الأربعاء، 14 سبتمبر 2022 - 03:41 م

"أرجوكم توقفوا عن تناول أزمة كابيتر بتلك الصورة".. هكذا أجاب عدد كبير من رواد الاعمال والمتخصصين على سؤال حول تداعيات ما حدث في المنصة المصرية المتخصصة في تجارة التجزئة والسلع الاستهلاكية سريعة الدوران بعد قرار مجلس إدارتها بعزل الأخوين محمود وأحمد نوح من مناصبهما التنفيذية بالشركة يوم 6 سبتمبر الجاري.

د. مهند حامد شادي

ضوابط وآليات التمويل

يقول مهند حامد شادي، باحث دكتوراة في ريادة الأعمال بمصر بالكلية السويسرية، أن تناول الازمة بصورة أن هناك شخصين نجحوا في الاستيلاء على ملايين الدولات والهروب بها خارج البلاد هو  يصنع صورة سلبية كبيرة حول ريادة الأعمال المصرية خاصة لدى المستثمرين في الداخل والخارج والحقيقة أن الشركة قد تكون تعثرت ماليا لأسباب إدارية بحتة وهى أمور واردة في قاموس ريادة الأعمال والضجة صنعتها للأسف تصريحات متسرعة وأحكام مسبقة وأي متخصص في ريادة الأعمال يدرك أنه لا يمكن لشركة ناشئة قامت بجولات تمويلية للحصول على تمويل لمشروعاتها يستطيع أصحابها سحب كل تلك الأموال وتحويلها إلى حسابتهم الشخصية.. فالمسالة في ريادة الاعمال تسير وفق اليات محددة والمستثمرين لا يمنحون الأموال لرواد الاعمال في حقائب "سونسونايت" ليسافرون بها ويضعوها داخل حسابتهم الشخصية بالبنوك ولكن التمويل يتم على دفعات وبعد الحصول على نتائج حقيقية على الأرض ومراجعات مع كل دفعة وعندما تسوء الاوضاع يتوقف التمويل. 

حلول جديدة ومبتكرة

لكن ماذا حدث؟ ...يقول  مهند يجب أولاً لابد أن يعرف الجميع  طبيعة شركات الاعمال ناشئة وهى تختلف عن المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ...أهم الفروقات هي طبيعة الحلول التي تقدمها الشركات الناشئة ويجب أن تكون عبارة عن حلول جديدة ومبتكرة مقارنة بالحل التقليدي الموجود وعادة  تركز على حل مشكلات غير محلولة بدرجة كافية (أوبر مثلا لمشكلة التاكسي) أو تقديم فائدة جديدة (انستجرام)، وهذه الشركات تحقق معدلات نمو عالية جدا، مثلا  لو حققت شركة تقليدية معدل  نمو ٥-١٠٪ سنويا ممكن أن نصفه بالنمو الجيد لكن الشركات الناشئة الطبيعي فيها عمل نسبة النمو تلك خلال أسبوع  واحد بالطبع مع استخدام وسيلة تكنولوجية أو برامج وتطبيقات حديثة.

استثمار عالي المخاطر

ويضيف مهند أن الاستثمار في تلك الشركات الناشئة عالي المخاطرة بشدة، لأنه يقدم حلول تكنولوجية جديدة  لكن في نفس الوقت معدلات الفشل هنا تصل لحوالي ٩٥٪ من الشركات، بمعنى انه من كل ١٠٠ شركة ناشئة هناك  ٥ شركات فقط ستسمر وتحقق النجاح والباقي سيغلق أبوابه أو سيتم الاستحواذ عليه مبكرا وتلك هى النسب العالمية بناء على الدراسات والتقارير الدولية.. وهذا ما حدث في كابيتر أنها انطلقت بسرعة نمو عالية وحدث شيء ما خاطئ وغير مدروس جعلها تتعثر وقد تنهض من كبوتها وقد تستحوذ عليها شركة أخرى وقد تذهب طي النسيان للأبد مثل مئات الشركات الناشئة التي تتعثر كل يوم حول العالم وتخسر ملايين بل مليارات الدولارات في بعض الأحيان.

أحمد نجيب

جولات تمويلية

لكن هل استثمار بملايين الدولات في الشركات الناشئة قد يأتي من باب غسيل الأموال؟.. الإجابة على سؤالنا جاءت من أحمد نجيب مؤسس أحد المشروعات لدعم رواد الاعمال وقال إن هناك جولات تمويلية  يقوم بها أصحاب شركات ريادة الاعمال لجلب اسثمارات لشركاتهم الناشئة من خلال استعراض مقنع ومبهر لأفكارهم وطموحاتهم و النتائج و الارباح المتوقعة لشركاتهم والمستثمر يختار وينتقي ويقوم بعملية مخاطرة محسوبة بحيث يوزع استثماراته على عدد كبير من الشركات الناشئة التي يرى فيها أمل بالنجاح وهو في نفس الأمر يدرك أن من كل عشرين شركة استثمر بها جزء من أمواله سينجح استثماره في شركتين منهم فقط لكن هاتين الشركتين ستجلبان له أضعاف أضعاف استثماره الأصلي الموزع على 20 شركة في البداية وهو ما حدث مع شركات بدأت ناشئة وحصلت على التمويلات ثم أصبحت اسم كبير مثل فيس بوك وأمازون وتويتر وغيرها من الشركات ومنها شركات مصرية رائدة.

دعم واهتمام

وأضاف نجيب ان الاستثمار في ريادة الأعمال ليس غسيل أموال كما ان ريادة الاعمال تحتاج الى مزيد من الدعم والاهتمام والتمويل المناسبين والأهم هو تسهيلات تأسيس الشركات.. أما عن الاحتيال وغسيل الأموال فهناك حالات شهيرة في العالم لشركات من هذا النوع ولكنها الاستثناء وليس الأساس.

المهندس وليد الروبي

دور الشركات الناشئة في دعم الاقتصاد

لكن ما هو دور الشركات الناشئة في دعم الاقتصاد ؟.. يجيب عن هذا السؤال بحماس شديد المهندس وليد الروبي، المؤسس والمدير التنفيذي لإحدى شركات ريادة الاعمال الناجحة والتي خرجت من رحم مبادرة رواد النيل الحكومية التابعة للبنك المركزي وجامعة النيل.

وقال الروبي إن الشركات الناشئة لديها قدرة ضخمة على تغيير العالم بمعنى  أن التطبيقات الالكترونية التي تمتلئ بها هواتفنا كانت في الأساس مجرد شركة ناشئة وكل منصات التواصل الاجتماعي عامة هي شركات ناشئة ثم أمازون وأبل ومايكروسوفت و العشرة شركات الأكبر قيمة سوقية عالميا، 8 منهم تقريبا هما شركات تكنولوجية ناشئة في الأساس و في مصر لدينا  نماذج شركات ناشئة تطورت بشكل كبير مثل " فوري " والتي غيرت شكل المدفوعات في مصر وأيضا  "فيزيتا " و"طلبات" و"سوق" التي استحوذت عليها أمازون العالمية ونجحت في جلب استثمارات أجنبية قوية  لتحقق  تنمية اقتصادية حقيقية.

وقال الروبي، إنه نجح مع فريق عمله في تأسيس شركة فواتيرك للمدفوعات الالكترونية بالتعاون مع البنك الأهلي لتحقيق الشمول المالي في أنحاء الجمهورية من خلال العمل على تقديم خدمات تكنولوجيا مالية (FinTech) مواكبة للتطور العالمي لخدمة فئات عديدة من التجار ومقدمي الخدمات والشركات بمختلف أحجامها كما تم اختيار فواتيرك كواحدة من أفضل خمس شركات ناشئة في المجال وهذا النجاح لأي شركة ناشئة لابد أن يتبعه تغيير ملموس للأفضل في حياة المواطنين وهذا التغيير سببه في الأساس الشركات الناشئة.