عصام السباعي
عصام السباعي


عصام السباعي يكتب: طه حسين .. وتصحيح مسار التعليم

عصام السباعي

الإثنين، 29 أغسطس 2022 - 01:51 م

 

لا أدرى كم مرة قرأت كتاب الدكتور طه حسين «مستقبل الثقافة فى مصر»، الذى صدر عام 1938 مـ، وكان يأمل الرجل كما سجل فى مقدمته أن نناقش ما فيه من أجل اللحاق بركب الحضارة، وكلما انتهيت من قراءته أنتهى لنفس النتيجة، وهى أننا ندور فى نفس الدائرة، ونحتاج لمناقشة نفس النقاط والمشاكل والعلل التى سجلها طه حسين قبل أكثر من 80 عاما لواقع الثقافة فى مصر، وفى قمتها قضية تطوير التعليم وبالتحديد الثانوية العامة، والتعليم الخاص، وأصبح الأمر يا سادة وكأننا نعيد اختراع الدراجة!، ولا أدرى كيف يكون لدينا ذلك الكنز الذى تركه لنا عميد الأدب العربي، ولا نستفيد منه! فى وقت أزعم أن هناك دولا استفادت منه واعتمدت عليه فى بناء نظامها التعليمى، وذلك برغم أن طه حسين نفسه قد سجل فى المقدمة أنه يرجو أن يكون الرأى الذى طرحه مفيدا لمن يتولون أمر التعليم، ويأخذون بعض ما فيه، لتحقيق ذلك الهدف المرجو وهو بناء المستقبل، وهو ما حرص على تأكيده بأن جعل عنوان المقدمة فى تلك الجملة «الثقافة والعلم أساس الحضارة والاستقلال».

ولا يسعدنى أن أقول لكم اليوم إننا نعادل العديد من شهادات الثانوية الأجنبية، بريطانية وأمريكية وألمانية ولاتينية وأفريقية إلخ إلخ إلخ، رغم ذلك فنحن لا نستطيع اختيار أى نظام منها نراه صالحا لنا ولظروفنا ومجتمعنا ونطبقه، ولا أدرى كيف يكون لدينا كل تلك الخبرات التربوية ولا نستفيد بها! ولكل تلك الأسباب، ضحكت باكيا وأنا أتابع كلمات الدكتور طه حسين وهو يقول لنا فى كتابه: «ويجب أن يفهم المصريون والأجانب جميعا أن قيام المدارس الأجنبية فى أرض البلاد المستقلة مخالف لضبط السيادة الوطنية».

وقوله: «يجب أن يدرس طلاب المدارس الأجنبية ما يدرسه طالب المدارس الوطنية من اللغة القومية والتاريخ القومى والجغرافيا القومية والدين القومي»، وكذلك: «المصلحة الوطنية تتطلب إشراف وزارة المعارف على التعليم الأولى والثانوى فى الأزهر»، والأهم أنه حذر أيضا من مشكلة قديمة جديدة، لم ندركها حتى نتداركها، حينما قال «إن المتعلمين فى مصر قد خضعوا لألوان ونظم متباينة من التعليم ينكر بعضه بعضا، ونشأ عن ذلك اضطراب له آثاره الخطيرة فى حياتنا المصرية»، وتخيلوا حجم الاضطراب أيام طه حسين، وما وصلنا له من اضطرابات تعليمية وتربوية فى العقود الأخيرة، حيث افتقدت المدارس أهم مافيها.. المدرس والقدوة والحوش وحصة الموسيقى والرسم والألعاب .. إلخ إلخ .

والمؤكد أن الدولة اعتمدت خطة التطوير الشامل للتعليم فى مصر، ولا يمكن أن نتصور أبدا أننا سنشطب ما فات من إنجازات ونبدأ من أول السطر مع وزير التعليم الجديد، ولكن سنواصل المشوار ولكن على قواعد وأسس تربوية وشراكة حقيقية للعناصر التعليمية، وأصارحكم بأننى متفائل جدا بالدكتور رضا حجازى وزير التربية والتعليم، فهو عالم ببواطن الأمور وخبير تربوى جليل من نوع فريد، وأثمِّن كثيرا تحليله لما كان، بأن جزءا من المقاومة السابقة للتطوير كان بسبب عدم قدرة الوزارة على الوصول إلى شركاء العملية التعليمية، وأثمِّن أكثر ذلك المصطلح الذى صاغه وعبر به عن الحقيقة الغائبة، وهو «شركاء»، فقد نظر إلى الرأى العام التعليمى بكل مفرداته، على أنه شريك للوزارة فى المتابعة واتخاذ القرار، ولم يتعامل معهم على أنهم مجرد متابعين لأدمن صفحة الوزارة على الفيس بوك، كما تعامل مع باقى الشركاء بما يستحقونه، المدرسون والمديريات والطلاب وعلماء التربية، وأن الكل شريك فى قطار التطوير دون إقصاء لأى طرف، ولم يكن ذلك أمراً جديداً، فهو نفس المبدأ الذى تتبناه الحكومة فى المشروعات الاجتماعية، وخاصة مشروع حياة كريمة، حيث يتم سؤال المواطنين فى المجتمع المراد تطويره، وأخذ ملاحظاته وطلباته وأولوياته فى خطط التطوير، كما أن من دراسات الجدوى فى أى مشروع تقوم به الحكومة هو الدراسة البيئية والمجتمعية، وكان ذلك ما ينقص إدارة مرفق التعليم، فقد انشغلنا خلال سنوات مضت بأسلوب الاختبار؛ تابلت أم بابل شيت أم مقالى وغير ذلك، ولم ننشغل بالأهم وهو المضمون، ضيعنا الوقت فى الكلام عن الامتحان الذى يأتى فى آخر السنة، ولم نهتم بالمناهج التى يتم تدريسها طوال العام!

يبقى رجاء.. هل يسمح وزير التعليم بتشكيل لجنة لدراسة كتاب الدكتور طه حسين «مستقبل الثقافة فى مصر»؟، ففيه مفتاح الإجابات عن مستقبل الوطن فى التعليم والحضارة والتقدم.

بوكس

ميدان رمسيس.. مشهد لا يليق!

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة