صورة أرشيفية..ريهام فتاة الدقهلية
صورة أرشيفية..ريهام فتاة الدقهلية


عقوق الأبناء.. «أقارب كالعقارب» يلدغون ذويهم دون رحمة

ناجي أبو مغنم

الجمعة، 02 سبتمبر 2022 - 04:32 م

صرخات ريهام فتاة الدقهلية عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وهي تستغيث من عنف أهلها، بعد تعرضها للضرب والتعذيب، كانت كاشفة عن وجود قصور اتسع مداه خلال الفترة الأخيرة في تعامل الأهل مع ذويهم، وعدم القدرة على احتوائهم.


وحظى المنشوران اللذان نشرتهما ريهام ومضمونه الأول صورتين تظهر فيهما آثار الكدمات على وجهها وقليل من بقع الدم، أعقبته بمنشور آخر قائلة: «أنا محبوسة وبنضرب، عنواني دموه مركز دكرنس الشيخ على شارع مسجد الرحمن إلحقوني»، بتداول واسع وتفاعل كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي.


وعبر كثير من المغردين عن غضبهم من أسلوب بعض الأهالي في التعامل مع ذويهم، وفشلهم في احتوائهم ليتحولوا إلى أعداء كامنين بدل من كونهم حماة لهم ومبعث للسلام والطمأنينة في نفوسهم.


بينما ذهب قليل منهم إلى أن إعلان الفتاة عما حدث معها تصرف خاطئ منها، وما كان يجيب عليها أن تفعل هذا، وعليها تحمل غضب أهلها لا سيما والدها ومن ثم الشروع في تقويم سلوكها، لتحتدم النقاشات بين المعلقين.
    
وقبل أيام، شهدت المنصورة واقعة مؤسفة لفتاة أعلنت عبر صفحتها على فيسبوك، عزمها التخلص من حياتها، بعدما وصلت لحالة نفسية سيئة، لن تقدر على تجاوزها أو التأقلم معها، ونال المنشور تعليقات بالآلاف جاء أغلبها نصح ألا تنفذ ما يدور في بالها.


وسردت الفتاة في منشورها، الأسباب التي دفعتها للتفكير في الانتحار –قبل أن تنفذه لاحقًا-، والتي أنصبت حول تعامل أهلها معها، والجفاء العاطفي الذي لاقته في منزلها وسط والديها.


وأضافت أنها تعيش وحيدة رغم كونها في بيت أهلها، وتعرضت لأذى نفسي كبير وضغوطات وخذلان تفوق قدرة تحملها، مشيرة إلى أنها جاهدت نفسها كثيرًا ولكن محاولاتها بائت بالفشل.


وأعقبت هذا المنشور الذي عللت فيها نيتها الانتحار، بمنشور آخر خلال دقائق منه، تقول إنها على حافته الانتحار، وما هي إلا ساعات قليلة ويتردد خبر وفاتها.


في المنصورة أيضًا، وقبل أسابيع قليلة، ألقى شاب بنفسه من أعلى كوبري في المنصورة وهو يقود سيارته، ليلفظ حينها أنفاسه الأخيرة ويلقى ربه.


ونشر الشاب عبر صفحته على فيسبوك، منشور يكشف فيه عن نيته التخلص من حياته، متمنيًا ألا يكون والده بين مشيعي جنازته، بما يوحى بوجود خلاف مع أهله، دفعه إلى التخلص من حياته، وهربًا مما يعانيه من مشاكل وضغوط نفسية.

 

وللتعليق على هذا الموضوع تقول الدكتورة إيمان الريس، استشاري أسري وتربوي، إن طبيعة الإنسان وفطرته تقوم على الرحمة والشفقة على الصغار، والتي من المفترض أن تزداد الرحمة عند التعامل مع أبنائه.


وأضافت خلال تصريح خاص لبوابة أخبار اليوم، أن من يخالف هذه الفطرة يعد مريضًا نفسيًا يحتاج إلى العلاج، لأنه قد يؤذي غيره نفسيًا ويصيبه بأمراض غير واضحة للكثيرين وربما تكون نتيجتها الانتحار.


وأوضحت أن الكثير من الآباء غير مؤهلين نفسيا لتربية أبنائهم، ويحتاجون إلى التأهيل وتعلم مهارات التربية التي تنفعهم عند التعامل مع صغارهم.


وطالبت الدكتورة إيمان الريس، استشاري أسري وتربوي، بإصدار قانون يحمي المراهقين من الأهل الذي لا يحسنون التعامل مع تربية الأبناء، مضيفة أن الابن يكون حصاد زراعة والديه وسلوكهم معه أو مع غيره ينعكس على الطفل. 


واستطردت، ان هناك مشاكل في التربية وفجوة كبيرة طرأت على المجتمع بفعل التطور التكنولوجي والانفتاح على الثقافات الأخرى حيث إن الابن أو الابنة يشاهدون الانحرافات عبر السوشيال ميديا وتؤثر فيهم وتحتاج إلى تعامل مختلف من الأهل الذين يجهلون ما يتعرض له صغيرهم.


وشددت الدكتورة إيمان الريس، استشاري أسري وتربوي، على أهمية وجود قنوات شرعية تعلم الأباء أسس التربية السليمة والمهارات الغائبة، التي لا تتوقف عند سن معين وربما يفتقدها أب أو أم قاربا على الستين من عمرهما.


وحذرت من خطورة التربية الخاطئة والعنف الأسري، لأن نتيجته غير محمودة وقد تدفع الأبناء إلى الانتحار أو الإلحاد أو سلوكيات أخرى بغيضة، كان يمكن تفاديها بالتربية الصحيحة.


ومن ناحية أخرى، قالت الدكتورة أماني عبد الرحمن، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، إن ظواهر عقوق الأبناء موجودة في المجتمع على غرار عقوق الوالدين، وارتقت إلى ظاهرة تحتاج إلى دراسة تكشف أسبابها وطرق علاجها لعدم استفحال عواقبها غير المحمودة على مجتمعنا والتي رأينا مؤخرًا بعض منها مثل انتحار الأبناء بسبب مشاكل أسرية.


وأضافت خلال تصريح خاص لبوابة أخبار اليوم، أن الرجل أو المرأة غير السوية نفسيا، والتي تكون غير مهيأة لتربية أطفال وتحمل المسئولية، عدم الزواج والإنجاب لعدم ارتكاب ذنب كبير في حق أطفالهم، ويعلموا أن هدفهم من الزواج عمل امتداد لهم وتربية وتنشئة أجيال.


وحذرت الدكتورة أماني عبد الرحمن، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، من بعض الصفات التي يقوم بها الأباء مثل البخل في المال والحنان والرحمة مع الأبناء، فيتجهوا للبحث عن من سبل غير شرعية، تضرهم أكثر مما تنفعهم وتولد لديهم حالة من التخبط.


واستطردت أن كثيرا من الأبناء باتوا يعانون من سوء معاملة الأهل، الذين لم يعودوا يحتووا صغارهم ولا يملكون القدرة على هذا.


وطالبت الأباء بتحديث أسلوب التربية، ويتقنوا أن ما خرجوا عليه من قيم وعادات لا يصلح مع الأجيال الحديثة التي غزت الثقافات الأخرى عقولها من خلال السوشيال ميديا التي باتت متاحة في أيدي الجميع.


وشددت الدكتورة أماني عبد الرحمن، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، على ضرورة أن يعاصر الأهل أسس التربية الحديثة، حتى يكون قادرين على تلبية فضول الأطفال وأن يسبق الأب ابنه ويكون قادرا على توجيهه حتى لا يتركه فريسة للإنترنت الذي أضحى وسيلة جديدة للتنشئة تشغل مكان الأب والأم الذين يجهلون لغة العصر.


ولفتت الدكتورة أماني عبد الرحمن، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، إلى أن الإغلاق على الابن وحرمانه من التعامل مع وسائل التكنولوجيا الحديثة يخلق لديه حالة من الكبت قد تدمره نفسيًا لأنه يشعر بالنقص عن أقرانه ويفوته الكثير مما يدور حوله.


واختتمت حديثها موضحة أن ظواهر عقوق الأبناء قديمة وليست وليدة اللحظة ولكن هناك حالة متعمدة من التغافل عنها بحجة «إحنا شعب متدين بطبعه، حتى انفجرت هذه الأمثلة واستفحلت عندما وجدت قنوات إعلامية تظهر من خلالها وتكشف عن العورات التي تصيب جسد مجتمعنا، مختتمة «يجب على الأباء فتح ساحات النقاش مع أطفالهم والإصغاء لهم، وتوجيههم».

اقرأ أيضا:  محكمة الأسرة بأجا تؤجل اثبات نسب فتاة الدقهلية لـ 13 مايو


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة