صورة موضوعية
صورة موضوعية


أمام معهد الكبد بالمنوفية.. سرق سيارة المريض.. ليغرق بها في بحر «القاصد»

أخبار الحوادث

الخميس، 01 سبتمبر 2022 - 07:36 م

كتبت: إيمان البلطي

قبل شهرين.. استيقظ الدكتور عبد الرحمن - الطبيب البيطري - على صراخ ابنته وهي تتألم من جنبها، فأخذها للطبيب على الفور، وبعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة تبين أنها تعاني من تدهور في الكبد، وأنها تحتاج إلى عملية زراعة فص كبد. كان وقع الصدمة عليه كارثي، فابنته التي كانت ضحكة المنزل على وشك أن ترحل آخذة ضحكها وتاركة لهم الحزن.

لم يفكر، وبدون تردد، وقبل أن تتفاقم حالتها المرضية؛ أخذها إلى معهد الكبد وتبرع لها بفص من كبده حتى يتم الله شفاؤها، لكن كان للمولى حكمته، وأراد أن يسترد وديعته ولا راد لقضاء الله.

حزن الرجل عليها حزنا كثيرًا، وأهمل في صحته بعد أن فارقت ابنته الحياة، لكن كانت نصائح أهله والمحيطين به أن يتابع مع طبيب متخصص لأنه يعيش باقي عمره بدون فص من فصوص كبده، وهذا الأمر خطير ويحتاج لإجراء متابعات طبية دورية دون إهمال.

على مضض وافق الرجل وبدأ في إجراء متابعات طبية كل فترة في معهد الكبد، له مواعيد ثابتة يذهب فيها إلى المعهد، وله روشتة علاجية يسير عليها بحذافيرها.

سايس
في هذا اليوم، استيقظ الطبيب البيطري صباحًا وأخذ معه شقيقه الأصغر وذهب بسيارته إلى معهد الكبد حيث موعد المتابعة، وهناك بجانب المعهد، وجد شابًا في مقتبل العمر، يقف بجانب إحدى بوابات المعهد من الناحية التي فيها السيارات، فظن أنه الركين، سأله أتعمل هنا فأجابه الشاب بنعم، والحقيقة أن الشاب لم يكذب، لأنه فعلا يعمل هنا ولكن في القهوة الموجودة أمام معهد الكبد، ليس السايس كما ظنه الدكتور عبد الرحمن.

المهم، بعد أن أومأ الشاب بالموافقة، اطمأن الرجل له، وعليه أعطاه مفتاح السيارة وأخبره أنه ذاهب إلى المعهد لإجراء بعض الفحوصات، وأنه تأخر على الموعد ولذلك لن ينتظر ليركن سيارته، طلب منه أن يركنها نيابة عنه وأنه لن يتأخر. وأعطاه في مقابل ذلك عشرين جنيها.

أخذ الشاب مفتاح السيارة دون أن يتفوه بكلمة، فالرجل الذى أعطاه المفتاح ظن أنه الركين، لذلك بدأت فكرة سرقة السيارة تراوده، وأنه إن هرب بها لن يعثروا عليه، وبدون أن يستغرق في التفكير كثيرًا، ركب السيارة وهرب بها.

اقرأ أيضًا

محافظ المنوفية: وضع ملصقات بتعريفة الركوب الجديدة داخل مواقف الأجرة| صور 

حادث
استغرق الطبيب وشقيقه ساعتين في المعهد، وبعد أن انتهى من الفحوصات اللازمة نزل من المعهد وتوجه إلى المكان الذي أعطى فيها الشاب مفتاح سيارته، فلم يجده، ظن أن الشاب ربما قد ركنها بعيدًا، فأخذ يبحث من جانب وشقيقه من جانب على السيارة، لكن دون جدوى، الشاب غير موجود، والسيارة غير موجودة.

حينها بدأ القلق يتسلل إلى قلبه، خصوصًا بعد أن وجد السايس - الفعلي للمكان - وأخبره أنه لا أحد يعمل في هذا المكان غيره، عليه اتصل شقيقه بأحد معارفه في إدارة مرور المنوفية، وأبلغه بالواقعة، وأن السيارة ماركة «تويوتا كورولا بيضاء اللون موديل ٢٠١٣»، بعد دقائق من الاستعلام عن السيارة، عاد إليه وأخبره بالمفاجأة؛ هذه السيارة سقطت في ترعة القاصد على بعض كيلو مترات من المعهد، وأن الحماية المدنية تقوم بدورها في الموقع لانتشال السيارة، ومن كان بداخلها.

ما الذي دعاه إلى أخذها؟ أكان ينوي سرقتها؟ أليس هذا الشاب هو الذي يركن السيارات؟ كلها أسئلة كانت تدور في عقل الدكتور عبد الرحمن دون إجابات. لكن بعد أن ذهب إلى المكان الذي سقطت فيها السيارة، بدأت الإجابات تضح له شيئا فشيئا.

في حديثه لـ «أخبار الحوادث» قال الدكتور عبد الرحمن: «منذ أن تبرعت بفص كبد لابنتي الصغيرة وكان قدر الله حان وماتت، وأنا أعيش أصعب أيام حياتي، حزنًا عليها في المقام الأول، وبصحة غير التي كنت عليها من قبل، لذلك كانت أغلب تصرفاتي غير مفهومة، وبدون وعي، فالحزن أثقل كاهلي، وتدهور صحتي زاد من ثقل تلك الأيام علي أكثر وأكثر، كنت أذهب لإجراء الفحوصات الطبية في معهد الكبد سد خانة، حتى أهرب من «زن» أهلي علي بضرورة المتابعة الطبية».

واستكمل: «لذلك يومها، لم أدقق النظر في هذا الشاب ولم يلفت نظرى في شيء، وجدته واقفًا بجوار السيارات المركونة فظننته السايس دون أن اتحرى ذلك، وأعطيته المفتاح ومبلغ مالي وتركته ودخلت المعهد، وبعد ساعتين خرجت لأفاجئ بما حدث، وقد تلقيت اتصالات كثيرة من بعض الأقارب كنت أظنهم يطمئنون على حالتي، لكن عرفت بعدها أن خبر غرق سيارتي وصل إليهم وخافوا أن أكون أنا بداخلها، لكن طمأنتهم علي وأنني لم أكن وشقيقي بالسيارة وقت غرقها، وأخبرتهم بما حدث. وكان وقتها، فريق الانقاذ النهري بشبين الكوم قد انتشل السيارة ورفعها إلى المرور وبعد يوم تم انتشال جثمان هذا الشاب».
وأضاف: «عرفت وقتها أن هذا الشاب - والذي يدعى أحمد - ليس سايسًا بالمكان، وأنه يعمل مع والده في قهوته الموجودة أمام المعهد، وأنه لم يكن يجيد القيادة، وأنه بعد أن انطلق بها هاربًا سقط بها في تركة القاصد».
واختتم: «وعليه حررت محضرًا بالواقعة، لكن يشهد الله أنني أسامحه، وأنني استعوضت الله في السيارة وفي تكلفة إصلاحها الباهظة، وأن يرحمه الله».

صدمة
سيطرت حالة من الحزن والألم على أسرة المتوفى بعد معرفتهم أن نجلهم وراء سرقة سيارة مريض، والهروب بها حتى وقع فى ترعة القاصد، على طريق شبين الكوم-بركة السبع. وقال أحد جيرانه؛ أن الشاب يدعى «أحمد»، هو ووالده مستأجرين لمكان «مقهى» أمام معهد الكبد، ويتصفون بالأخلاق والاحترام والصلاة فى وقتها فى المسجد الكائن أمام معهد الكبد، مشيرا أن الجميع من الجيران انتابتهم حالة من الدهشة والاستغراب مما صدر من الشاب أحمد.

البداية كانت عندما أبلغ الأهالي قوات الإنقاذ النهرى بالمنوفية بقيادة العميد محمد حمدان وبرئاسة الرائد محمد خالد بسقوط سيارة كان يقودها شخص بسرعة جنونية بترعة القاصد، توجهت على الفور قوات الإنقاذ النهري وتم رفع السيارة واستمرت جهودها لمدة تزيد عن ١٣ ساعة للعثور على جثة سائق السيارة داخل مياه ترعة القاصد مكان الواقعة، وتم استخراج الجثمان وإرسال الجثة إلى مستشفى شبين الكوم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة