جلال عارف
جلال عارف


جلال عارف يكتب: الجمهور مش عاوز كده!

جلال عارف

الجمعة، 02 سبتمبر 2022 - 08:42 م

 

أجمل‭ ‬ما‭ ‬فى‭ ‬حفلات‭ ‬مهرجان‭ ‬القلعة‭ ‬هو‭ ‬هذا‭ ‬الجمهور‭ ‬الرائع‭ ‬من‭ ‬الطبقات‭ ‬الشعبية‭ ‬والوسطى،‭ ‬وهم‭ ‬يحتشدون‭ ‬بالآلاف‭ ‬حول‭ ‬الفن‭ ‬الجميل‭.. ‬أنجح‭ ‬الحفلات،‭ ‬كانت‭ ‬للكبار‭ ‬علي‭ ‬الحجار‭ ‬ومدحت‭ ‬صالح‭ ‬وعمر‭ ‬خيرت‭ ‬والمبتهل‭ ‬الشيخ‭ ‬التهامي،‭ ‬كانت‭ ‬الحفلات‭ ‬كاملة‭ ‬العدد،‭ ‬والمتابعة‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬الصغيرة‭ ‬أو‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬تسجل‭ ‬االتريندب‭ ‬الأعلى‭.. ‬والرسالة‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يردده‭ ‬البعض‭ ‬لتبرير‭ ‬تقديم‭ ‬الهابط‭ ‬والرديء‭ ‬فى‭ ‬سوق‭ ‬الفن‭ ‬بأن‭ ‬االجمهور‭ ‬عاوز‭ ‬كدهب‭ ‬باطل‭.. ‬باطل‭.‬

الرديء‭ ‬فى‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة‭ ‬والحياة‭ ‬كان‭ ‬دائماً‭ ‬موجوداً،‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬زمن‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أمثال‭ ‬انمبر‭ ‬وانب‭ ‬واحمو‭ ‬بيكاب‭ ‬وغيرهما‭. ‬كانوا‭ ‬يبقون‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬الهامش‭ ‬بينما‭ ‬يبقى‭ ‬قلب‭ ‬الحياة‭ ‬الفنية‭ ‬ينبض‭ ‬بالجمال‭.. ‬المشكلة‭ ‬الآن‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬لكى‭ ‬يسيطر‭ ‬االهامشب‭ ‬ولكى‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬الأساسى‭ ‬بالدعوى‭ ‬الزائفة‭.. ‬أن‭ ‬الجمهور‭ ‬عاوز‭ ‬كده‭!‬

بالتأكيد‭.. ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬للجمهور‭ ‬أن‭ ‬يعشق‭ ‬الرديء‭ ‬والهابط‭.. ‬لكن‭ ‬غياب‭ ‬االجميلب‭ ‬فى‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة‭ ‬وحصاره‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬والتغييرات‭ ‬العميقة‭ ‬فى‭ ‬المجتمع،‭ ‬وتحالف‭ ‬الهجمة‭ ‬الظلامية‭ ‬مع‭ ‬السماسرة‭ ‬والطفيليين‭.. ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬فلق‭ ‬مناخاً‭ ‬مواتياً‭ ‬لظواهر‭ ‬مثل‭ ‬احمو‭ ‬بيكاب‭ ‬وانمبر‭ ‬وانب‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬وليس‭ ‬فى‭ ‬الفن‭ ‬فقط‭!‬

لو‭ ‬نظرت‭ ‬حولك‭.. ‬سترى‭ ‬احمو‭ ‬بيكاب‭ ‬وانمبر‭ ‬وانب‭ ‬واسناترب‭ ‬التعليم،‭ ‬حيث‭ ‬اسطورة‭ ‬الكيمياء‭ ‬وارشميدس‭ ‬الرياضة‭ ‬وأمثالهما‭ ‬يقومون‭ ‬بنفس‭ ‬الدور‭ ‬وبنفس‭ ‬الرداءة،‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬االمدرسةب‭ ‬التى‭ ‬غابت‭ ‬واالمعلمب‭ ‬الذى‭ ‬نفتقده‭!‬

ولو‭ ‬نظرت‭ ‬حولك‭.. ‬سترى‭ ‬احمو‭ ‬بيكاب‭ ‬وانمبر‭ ‬وانب‭ ‬وأمثالهما‭ ‬يصولون‭ ‬ويجولون‭ ‬فى‭ ‬ملاعب‭ ‬الرياضة،‭ ‬وفى‭ ‬استوديوهات‭ ‬التحليل،‭ ‬وفى‭ ‬كل‭ ‬عناصر‭ ‬اللعبة‭ ‬من‭ ‬تدريب‭ ‬وإدارة‭ ‬وتحكيم،‭ ‬وسترى‭ ‬احمو‭ ‬بيكاب‭ ‬فى‭ ‬غرفة‭ ‬االفارب‭ ‬وهو‭ ‬ينزع‭ ‬االفيشةب‭ ‬ليشرب‭ ‬الشاي،‭ ‬وستراه‭ ‬يدير‭ ‬اتحادات‭ ‬ويرأس‭ ‬أندية‭ ‬كبرى‭ ‬وعريقة‭!‬

وعلى‭ ‬نهج‭ ‬احمو‭ ‬بيكاب‭ ‬وانمبر‭ ‬وانب‭ ‬يسير‭ ‬من‭ ‬يتاجرون‭ ‬بالدين‭.. ‬فترى‭ ‬من‭ ‬يدعون‭ ‬لاعتبار‭ ‬المرأة‭ ‬قفة‭ ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يصدر‭ ‬الفتاوى‭ ‬حول‭ ‬التداوى‭ ‬ببول‭ ‬الإبل‭ ‬أو‭ ‬إرضاع‭ ‬الكبير،‭ ‬ومن‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬االتريندب‭ ‬ولو‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الدين‭ ‬الحنيف‭ ‬بالذى‭ ‬يدعم‭ ‬للعلم،‭ ‬وينحاز‭ ‬للعقل،‭ ‬ويرفض‭ ‬الجهالة‭ ‬والجاهلين‭.‬

فى‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬وغيرها،‭ ‬يستغلون‭ ‬غياب‭ ‬الجميل‭ ‬فى‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة،‭ ‬وغياب‭ ‬المحاسبة‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬تجاوز‭ ‬فى‭ ‬عالم‭ ‬الرياضة،‭ ‬وإنهاء‭ ‬الانتظار‭ ‬العقيم‭ ‬لتجديد‭ ‬الفكر‭ ‬الديني،‭ ‬وعودة‭ ‬الحياة‭ ‬للمدرسة‭ ‬والمدرس‭ ‬وانهاء‭ ‬سطوة‭ ‬االسناترب‭ ‬ونسختها‭ ‬من‭ ‬احمو‭ ‬بيكاب‭ ‬وانمبر‭ ‬وانب‭ ‬التى‭ ‬تتحول‭ ‬الى‭ ‬اأساطيرب‭ ‬الكيمياء‭ ‬وعباقرة‭ ‬تحفيظ‭ ‬الامتحانات‭ ‬او‭ ‬تسريبها‭!‬

فى‭ ‬غياب‭ ‬الجمال‭ ‬والحق‭ ‬ينمو‭ ‬القبح‭ ‬والرداءة،‭ ‬ويتهيأ‭ ‬المناخ‭ ‬الذى‭ ‬يدعم‭ ‬الاسوأ‭ ‬لكى‭ ‬يكون‭ ‬انمبر‭ ‬وانب‭ ‬ولكى‭ ‬يصبح‭ ‬احمو‭ ‬بيكاب‭ ‬ظاهرة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهلها،‭ ‬لكن‭ ‬الأكيد‭ ‬أن‭ ‬االجمهور‭ ‬مش‭ ‬عايز‭ ‬كدهب‭ ‬وأنه‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬تفكوا‭ ‬الحصار‭ ‬لكى‭ ‬يصل‭ ‬إليه‭ ‬الجميل‭ ‬فى‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة،‭ ‬كما‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتصل‭ ‬بحياته‭.‬

اقرأوا‭ ‬ـ‭ ‬من‭ ‬فضلكم‭ ‬ـ‭ ‬المشهد‭ ‬بوعى‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬١٥‭ ‬الفاً‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬ليلة‭ ‬من‭ ‬ليالى‭ ‬النجوم‭ ‬فى‭ ‬مهرجان‭ ‬القلعة،‭ ‬وكان‭ ‬اضعافهم‭ ‬يصيغون‭ ‬االتريندب‭ ‬لعلى‭ ‬الحجار‭ ‬والشيخ‭ ‬التهامى‭ ‬وعمر‭ ‬خيرت،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يريده‭ ‬الجمهور‭ ‬فى‭ ‬الفن،‭ ‬وما‭ ‬يريد‭ ‬مثيله‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭.‬

الجمهور‭ ‬يا‭ ‬سادة‭ ‬ـ‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬إلا‭ ‬الصحيح،‭ ‬ولا‭ ‬يبتهج‭ ‬إلا‭ ‬بما‭ ‬يسعده‭ ‬حقاً‭ ‬وما‭ ‬يحقق‭ ‬بالفعل‭ ‬مصالحه‭.. ‬هل‭ ‬يفهم‭ ‬الدرس‭ ‬من‭ ‬يروجون‭ ‬للأسوأ؟‭ ‬هل‭ ‬يدرك‭ ‬الجميع‭ ‬ان‭ ‬السكوت‭ ‬على‭ ‬االردىءب‭ ‬جعله‭ ‬يغزو‭ ‬التعليم‭ ‬بجانب‭ ‬الفن‭ ‬والثقافة،‭ ‬وشجعه‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتواجد‭ ‬فى‭ ‬ملاعب‭ ‬الرياضة‭ ‬حتى‭ ‬غابت‭ ‬الفروق‭ ‬بين‭ ‬احمو‭ ‬بيكاب‭ ‬وقيادات‭ ‬للأندية‭ ‬وأصوات‭ ‬اعلامية‭ ‬مازالت‭ ‬تتصور‭ ‬أن‭ ‬االجمهور‭ ‬عاوز‭ ‬كدهب‭.. ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬االجمهور‭ ‬مش‭ ‬عايز‭ ‬كدهب‭ ‬وعلى‭ ‬كل‭ ‬احمو‭ ‬بيكاب‭ ‬وكل‭ ‬انمبر‭ ‬وانب‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬حساباته‭!‬

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة