د.أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية
د.أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية


مدير مكتبة الإسكندرية: سنحارب التطرف بنشر الفن ورفع الوعى

أمنية حسني كُريم

الخميس، 15 سبتمبر 2022 - 06:12 م

 

د. هانى قطب سليم

هدفنا وصول الثقافة إلى الشارع وألا تقتصر على النخبة فقط

اتفاقيات مع المدارس لجذب الأطفال.. ومسابقة قومية للقراءة ونشر ملخصات التراث الإنسانى

عودة عمل المكتبة بكامل طاقتها قريبًا 
فعاليات متنوعة للاحتفال بعشرين عامًا على الإنشاء

محملًا بخبرة علمية وثقافية كبيرة، جاء الدكتور أحمد زايد إلى مكتبة الإسكندرية، ليتولى إدارة هذا الكيان الثقافى الدولي، مملوءا بالأمل لتحقيق أحلامه الكبيرة فى مجتمع مثقف وواع من خلال مشروعات ثقافية شعبية ليست مقتصرة فقط على النخبة أو المهتمين بالبحث والثقافة، ومعتبرًا أن العلم والمعرفة هما الطريق الصحيح لمجتمع قوى ومتماسك..

فى مكتبه الكائن بأعلى نقطة فى مكتبة الإسكندرية، كشف « زايد» فى حواره لـ«الأخبار» عن فلسفته الخاصة فى الحياة ورؤيته لإدارة هذا الصرح الثقافى الكبير.

وفى جولة داخل المكتبة استعرض إمكانياتها الثقافية والبشرية وتكوينها المعمارى المميز الذى يحمل رمزية مهمة فى كونها مثل قرص الشمس المشرق تحمل نور المعرفة للعالم وتطل على البحر المتوسط صاحب الحضارات القديمة لتظل كما كانت قديمًا منارة ثقافية متوهجة.

وإلى نص الحوار: 

بداية خلال جولتنا لاحظنا قلة أعداد الزائرين، فمازالت المكتبة حتى الآن تطبق قيود جائحة كورونا، فمتى تعود المكتبة للعمل بكامل طاقتها؟

بالفعل أثرت الكورونا على المكتبة تأثيرًا كبيرًا فتعرضت لشبه غلق خلال عامين، وقريبًا ستعود المكتبة للعمل بشكل كامل كباقى مؤسسات الدولة.

وربما خلال أيام ستكون المكتبة مفتوحة لأى أعداد من الجمهور على مدار الأسبوع، ولكن هذا يتطلب بعض الوقت لأن القرارات هنا تؤخذ بشكل ديمقراطى وبعد التأكد من جاهزية جميع القطاعات فأرى أن التريث قبل اتخاذ القرارات يؤتى ثماره بشكل سريع.

لكن دعينا نؤكد أن المكتبة بها إمكانيات كثيرة لا يعرفها الكثيرون فربما يراها زوار المكتبة مؤسسة ثقافية للكتب وإلقاء المحاضرات وزيارة المتاحف ولكنها فى الحقيقة ليست مكتبة تقليدية فهى مؤسسة عالمية ضخمة لها اتصالات عالمية وتشبيك مع معظم المؤسسات الثقافية فى العالم وتمتلك إمكانيات متقدمة لخدمة البحث العلمى والوثائق وفى التحول الرقمى والعديد من المراكز البحثية المتميزة كدراسات البحر المتوسط والدراسات القبطية والإسلامية وغيرها.

ولدينا أيضًا قطاعات مميزة يتفرع منها العديد من المشروعات مثل قطاع النشر والذى أصدر العديد من المجلدات ومن بينها مجلد لتاريخ مؤسسة أخبار اليوم وهناك قطاع الاتصال الثقافى وهناك متحف للآثار يعرض القطع الأثرية التى وجدت أسفل المكتبة وأيضا القبة السماوية لمتابعة حركة الكون ويمكن مشاهدة أفلام علمية بشكل مشوق.

والحقيقة أتمنى أن يعرف الناس قيمة المكتبة أكثر وأن يكون لديهم نظرة متعمقة لإمكانياتها، فالبعض يرى أن المكتبة مؤسسة عالمية فقط وآخرون محلية فقط، والحقيقة أن المكتبة عالمية ومحلية فى نفس الوقت.

وهى ذات شخصية اعتبارية لها استقلالية وتابعة لرئاسة الجمهورية وتعد منارة فكرية تجمع لها التراث الفكرى والعلمى والثقافى والعالمى وتعمل على حفظه ونشره.

وفخر لمصر وجود المكتبة بها وأن كل الأعمال تتم فيها بأيدٍ مصرية، ومن الممكن أن يكون هناك تمويل ضمن بروتوكول تعاون مع جهة أجنبية مثل مؤسسة ثقافية ولكن فى الحقيقة الدولة هى من ترعى المكتبة وتنفق عليها وهى تتبع رئاسة الجمهورية وهو ما يضفى عليها ثقلًا دوليًا ويوفر إرادة ثقافية قوية.

تنمية العلاقات بالخارج 

كتبت كثيرا العديد من الآراء والأفكار البناءة المميزة للنهوض بالثقافة والمعرفة فى مصر.. فكيف ستنفذها الآن بنفسك مع توليك إدارة مكتبة الإسكندرية؟

أعمل خلال الفترة الحالية على تطوير المشروعات الموجودة وعلى رأسها تنمية العلاقات بالخارج، وأيضًا تعميق الحوار سواء بالداخل أوالخارج تحت مسمى «حوارات الإسكندرية» يشارك بها مفكرون وأدباء وباحثون ومثقفون من مصر وخارجها ونصدر كتابا ومنتجا ثقافيا ننشره على موقع المكتبة..

وسنهتم بتعميق العلاقات مع الدول العربية لأن العرب هم الظهير الثقافى لمصر، فيجب أن يكون لدينا علاقات وثيقة مع المثقفين العرب داخل المكتبة ويجب أن ندعوهم لنستمع إلى آرائهم داخل المكتبة ونتحاور معهم فى قضايا الثقافة العربية ومستقبلها وكيفية حل المشاكل المرتبطة بها ومناقشة دور المثقف العربى وكيف يمكن أن يتحول المثقف العربى لمثقف فاعل فى حركة التنمية فى بلده وحركة الإنتاج الثقافى.

كما سنهتم بالامتداد أكثر لأفريقيا ونحن لدينا برامج  أريد تقويتها معهم ودعوتهم للمكتبة، وليس أفريقيا فقط فأتطلع أيضًا لمشاركة دول آسيا وأمريكا اللاتينية.. صحيح ستظل العلاقات مع أمريكا وأوربا ولكن أيضًا هناك دول مثل ماليزيا وسنغافورة والشرق البعيد فى الصين واليابان.

تحدثت عن الانفتاح على كل العالم خاصة الدول الآسيوية والشرق الأقصى.. هل هناك هدف وراء هذا الاتجاه؟

لكى تكون المكتبة عالمية بحق فيجب أن نعمل مع كل العالم وليس فقط أمريكا وأوربا فقط، فأريد التواصل أيضًا مع دول الجنوب فى العالم والدول النامية.. وأفكر فى أن يكون لدينا مكتب اتصال لكل منطقة فى العالم يكون مسئولا عن تنمية العلاقات معه.

تنشيط حب القراءة 

هذا بالنسبة للاتجاه للخارج ماذا عن الداخل؟

الاتجاه الداخلى هو أن نعمل مع الشباب لتوعيته ودعوته وإعادة تنشيط حب القراءة لديه، وأفكر فى طباعة كتيبات صغيرة لملخصات التراث الإنسانى تتكون من قرابة 20-40 صفحة بأسعار رمزية تطوى بين صفحاتها فكرا وأدبا وثقافة، فيمكن لزائر المكتبة أن يشترى 3 كتب بـ10 جنيهات مثلا يقرأها وهو فى طريقه للمنزل ولو نجحت الفكرة سنعممها ونرفع نسب طباعتها وتوزيعها.

ولكن مع تطور التكنولوجيا وطغيان عصر الكتب الرقمى على الكتب التقليدية كيف تواكب المكتبة هذا الأمر؟

المكتبة لديها موقع إلكترونى وقناة على اليوتيوب وتنشر عليها بانتظام كما يتوافر لدى المكتبة إمكانيات هائلة للتحول الرقمى وهو ما يجعل العاملين فى هذا القطاع لديهم خبرة هائلة تغرى الشركات العالمية باختطافهم للعمل معهم وهو ما يعرضنا لمشكلة تناقص أعداد هذه الخبرات ونحاول مواجهتها باستقدام مهندسين جدد وتدريبهم أو رفع المرتبات وغيرها.

مسابقة قومية 

ولكن كيف يعود الشباب للقراءة بعد أن اختطفتهم التكنولوجيا؟

الإنترنت ووسائل التواصل تقود الشباب حاليًا..

نريد جذبهم مرة أخرى وإعادتهم لحضننا مرة الثانية.. ولذا أفكر فى عقد مسابقة قومية للقراءة ونمنح شهادات تقدير للفائزين ونسهل لهم فرص المشاركة والعمل لرفع الوعى لدى الشباب وهذه الفكرة سبق أن عرضتها فى مقال فى جريدة «الأخبار» منذ قرابة 5 سنوات وأتت الفرصة لتحقيقها..

كما أرى أنه من المهم أن نعمل مع الأطفال والشباب ونطبع لهم كتبا ونعلمهم كيف يفكرون ويقرأون بطريقة نقدية ..

من الممكن عقد اتفاقيات مع وزارة التربية والتعليم والمدارس لجذب أكبر عدد من الطلاب لزيارة المكتبة كما يمكن الذهاب إليهم ..

كما يمكن أن نتوسع فى سفارات المعرفة بالجامعات المصرية فى مختلف المحافظات ومن بينها سيناء ونتوسع فى العمل مع المجتمع المدني.

كيف ترى دور المكتبة فى نشر الوعى والثقافة لدى الجمهور؟

نتمنى أن نصل بالثقافة إلى الشارع العادي..

فنحتاج أن ننقل الثقافة من النخبوية للجماهيرية لكى تصبح لكل الناس، مهم جدا ألا تكون الثقافة للنخبة فقط..

وهناك العديد من الأفكار لا أريد تنفيذها داخل المكتبة فقط، فهدفنا رفع قيمة المعرفة والفن لأن كلما ارتفع العقل قل التطرف والإرهاب والرغبة فى الانتقام والغل والعنف عند الناس وأريد إقامة منتديات متنوعة داخل المكتبة وخارجها فى كل المحافظات للشعر والرواية والقصة القصيرة  والمسرح والدراما، وأريد عقد فعاليات ثقافية فى الأسواق ووسط التجمعات لنشرح للناس تراث بلدهم وحضارتهم وتاريخهم.

احتفالية ثقافية وفنية 

فى رأيك متى من الممكن أن ترى هذه المشروعات النور؟

فى الحقيقة لا يمكن تنفيذ كل المشروعات سريعًا.. لأنه كلما كان المشروع لديه خطة محكمة ودراسة سيكون ناجحًا..

ولكن بداية أعطيت توجيهًا سريعًا بإعداد ثلاثة كتيبات مصغرة أولهم عن تاريخ المكتبة القديمة فهناك من لا يعرف أن هناك مكتبة قديمة فأريد أن يعرف الطفل هذا التاريخ، والثانى عن أبرز رواد المكتبة القديمة ومفكريها حيث كتبت هنا أبرز النظريات والأفكار عندما كانت الإسكندرية القديمة حاضرة الثقافة، والكتاب الثالث عن المكتبة الحالية لعرض قصتها بداية من الفكرة ومراحل تنفيذها وكيفية بنائها ورمزية معمارها..

كما نستعد لفعاليتين أولاهما خلال هذا الشهر لتكريم الدكتور مصطفى الفقى المدير السابق لمكتبة الإسكندرية بحضور أصدقاء المكتبة، ونعد لاحتفالية ثقافية وفنية مميزة يوم 16 أكتوبر بمناسبة مرور 20 عاما على إنشائها، وسوف تمتد الفعاليات على مدار العام المقبل تحت مسمى 20 عاما على مكتبة الإسكندرية.

دعنا ننتقل من مجتمع المكتبة إلى المجتمع المصرى بأكمله..كيف ترى كعالم اجتماع وضع المجتمع المصرى الحالي؟

فى الحقيقة أنا لا أفقد الثقة أبدا فى المجتمع المصري..

فالمجتمع عريق ومستقر وله حضارة قديمة .. صحيح هناك مشكلات مثل زيادة سكانية فى مقابل الدخول القليلة وهو يتسبب فى مشاكل وامتصاص عوائد التنمية وهذا ما يتطلب جهودا أكبر لحماية الفقراء ولكنه فى النهاية مازال مجتمعا متماسكا.

وكيف ترصد آثار الأزمات العالمية المتتالية وخاصة الاقتصادية على المستوى العالمى والمصري.. كيف أثر ذلك على قيم المجتمعات؟

الأخلاق فى العالم كله تغيرت وليس المجتمع المصرى فقط وهذا ما يثبته مسح القيم العالمى الدورى فهناك تحول من الجمعية للفردية ومن الروحية للمادية فالعالم كله يتغير تغيرات سريعة يحب أن نفهمها وأن نعطى الفرصة لعلماء الاجتماع أن يدرسوا بتأنٍ ما يحدث عن طريق الوقائع وليس الظنون..

وفى المقابل ومن وجهة نظرى فوسط الأزمات هناك نماذج إيجابية أخرى، ففى الصباح مازلنا فى بلدنا نرى الأناس البسطاء المكافحين يعملون بنشاط وأطالب بالتركيز على النماذج الإيجابية المكافحة الناجحة فى المجتمع، وأرى فى قريتى فى المنيا على سبيل المثال رجلا بسيطا وابنه يدرس فى أمريكا أو اليابان..

كما أرى أن هناك اختلافا فى فهمنا فى معنى سوء الأخلاق فليس معنى تحاور الأبناء مع الآباء أوالتعبير عن آرائهم أو تحرر البنات فى حدود الأدب أن الأخلاق فسدت..

بالعكس هذا الحوار إيجابى فيجب أن يستمع الكبير للصغير وأن يحتضن المدير المرؤوسين ولكن سوء الأخلاق الحقيقى هو الغش وإلقاء القمامة فى الشارع والرشوة ومنح الفرص لشخص غير مستحق واستغلال الموظف لعمله..

وأما ما يثار من حوادث عنف وخلافه فأنا ضد فكرة تعميم حادث لنعتبر المجتمع كله فاسدا كما يدعى البعض..

لا نستطيع أن نتحدث عن فساد أخلاق جماعى فى المجتمع فهذا خطر لأنه ترديد لنفس كلام المتطرفين مثل الإخوان والإرهابيين عن فساد المجتمع فهذا تنفيذ لمخطههم..

فالحوادث التى وقعت فى مصر يوجد مثلها فى أمريكا وكل دول عالم..

ولذا أطالب الاعلام بعدم التركيز السلبى على هذه الحوادث بهدف جنى الأرباح من المشاهدات وغيرها، فأنا أسمى ما يحدث من نقد حاد وتشريح سلبى للمجتمع برجم المجتمع وجرح المجتمع، وهو ما يجب التوقف عنه، فهناك عدم فهم كاف لما يحدث للمجتمع المصري.

وما هى نصائحك لدعم المجتمع المصري؟

أرى أن الحل الأفضل هو التركيز على التعليم وأن نعمل على تربية النشء والصغار تربية صالحة ليكونوا مواطنين إيجابيين فعالين، وأشدد على العناية بالثقافة والتعليم وأن نعتنى بهذا وأن يكون هناك رقابة على المصروفات المبالغ فيها ببعض المدارس ليكون هناك عمومية فى التعليم وأن نتوسع فى العناية بالتربية وأن يكون هناك تعاون بين الأسرة والمدرسة لكى تتخرج أجيال صالحة ولا يكون هدفها الحصول على شهادات ولكن نريد طبيبا ومدرسا واعيا ومواطنا صالحا يسعى لخدمة بلده وألا يكون همهم فقط التعامل بالماديات.

اقرأ أيضاً|مكتبة الإسكندرية: لا صحة لأنباء بيع الكتب الخاصة بنور الشريف| فيديو

 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة