صالح الصالحي
صالح الصالحي


صالح الصالحي يكتب: العراق؟!

صالح الصالحي

الأربعاء، 31 أغسطس 2022 - 07:47 م

ما بين اعتصام وسقوط ضحايا من مصابين وقتلى بالمئات وإنهائه بكلمة واحدة من زعيم التيار الصدرى مقتدى الصدر بعدما شهد مختلف أنحاء العراق على مدار فترة ليست بالقصيرة مظاهرات واحتجاجات لأنصاره الذين اقتحموا مبانى حكومية فى كافة المحافظات العراقية، لينتهى الأمر خلال الساعات الماضية على استحياء وترقب لمزيد من التطورات الخطيرة بعدما احتدمت الأزمة السياسية ووصلت لهذه الدرجة من اقتحام المتظاهرين للمنطقة الخضراء.

الأحداث الدامية لم تكن وليدة ليلة وضحاها، وإنما هى نتيجة لتراكم واستمرار الخلافات السياسية بشكل لا يستطيع أحد معه إنكار قوة التيار الصدرى.

فعلى الرغم من إدانة الرئيس العراقى برهم صالح لهذه الأعمال إلا أنه دعا مقتدى الصدر لدعوة المتظاهرين بالانسحاب من المؤسسات الحكومية.. وحذر من خطورة الخلاف السياسى الذى يصل لحد الإضرار بكافة مؤسسات الدولة والشعب العراقى ومقدراته وتطلعاته ومستقبله ووحدة أراضيه.

وبدا المشهد فى حالة انفلات تام.. وبدت معه الدولة عاجزة عن السيطرة على الأوضاع الأمنية.. فلم تشفع أو تؤثر دعوات بعثة الأمم المتحدة لجميع الفاعلين السياسيين إلى العمل على خفض التصعيد واللجوء للحوار باعتباره الوسيلة الوحيدة لحل الخلافات.. وهو الحل الذى دعت إليه دول أخرى لتسير الأمور فى اتجاه الحوار لرأب صدع الأزمة.

وما بين اعتزال وعودة مقتدى الصدر للسياسة تبدو الأمور هزلية.. فميزان القوى وبما لا يدع مجالاً للشك فى يد التيار الصدرى الشيعى، حتى وإن أظهر زعيمه فى بيانه أنه يتبرأ من أعمال العنف والاعتصام فى وقت تأزمت فيه الأمور وأصبحت البلاد على صفيح ساخن مهددة بالانقسام والصراع الداخلى.

وعلى الرغم من فض الاعتصام بعد دعوة الصدر وإصدار أوامره بعدم حمل السلاح، إلا أنه لم يمر وقت طويل حتى أعلن الرئيس العراقى برهم صالح إجراء انتخابات مبكرة باعتبارها المخرج الأمثل للأزمة الراهنة فى العراق. كما أعترف بأن الانتخابات الأخيرة لم تحقق ما يصبو إليه الشعب ويأمله المواطنون.. وحث كل من الإطار التنسيقى والتيار الصدرى على ضرورة بحث إمكانية الانتخابات المبكرة.. وهو ما يمثل وقف التصعيد فى مشهد بدا أنه رُتب خلف الكواليس لاحتواء الأمر.. باعتبار أن هذا ما طالب به مقتدى الصدر منذ البداية وعدم الاستجابة له أوصل الأمور لهذه الدرجة.

المشهد جد خطير، مقاليد الأمور ومفاتيحها فى يد التيار الشيعى (الصدرى) ليجعل العراق كله فى أزمة مستمرة على صفيح ساخن حتى وإن تخللتها هدنة أو أكثر حتى تتم الاستجابة لمطالبه على الوجه الذى يتوافق عليه، مما يدخل العراق فى نفق مظلم لا أحد يعلم كم من الوقت يكفى لخروجه من متاهة العنف، على الرغم من إعلان الرئيس العراقى انتهاء الأزمة السياسية!!.

وفى الوقت الذى يدعو فيه العقلاء الجميع للعودة للحوار الوطنى.. ستجد التيار الصدرى يفرض شروطه المسبقة للموافقة على المشاركة فيه.. وإلا العودة لنفس السيناريوهات ما بين دعوات نظرية وواقع عملى ملىء بالدماء والطائفية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة