الملكة إليزابيث
الملكة إليزابيث


أسرار حفاظها على صحتها.. اليزابيث ملكة التفاؤل العاشقة للشوكولاتة

آية سمير

الخميس، 08 سبتمبر 2022 - 10:33 م

كان يومًا سيئًا عندما استيقظت الملكة اليزابيث إليكسندرا ماري «اليزابيث الثانية» على الخبر من ابنها «الأمير أندرو»، يؤكد أن حريقًا اندلع بقلعة «ويندسور» وابتلع الكثير من القطع الغالية والأثرية التي لا تقدر بثمن، في 20 نوفمبر 1992، يومها ظن الجميع، أن الملكة ربما لن تنسى ذلك اليوم أبدًا؛ لكن الحقيقة أنها لم تستطع ليس فقط تجاوز اليوم، وإنما عام 1992 بأكمله.

«Annus horribilis».. تعبير لاتيني قديم يعني السنوات الصعبة، أعادت الملكة إليزابيث، إحيائه في خطاب لاحق لتصف به هذا العام السيئ.

اقرأ ايضًا|رئيسة وزراء بريطانيا تكشف موعد وفاة الملكة إليزابيث

«التفاؤل» كلمة السر

قال أندرو في مكالمة تليفونية: «بدأ الحريق من كنيستك الخاصة الصغيرة في الحادية عشرة ظهرًا، كان بسبب ضوء شديد مُسلط على الستائر، وأدى إلى اشتعال النار، بعد أقل من ساعة كان هناك 225 رجل إطفاء يحاولون السيطرة على الحريق التي امتدت إلى عدد من الحجرات في القلعة طوال تسع ساعات من الاشتعال».. عقب سماعها ذلك، شعرت الملكة بـ«الإحباط» وقررت الذهاب إلى هناك لرؤية ما حدث.

لكن ذلك لم يكن آخر الأحداث السيئة التي تلاحقت في عام 1992 على الملكة؛ إلا إن أي منها لم يؤثر يومًا عليها، ولم يمنعها عن البقاء متفائلة دائمًا كعادتها.

يقول مايكل جوردون، أحد أشهر الأطباء البريطانيين، في تصريحات نقلها موقع، Everything Zoomer، إن وظيفة الملكة ليست سهلة على الإطلاق، وليس سهلاً على أي أحد مهما كانت طبيعة عمله أن يجلس مبتسمًا وودودًا أمام الناس طوال الوقت.

وتابع: «إنها تعيش في بيئة صعبة وضاغطة وذلك أمر لا شك فيه، إلا إن هذا الضغط ليس بالضرورة أن يكون سلبيًا. إن الضغوط اليومية تجعلك تشعر بأنك مهدد شخصيًا باستمرار. مثل هذا الشعور يؤدي لزيادة نسبة الإصابة بالسكتات الدماغية وأمراض القلب».

الحديث عن الأحداث السيئة التي وقعت للعائلة الملكية البريطانية عام 1992 يطول كثيرًا، وهو عام واحد بين 96 أخرى عاشتها اليزابيث الثانية كملكة للمملكة المتحدة، وهنا قد يسرع إلى ذهنك أنها بهذا تكون أطول الملكات عمرًا، والحقيقة..، لا. هذا ليس صحيحًا، فوالدتها «إليزابيث الأولى» والتي كانت معروفة بحبها للكحوليات وتحديدًا «الويسكي»، ماتت عن عمر يناهز 101 عام، بينما لم تصل ابنتها لذلك العمر ابدًا.

نمط حياة صحي

الحياة الطويلة لا تقاس فقط بعدد الأنفاس التي نتنفسها طوال حياتنا، ربما بأعداد السنوات ولكن أيضًا في الطريقة التي قضينا بها تلك السنوات، فحتى أفضل عمليات التجميل لا يمكنها إخفاء عوامل الزمن، ووفقًا لجوردون، نحن نستطيع التحكم في حياتنا بالنمط الذي نختاره لها.

ووفقًا للدراسات الطبية فإن الأشخاص يمكنهم الإسراع بإظهار عوامل تقدمهم في السن إذا كانوا مدخنين، أو غير مهتمين بنوع الغذاء الذي يتناولونه أو بممارسة منتظمة للرياضة أو حتى بشربهم المستمر للكحوليات.

وليست مفاجأة أن نعرف أن الملكة اليزابيث تستطيع الاعتناء بصحتها كما ينبغي، ليس هذا فحسب، بل إنها على الرغم من الضغط العصبي والنفسي الذي وُضعت فيه بسبب عدد من الأحداث السيئة المتلاحقة، فإن الملكة تمكنت من ضبط أعصابها والسيطرة على غضبها أحيانًا بحيث خرجت من كل الظروف أقوى دائمًا مما كانت.

الملكة تفضل الشيكولاتة Dark

للملكة روتين لم تستطع يوما التنازل عنه أو إخفاءه، فقد حافظت طوال الـ96 عامًا على دورية مواعيد تحاليلها المختلفة.

البريطانيون يحبون رياضة المشي لساعات ومسافات طويلة، هذا شيء معروف بشكل عام، والحقيقة أن الملكة لم تتخل عن هذا التقليد البريطاني المعروف، وهذا ما يؤكده «سير- إيان هيل» طبيب ملكي آخر عالج أفراد العائلة الملكية لسنوات. 

كما أنه ليس خفيًا أن الملكة البريطانية الودودة تعشق رياضة ركوب الخيل منذ صغرها وعلى عكس ما يشاع بأنه كلما تقدم الأشخاص في العمر فقدوا جزءًا من قدرتهم على التركيز، فإن إليزابيث وفقًا لشهادة رئيسة الوزراء السابقة، مارجريت تاتشر، كانت حاضرة الذهن دائمًا، فكان الوزراء يأخذون اجتماعاتها معها على محمل الجد، حاضرون وجاهزون لأي سؤال تطرحه، وعلى الرغم من أنها لم تكن الشخص الذي يتخذ القرارات الرسمية والتشريعات، فكانت دائمًا تتكلم عن خبرة في كل أمر من أمور الدولة والسياسة والاقتصاد.

أضف إلى ذلك أن الملكة لم تكن فقط تحافظ على دورية تحاليلها الطبية، لكنها - على الرغم من طبيعة ملابسها الملكية، ذات الطابع المحتشم، لم تظهر أبدَا ولو لمرة واحدة وقد زاد وزنها بضع كيلوجرامات قليلة، ووفقًا للطبيب مايكل جوردون، فهي دائمًا ما حافظت على وزن مثالي وجيد ليقيها ذلك الكثير من المشكلات الصحية، كما أن الملكة كانت تختار جيدًا ما تأكل، وتحافظ على مواعيد ثابتة في الطعام وحتى ساعة تناول الشاي، التي تكون غالبًا في الخامسة عصرًا.

«شيف» العائلة الملكية السابق دارين ماكجريدي، الذي قضى ما يقرب من 11 عامًا داخل القصر الملكي، أكد في تصريحات لموقع CNN الأمريكي، في أغسطس 2017، أن الملكة التي كان بإمكانها الحصول على كل ما تريد، كانت تكتفي بكميات قليلة جدًا من أنواع محددة من السمك والخضروات.

وشدد على أنها كانت «منضبطة» بشكل كبير فيما يخص ما تأكل وتشرب. فالملكة وفقًا لماكجريدي ليست ممن يهتمون كثيرًا بالأكل. أما فيما يخص الحلويات، فمثلها كأي امرأة، تحب الشيكولاتة، لكنها تفضلها دائمًا Dark.

ورغم أن العائلة الملكية الموجودة حاليًا في بريطانيا معروفة بحبها للكحوليات، إلا إن إليزابيث الثانية تمكنت من السيطرة على الأمر حتى لا تغرق في«الويسكي» كوالدتها، وتسيطر دائمًا على مقدار محدد من «النبيذ» المفضل لديها أثناء تناول الطعام، والـGin في الصباح. وفي كل الأحوال لا تتناول الملكة أكثر من أربعة كؤوس يوميًا، وقد لا تصل إلى ذلك العدد حتى، مهما حدث.

بشكل عام فإن الملكة المحبوبة من شعبها ربما أخذت بكل الأسباب التي تؤدي إلى صحة أفضل وعمر أطول، فهي إلى جانب التزامها بالرياضة والطعام الصحي وتوقيتات محددة لكل شيء في الحياة، فهي مرحة كذلك ولا تمانع المشاركة في أي شيء ما دام لا يخالف التقاليد الملكية، ولا يزال البريطانيون يتحدثون حتى الآن عن مشاركتها «جيمس بوند» أو الممثل البريطاني المعروف دانيال كريج، في فيديو حفل افتتاح أولمبياد 2012.

لا تحب الملكة شيء في حياتها أكثر من حيواناتها الأليفة «الكلاب» وركوب الخيل، ووفقًا للتقارير البريطانية، فعلى الرغم من علاقات أبناءها العاطفية السيئة، إلا إنها تمكنت من الحفاظ على علاقة جيدة جدًا مع زوجها الأمير فيليب، والذي توفي في ابريل 2021، عن عمر يناهز 99 عامًا.

حياة حافلة ومليئة بالانضباط والتفاؤل والمرح، عاشتها الملكة طوال 96 عامًا، انتهت اليوم 9 سبتمبر بإعلان قصر باكينجهام عن رحيل الملكة في هدوء.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة