جلال عارف
جلال عارف


جلال عارف يكتب: ينعاه الجميع.. ويبقى لغزاً!!

جلال عارف

الأربعاء، 31 أغسطس 2022 - 07:43 م

بعد سنوات طويلة فى الظل، رحل الرجل الذى شغل الدنيا وهو يغير خريطة العالم السياسية ويكتب نهاية الاتحاد السوفيتى فى سنوات حكمه القصيرة مع نهاية الثمانينيات من القرن الماضى.

رحل ميخائيل جورباتشوف بعد أن تجاوز التسعين، تاركا وراءه أسئلة مازالت تبحث عن إجابات عما جرى فى هذه السنوات المثيرة، وحول دوره الذى سيظل يثير الجدل بين من يراه مصلحا يستحق التكريم حتى وإن أخطأ، وبين من يراه خائنا فتح الطريق لانهيار الاتحاد السوفيتى وما أعقبه من سنوات إذلال لن ينساها الروس ولن يغفروا لمن شارك فى صنعها.

عندما وصل جورباتشوف إلى قمة الحزب الشيوعى السوفيتى عام ١٩٨٥ مزيحا من طريقه كل قادة الحزب وأعضاء المكتب السياسى الذى كان أصغر أعضائه.. كان ذلك تعبيرا عن رغبة أكيدة فى التغيير بعد سنوات طويلة من الجمود الذى حكم الاتحاد السوفيتى فى سنواته الأخيرة. وعندما أطلق دعوته الإصلاحية تحت اسم "البروسترويكا" أى إعادة البناء، و"الجلاسنوست" أى الشفافية لم يكن متصورا أن ينتهى الأمر فى بضع سنوات إلى انهيار الاتحاد السوفيتى، وأن يكون مصير رجل البروسترويكا هو الرحيل إلى الظل بعد أن انتهت مهمته!!

كانت زعيمة بريطانيا "تاتشر" هى من اكتشفت أن هناك فرصة للغرب مع جورباتشوف، وهى التى نسجت علاقته مع الرئيس الأمريكى ريجان التى وضعت حدا للحرب الباردة، والسباق النووى أحاطوه - كالعادة- بأضواء "نوبل للسلام"، وبعدسات الإعلام المبهرة، وأحاطوه أيضا بالمساعدين الذين انقلبوا عليه بعد ذلك، ووقفوا فى النهاية مع غريمه "يلتسين"، وهو يقتحم مكتبه مطالبا إياه بالرحيل!!
هل كان "جوربا تشوف"، ضحية أحلامه، أم ضحية العجز عن تحويل هذه الأحلام لبرنامج عمل يحقق الإصلاح ويحافظ على الدولة؟
وهل خانه الغرب لأنه كان يريد الانتقام من الاتحاد السوفيتى، أم خانته قلة الخبرة وضغوط سنوات الجحود فى موسكو؟!

التاريخ يحكم، لكن الواقع يقول إن صاحب "البروسترويكا"، يرحل بعد أن رأى روسيا تتخطى أزمتها، وبوتين يؤكد أن انهيار الاتحاد السوفيتى هو مأساة القرن العشرين، والحرب الباردة تعود، وحرب أوكرانيا تهدد بالأسوأ.
رحل جورباتشوف بعد سنوات طويلة فى الظل. رثاه رئيس أمريكا ودول الغرب، وقدم "بوتين"، تعازيه الحارة لعائلته ومحبيه. نعاه الجميع وبقى لغزا!!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة