الجمعة، 09 سبتمبر 2022 - 05:58 م

لماذا نتعجب من العنف السائد فى مجتمعنا؟! ونندهش ممن يناصرون القتلة ويدافعون عمن يذبح فتاة جهارا نهارا أمام صرح جامعى؟! ومن يقتل أخرى لأنها رفضت الارتباط به؟! ولماذا نتحير ممن يسعون للفوز على حساب جثث الآخرين، ألم نزرع فى النفوس ثقافة الأنانية والاستئثار وحب الذات من الصغر؟! ألم نوطد قيم التصادم والتنابذ والفوز مهما كان الثمن؟!

لقد وصل الأمر إلى أن يعرض شخص عربى ١٠ ملايين جنيه فدية، للعفوعن قاتل الطالبة المهدورة، وإنقاذ المجرم من حكم الإعدام، وتبنى البعض حملة شرسة لتشويهها، والبحث عن مبررات ودوافع واهية، وحجج لجريمته الشنعاء، وإفشاء مناخ من الخوف والترويع لإجبار الفتيات على الرضوخ لأفكارهم المختلة وعقولهم المعتلة ! 

إننا فى أشد الحاجة لتغيير الأفكار والسلوكيات السلبية التى نشأنا عليها، وإعادة النظر فى ثقافات وأفكار مدمرة تزداد سطوتها على العقول يوما بعد الآخر، علينا ترتيب البيت من الداخل، والسعى لتربية أطفالنا على مفاهيم وأفكار التسامح والتعاون، وقبول الاختلاف والخلاف مع الآخر، ودحض ثقافة «أنا ومن بعدى الطوفان، ولا تدع فرصة لأحد يسبقك، واسحب البساط من تحت أقدام الأكفاء»، والتشويه والطعن فى المتميزين والموهوبين والرابحين.

وتحضرنى هنا مفارقة تعكس ثقافاتنا وثقافة الآخرين، ففى رياض أطفال اليابان يلعب الأطفال لعبة الكراسى الموسيقية المعروفة فى بلدنا ولكن الاختلاف كبير، نحن نعتبر من يبقى بدون كرسى خاسراً ويخرج من اللعبة، لنزرع ثقافة شخص واحد فقط يتربع على القمة، والفوز من خلال إزاحة الآخرين، لكنهم يأتون بتسعة كراسى لعشرة أطفال، ويقولون للأطفال إذا بقى أحدكم دون كرسى يخسر الجميع، لذا يحاول الأطفال احتضان بعضهم البعض، ليجلسوا جميعا على الكراسى، ولا يبقى أحد دون كرسى وإلا خسروا جميعًا، فيتعلم الطفل منذ نعومة أظافره أسلوب حياة وثقافة ونهج عمل، قائم على التعاون والنجاح الجماعى، الكل فيه رابح والمهزوم يجد أكثر من يدٍ ترفعه إذا سقط!!

تلك ثقافتهم ومعتقداتهم وأفكارهم فى كل المجالات، وليس فقط فى لعبة الكراسى الموسيقية اليابانية.

يا سادة إننا نحصد ما جنت أيادينا.. ونتجرّع سموم أفكار وثقافة أرضعناها لأطفالنا.. ألقمناهم الحصرم والحنظل.. وصرنا نضرس ونتذوق علقم سلوكيات وقيم وأفكار بائدة مدمرة.