شتاء أمريكى مظلم
شتاء أمريكى مظلم


وسط أجواء سياسية عالمية مظلمة.. الجميع يخشى «الشتاء الأسود»

آخر ساعة

الخميس، 01 سبتمبر 2022 - 07:30 م

كتبت: دينا توفيق

«شتاء مظلم» عبارة تتردد فى تصريحات الساسة والمسئولين حول العالم؛ ومن يسمعها ينتابه الخوف والقلق لما هو قادم خاصة الأوروبيين، ومع اقترابه، يهرول قادتهم فى محاولة لتخفيف نقص الطاقة اللازمة للإنارة والتدفئة وتخوفهم من التداعيات الكبيرة التى ستترتب على بدء سريان عقوبات الاتحاد الأوروبى على إمدادات النفط والغاز الروسي.. تكرارها، فى تصريحات صناع السياسة الأمريكية وإعلامهم، لأكثر من عامين يثير التساؤلات حول ما تحمله من رسائل وإشارات؟ هل يحمل الشتاء تغيرا جديدا فى المشهد العالمى كجزء من عملية «إعادة التعيين الكبرى» للمنتدى الاقتصادى العالمى؟.. لا تزال المخاوف تسيطر على القارة العجوز من شتاء بارد ومظلم يعانى من انقطاع التيار الكهربائى، على الرغم من أن عملية تخزين الغاز فى ألمانيا، وهى الأكبر فى أوروبا، تسير على المسار الصحيح لملء 80% من طاقته خلال الأسبوع الجارى، إذا تم الحفاظ على معدلات التدفق الحالية. وبحلول نوفمبر القادم قد يمتلئ بنسبة 95%. ستكون عملية التحزين مع تقليل الطلب، أمرًا أساسيًا لأوروبا لتجاوز الموسم بدون الغاز الروسى.

 

لكن التوافر المادى للعرض ليس سوى جزء واحد من المعادلة. والآخر، هو السعر وهنا تزداد الأمور صعوبة. سيتعين على الاتحاد الأوروبى إيجاد طرق لمساعدة أعضائه الأكثر ضعفًا وربما بعض جيرانه أيضًا. أسعار الكهرباء آخذة فى الارتفاع فى جميع أنحاء أوروبا. فرضت الحكومة الألمانية ضريبة إضافية على الغاز الطبيعى منذ بداية أكتوبر واتخذت خطوات للحد من الطلب على كلٍ من الغاز والكهرباء. كما ستشهد الأسر البريطانية ارتفاعًا فى أسعار الغاز والطاقة مرة أخرى فى أكتوبر عندما يتم تعديل سقف السعر.

وتتجلى الصدوع فى الاقتصاد الأوروبى يومًا بعد يوم مع انخفاض اليورو أمام الدولار إلى ما دون التكافؤ. السبب الرئيسى للضعف والقلق الأوروبى هو العقوبات المفروضة على الطاقة الروسية والمخاوف التجارية الأخرى نتيجة الحرب مع أوكرانيا.

فى أزمة الطاقة الأوروبية، وفقًا لصحيفة «واشنطن بوست»، يتركز كل الاهتمام على ألمانيا والغاز من روسيا. لكن فرنسا وأسطولها من المفاعلات النووية المتعثرة لهما نفس الأهمية. قد تكون باريس بدلاً من برلين هى أول مدينة أوروبية تعانى من انقطاع التيار الكهربائى مع انخفاض درجات الحرارة فى نهاية العام. مع اقتراب فصل الشتاء، تبدو التوقعات فى فرنسا رهيبة على نحو متزايد.

تشغِّل شركة «Electricite de France SA» المملوكة للدولة، 26 مفاعلًا فقط من 57 مفاعلًا، مع أكثر من نصف سلسلتها تخضع لصيانة طارئة بعد اكتشاف الأنابيب المكسورة. إن التراجع فى توافر الطاقة النووية يجبر فرنسا على الاعتماد أكثر من أى وقت مضى على محطات تعمل بالغاز والرياح المتقطعة والطاقة المائية وكذلك على الواردات.

يؤدى ذلك إلى ارتفاع تكلفة الكهرباء فى سوق البيع بالجملة لأوروبا بأكملها، مع ارتفاع الأسعار الآجلة الفرنسية إلى ما يقرب من 1000% أكثر من متوسطها على مدار عقد من الزمان حتى عام 2020. فى منتصف الصيف، عندما بلغ الطلب الفرنسى على الكهرباء حوالى 45 جيجاوات فى الساعة، فهذه ليست مشكلة مستعصية.

ولكن فى ليلة شتوية باردة، عندما يمكن للأسر الفرنسية أن تزيد استهلاكها عن 80 أو 90 جيجاوات، فقد يكون ذلك مكلفًا بشكل كارثى. على الرغم من أن الاقتصاد الفرنسى أصغر من الاقتصاد الألمانى، إلا أن الطلب على الطاقة يزيد كثيرًا عن جارتها خلال فصل الشتاء حيث تعتمد الأسر هناك بشكل أكبر على الكهرباء للتدفئة والماء الساخن.

ومن ناحية أخرى، فى 22 يونيو 2001، اجتمع مجموعة من صقور الإدارة الأمريكية وبعض كبار صانعى السياسة فى قاعدة أندروز الجوية فى ماريلاند لإجراء تدريب رفيع المستوى لمحاكاة هجوم بالأسلحة البيولوجية عن تفشى مرض الجدرى القاتل فى الولايات المتحدة.

ووفقًا لما نشرته مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية، صممه مركز «جونز هوبكنز» لاستراتيجيات الدفاع البيولوجى المدنية (يسمى الآن مركز الأمن الصحى) ومركز «الدراسات الاستراتيجية والدولية» بواشنطن «CSIS»، كانت محاكاة «الشتاء المظلم» التى استمرت يومًا ونصف اليوم قد أجريت لقياس كيفية رد كبار القادة على مثل هذا الهجوم، وتضمنت مشاركين رفيعى المستوى مثل السيناتور الديمقراطى «سام نان» (الذى لعب دور الرئيس)، ومستشار البيت الأبيض السابق «ديفيد جيرجن»، والدبلوماسى المتقاعد «فرانك ويزنر». لكن «الشتاء المظلم» أصبح منذ ذلك الحين أسطوريًا فى دوائر صنع السياسات العليا فى واشنطن لسبب مختلف؛ فقد تم الاستشهاد به من قبل مصممى المحاكاة باعتباره أفضل نموذج للضغوط المتصاعدة، والانهيار الاجتماعى المحتمل، الذى يمكن أن ينجم عن أزمة صحية عامة.

اقرأ أيضًا

الـ DNA.. دليل جنائي قد يتحول إلى سلاح بيولوجي ضد البشر في هذه الحالات

الشتاء المظلم الذى ينص على هجوم الجدرى من قبل مهاجم مجهول ليس مثل جائحة كوفيد -19. لكن تداعيات جائحة الفيروس التاجى تحمل تشابهًا مخيفًا مع المحاكاة: القادة الذين أعاقهم عدم القدرة على معالجة أزمة لم يتوقعوها، لكونها أكبر من تفجير إرهابى، قال نان لاحقًا فى شهادته أمام الكونجرس؛ صناع القرار لديهم خيارات محدودة بسبب الانتشار السريع وغير المتوقع للمرض ومخزون محدود من اللقاحات؛ ونظام رعاية صحية يفتقر إلى القدرة على التعامل مع الإصابات الجماعية، بالإضافة إلى زيادة التوترات بين الولايات والسلطات الفيدرالية؛ الانتشار السريع للمعلومات الخاطئة عن العلاجات وأن الطريقة الوحيدة لعلاج الجدرى هى عدم الإصابة به؛ صعوبة السيطرة على الرحلات الجوية للمدنيين من المناطق الموبوءة؛ الاضطرابات المحلية الناجمة عن عدم اليقين السياسى.

الشتاء المظلم واحد من أقدم وأشهر عمليات محاكاة الأمراض ولكن كان هناك ما لا يقل عن أربع عمليات محاكاة أمريكية منفصلة تصور الأحداث التى تكشفت فى وسط الصين فى يناير من هذا العام. وفى عام 2005، كانت «العاصفة الأطلسية»، التى نظمها مركز الأمن الحيوى فى المركز الطبى بجامعة بيتسبرج، محاكاة عن انتشار عالمى لوباء الجدرى. واختبر «جائحة سبارس 2025-2028»، الذى أُجرى عام 2017، والاستجابات الطبية لتفشى فيروس كورونا الجديد فى «سانت بول»، مينيسوتا.

بالإضافة إلى محاكاة «Clade X»، التى انطلقت من دخل المنتدى الاقتصادى العالمى فى شراكة مع جونز هوبكنز لمحاكاة جائحة وهمية عام 2018 من أجل «توفير التعلم التجريبي» لمسئولى إدارة الرئيس الأمريكى السابق «دونالد ترامب». وفى أكتوبر 2019، قدم «الحدث 201» تمرين بدأ بتفشى فيروس كورونا الجديد - مرض تنفسى شديد التأثير كما افترض مصمموه، الذى انتشر على مستوى العالم - الذى حدث بالفعل نهاية العام ذاته.

ولم ينتهِ أمر الشتاء المظلم عن السيناريوهات السابقة، بل كانت تصريحات الرئيس التنفيذى للمنتدى الاقتصادى العالمى «كلاوس شواب» عام 2020، جرس إنذار لما هو قادم حيث حذر من سيناريو مخيف لهجوم إلكترونى شامل يمكن أن يؤدى إلى توقف تام لإمدادات الطاقة، والنقل، وخدمات المستشفيات، ومجتمعنا ككل.

وسيُنظر إلى أزمة كوفيد-19 على أنها اضطراب صغير مقارنة بهجوم إلكترونى كبير. ومنذ وصول الرئيس الأمريكى «جو بايدن» البيت الأبيض وحتى أثناء حملته الانتخابية للرئاسة عام 2020 كان مؤيدا قويا لإغلاق كورونا. حيث تؤكد تصريحاته المتعلقة بـ «شتاء مظلم» عام 2021 أنه لا يؤيد فقط تبنى سياسات إغلاق كوفيد-19 القوية، بل تتابع إدارته وتتبنى «إعادة التعيين الكبرى» للمنتدى الاقتصادى العالمى كجزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية للولايات المتحدة، يتم تنفيذها أو فرضها بشكل صحيح فى جميع أنحاء العالم.

تعمل الإدارة الأمريكية وبايدن، الأداة السياسية للمؤسسة الرأسمالية العالمية، لتحقيق الأجندة الاستراتيجية للنخب المالية الكبيرة التى يعملون من أجلها، تحالف بين إدارة بايدن وعمالقة التكنولوجيا وشركات الأدوية الكبرى ووول ستريت؛ فالأوليجاركية الذين يسيطرون على الإدارة الأمريكية وراء قناع الأحزاب السياسية، ومن خلال تواجدهم فى المكتب البيضاوى، يريدون التحكم فيما ينشر ويروجون لكل ما هو مظلم من أجل الدفع على سلوك معين يساعدهم على تحقيق أهدافهم الخبيثة ومصالحهم الشخصية.

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة