين يشملهم التعديل الوزارى فى حضور الوزراء الجدد وهى الخطوة التى لاقت تقديرا من الوزراء الراحلين بشعورهم بالتقدير المعنوى من رئيس الحكومة ودافع للوزراء الجدد على الاجتهاد فى عملهم، فالدولة لا تنسى رجالها الذين اجتهدوا فى عملهم فى أى موقع أو مكان أو مجال.


أتمنى من كل قلبى أن يستكمل د. مدبولى ما بدأه منذ سنوات ويقوم بتنظيم احتفالية صغيرة قبل أو بعد الاجتماع الأسبوعى لمجلس الوزراء قريباً ويكرر تلك الخطوة فى ظل توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بتكريم وتوجيه الشكر وتسليم وتسلم المسئولية بين الوزراء السابقين والحاليين؛ لإرساء مبدأ العمل المؤسسى فى الحكومة فى ظل الجمهورية الجديدة التى تقدر وتحترم جميع أبنائها ممن يبذلون الغالى والنفيس فى خدمة هذا الوطن ومواطنيه.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة