مهند عدلي
مهند عدلي


مهند عدلي يكتب.. أهمية ترتيب أولويات الإصلاح في المرحلة القادمة

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 01 سبتمبر 2022 - 11:04 ص

ما بين الأحداث الاقتصادية المتسارعة والمتداخلة دولياً وتفاعل الاقتصاد المصري مع هذة الاحداث تظهر العديد من الأطروحات للتعامل مع ما تفرزه هذه الأزمات من تحديات والتي تضعنا امام خيارات ما بين 1) التباطؤ في اتخاذ القرار حتى تتضح الصورة الكاملة ثم بدء العلاج أو 2) الحسم القاسي بتداعياته المؤلمة اقتصاديا واجتماعيا أو 3) الحسم المخطط الذي يعتمد على سرعة وشمول العلاج مع حساب التداعيات السلبية ومحاولة الحد من آثارها .. 
 هذه الخيارات الثلاثة ترصد ما هو مطروح من علاجات فمنذ كورونا وهناك ضغوط هائلة على كافة الاقتصاديات العالمية والاقتصاد المصري بالطبع، فمنذ أوائل 2020 تنوعت هذه الضغوط واختلفت وتطورت بل وتناقضت أحيانا حتى وصلنا إلى محطة الحرب الروسية الأوكرانية لتتعقد الأزمات وتتشابك وتدخل الاقتصاديات الناشئة مرحلة حادة من الضغوط غير المتوقعة سواء على الميزان التجاري أو ميزان المدفوعات أو معدلات النمو المستهدفة ..
ولذلك فإن من يبحث عن حل سحري فهو واهم أو بأقصى تقدير متفائل بأكثر مما يجب لأن الحالة الاقتصادية الراهنة شديدة التعقيد والخروج منها يستلزم تنفيذ تحركات تتسم بالسرعة والاستدامة وهي من وجهة نظري أفضل الخيارات الممكنة بأقل آثار جانبية محتملة يمكن السيطرة عليها عبر تحقيقها لأهداف عاجلة أهمها عودة الاستثمارات المباشرة الأجنبية والمحلية إلى المعدلات المأمولة وعودة القطاع الخاص إلى مزيد من النمو والخروج من حالة انكماش القطاع المستمرة لما يقرب من عامين وفق مؤشر مديري المشتريات وبالتالي زيادة معدلات التشغيل وخفض البطالة والسيطرة على الأسعار ..
والخطوات المطلوبة قولاً واحداً هى:
أولاً : أن يخضع سوق العملة للعرض والطلب بحيث يصبح سعر الصرف هو السعر الحقيقي المكافئ لوزن العملات فالنجاح هنا لا يٌقاس برقم أو نسبة أسعار الصرف ولكن باستقرار السوق وأسعاره لأنه يضمن للمستثمرين بيئة من الوضوح والشفافية تمكنهم من اتخاذ القرارات الاستثمارية الصحيحة  على المدى المتوسط والطويل.
ثانياً : اتخاذ الإجراءات النقدية والهيكلية الكفيلة بخفض معدل التضخم لتخفيف الضغط على القدرة الشرائية للمستهلكين وزيادة معدلات الطلب الفعلي والإنتاج حتى لو استلزم ذلك رفع معدلات الفائدة كحل مؤقت كما حدث في عام ٢٠١٧ كخطوة مرحلية لحين تحقيق التوازن و حتى لا يتوحش التضخم و يستفحل بل وربما يصبح مكون مستدام من مكونات الاقتصاد الكلي كما حدث في دول أمريكا اللاتينية في الثمانينات والتسعينات، فالتصخم إذا لم يجد مواجهة حاسمة فإنه يملك أدواته الذاتية لتغذية نفسه الى ان يصل الى مرحلة من التوحش لن تجدي معه ادوات التعامل التقليدية وسنكون أمام تضخم قد ترسخ في الاقتصاد ولا يمكن التخلص منه الا باجراءات مؤلمة باكثر مما نحتمل. 
ثالثاً : إعادة بناء ثقة المستثمرين الأجانب والمؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري ويستلزم ذلك ايضا تسريع إجراءات الحصول على قرض صندوق النقد الدولي وخاصةً بعد ما اعلنت الحكومة عن بدء المفاوضات بالفعل وليس لقيمة القرض نفسه ولكن لكونه بمثابة شهادة جدارة ائتمانية والتي هي ضرورية لتشجيع المستثمر الذي لا يزال ينتظر ويراقب من بعيد ولا يأخذ زمام المبادرة الا بمحفز خارجي قوي وشهادات من كيانات ذات سمعة موثوقة.
رابعاً : ضبط بيئة العمل ورفع مستوى جودتها من حيث التخلص من الضغوط البيروقراطية على المستثمرين والتطبيق الفعال لحزمة التحفيز الحكومية ووثيقة سياسة ملكية الدولة.
وبالطبع فإن المطلوب ليس فقط التنفيذ العاجل والفعال للخطوات السابقة ولكن مطلوب ايضاً أن يصاحب ذلك إجراءات وبرامج حماية اجتماعية لتحييد الآثار السلبية كلما كان ذلك ممكناً مع تنفيذها وفق سياسة تحقق الاستدامة وصولاً للخروج من عنق الزجاجة والانطلاق نحو مستقبل اقتصادي مستقر ومأمول مع التأكيد انه لا يوجد حل سحري ولكن وإن كان ممكن ترجمة حزمة الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة من خلال تراثنا الشعبي فهي بمقولة "وجع ساعة ولا كل ساعة".

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة