صالح الصالحي
صالح الصالحي


صالح الصالحي يكتب: الأفكار الهدامة

صالح الصالحي

الأربعاء، 07 سبتمبر 2022 - 06:46 م

نعيش فى صراع دائم مع الحياة.. سواء كان صراعاً مع النفس، أم صراعاً مع الغير.. صراع بين الخير والشر.. الحب والكره.. الصواب والخطأ.. الإيمان والكفر.. الجهل والمعرفة.. الحقيقة والوهم.. الحلم والسراب.. هى الحياة نتفاعل معها وتتفاعل معنا.. لا تدعنا فى هدوء، غابة من المشاكل تحاصرنا.. وإذا انتهت مشكلة تهب علينا مشكلة أخرى أو مشاكل عديدة.. منذ أيام اتصدمنا بمشكلة لا نعلم سببها وهدفها وحقيقة من وراءها.. لا نعلم لماذا فى هذا التوقيت بالذات؟!

مشكلة تتعلق بالأسرة المصرية.. التى لا تنقصها مشاكل.. فهى محاطة بالعديد من المشاكل الذاتية أو المجتمعية أو المستوردة التى فرضت نفسها علينا أو جلبناها بأنفسنا.. الأسرة المصرية التى دائما ما تقع فى مرمى دعوات التفكيك والانحلال والهدم.

المشكلة بدأت بمخاطبة سيدة لفتيات خريجات حديثاً «اعطين الأولوية للمنزل ولتربية الأولاد قبل المهنة».. الأمر إلى هنا عادى.. وسوف أكون حسن الظن واعتبرها نصيحة من أم لبناتها فى مقتبل الحياة العملية. نصيحة تمر مرور الكرام ولا تستحق أن نقف عندها.. إلا أن ذلك أثار بعض السيدات فخرجت إحداهن تدلو بدلوها بضرورة مشاركة الرجال لزوجاتهم فى دخول المطبخ والطهى، وأنه لا يوجد ما يجبر المرأة على الالتزام بالطهى لزوجها.. لم يقف الأمر عند هذا الحد، سارعت أخرى بالدخول على الخط قائلة «لا إجبار للسيدات على إرضاع أطفالهن».. وهنا ثار جدل واسع حول عمل المرأة ورعايتها لمنزلها وحصولها على مقابل لإرضاعها لأطفالها ومشاركة الزوج فى المهام المنزلية.. وكلها أمور مستقرة فى المجتمع.

وتحول الجدل إلى مشكلة معقدة أدلى بدلوه فيها كل من هب ودب، متخصصون وغير متخصصين.. مشكلة خُلقت بدون أى سبب أو داعٍ.. وكأننا بلا مشاكل!.. إنها الفوضى العارمة التى نعيش فيها.. الكل يتحدث فى العلن بما يتواتر على ذهنه من أفكار دون أن يعلم مردود ومدى تأثير ما يتحدث فيه على غيره.. صحيح لا أعلم سبباً لإثارة مثل هذه المشاكل فى هذا التوقيت.. ولن أصنف من أثارها بأن نواياه خبيثة يريد ضرب الأسرة المصرية وتفكيكها بدعوى الدفاع عن حقوق المرأة.. التى تعيش أبهى وأزهى عصورها الآن.. ولكن أعتقد أن هذا هو تأثير الإنترنت الذى امتلك حياتنا.. وسيطر على عقولنا بما جعلنا لا نفكر قبل أن نتحدث.. نتسابق فى عرض أنفسنا وتفاصيل حياتنا وخصوصيتنا عليه.. ثم نعود ونشكو ممن يقتحم هذه الخصوصية.. نطلق العنان لأفكارنا دون مراعاة لتداعيات ومردود هذه الأفكار ومدى تأثيرها على الآخرين حتى وأن اصطدمت بقيمنا وعادتنا وتقاليدنا وديننا.. وتحول الأمر إلى عادة فما يرد بخاطرنا نتحدث فيه فى أى مكان وزمان دون أن ندرى مدى تأثيره.. ومن هنا تنتشر الأفكار المغلوطة والهدامة التى تهدد سلامة وكيان المجتمع وتضرب وحدة الأسرة والنشء.. بل تضرب أمن المجتمع واستقراره.. وتتعرض الأسرة التى تمثل صمام أمان المجتمع إلى التفكيك والانهيار، بزيادة حالات الطلاق التى مازلنا نبحث عن حل للحد منها حفاظاً على الأبناء من الضياع والتشرد.. وارتفاع معدلات العنف الأسرى.

الأمر جد خطير وعلينا أن نتمهل قبل أن نطلق العنان لأفكارنا خاصة إذا كان الأمر يتعلق بطبيعة العلاقة بين أفراد المجتمع ومبادئه وعاداته وتقاليده وقيمه وعقيدته.. حافظوا على تماسك الأسرة المصرية الأصيلة القائمة على المشاركة والاحترام، يحيطها الدفء والمودة والرحمة والهدوء.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة