د. شوقى علام- مفتى الجمهورية
د. شوقى علام- مفتى الجمهورية


«أنت تسأل والعلماء يجيبون».. تأثير النعاس على الوضوء والصلاة

اللواء الإسلامي

الجمعة، 16 سبتمبر 2022 - 10:09 ص

إعداد - عبدالعزيز عبدالحليم

اضطراب الحيض بسبب العلاج

> مقدمه لفضيلتكم طبيب أشعة، ونحن في تخصصنا نحتاج لفتوى عامة في مسألة نتعرض لها كثيرًا، وهي: أن العلاج الكيماوى يسبب خللًا في الدورة الشهرية كأحد أعراضه الجانبية، فأحيانًا تأتي الدورة مبكرًا بضعة أيام عن عادة صاحبتها، وأحيانًا تتأخر عنها بضعة أيام، هذا فيما يخص موعد الحيض، أما فيما يتعلق بفترة الحيض: فإنها تارة تزيد وتارة تنقص؛ فكيف للمرأة المسلمة أن تصلى وتصوم في ظل هذا التغير؟ 

                                                                                                                                                                                                                 يجيب د. شوقى علام- مفتى الجمهورية

-الحيض: دم جِبِلَّةٍ؛ أى تَقْتَضِيهِ الطباعُ السليمةُ يخرج من أَقْصَى رَحِمِ المرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة، من غير سببٍ فى أوقاتٍ معلومةٍ.

ولهذا فإنه ليس كل دمٍ يخرج من رحم المرأة يسمى حيضًا؛ فقد يخرج من رحم المرأة الدم، ولكن لا على سبيل الصحة؛ بل لاعتلالها ومرضها، وهو ما يسمى بدم الاستحاضة، وقد يخرج الدم بعد فراغ الرحم من الحمل، وهو دم النفاس.

ولذلك فقد نص الشافعية على أنه يشترط فى دم الحيض أن يكون نزوله بعد مرور أقل مدة الطهر، وأقل مدة الطهر خمسة عشر يومًا؛ قال الإمام النووى فى «المجموع شرح المهذب» (أقلُّ طهرٍ فاصلٍ بين حيضتين خمسة عشر يومًا باتفاق أصحابنا).

وأكثرُ مدةٍ للحيض خمسة عشر يومًا، ولأن الشهر غالبًا لا يخلو عن حيضٍ وطهرٍ، فإذا كان أكثر الحيض خمسة عشر لزم أن يكون أقل الطهر كذلك.

فإذا ما تقرر أن من شروط دم الحيض أن يكون بعد مرور أقل مدة للطهر، وهى الخمسة عشر يومًا ورأت المرأة دمًا قبل ذلك فإنه لا يكون دم حيض؛ وذلك لعدم مرور أقل مدة للطهر بين الحيضتين.

أما إذا تأخرت الحيضة عن موعدها المعتاد لها فإنها متى رأت الدم، وكان قد مرَّ على طهرها أكثر من خمسة عشر يومًا فإن هذا يكون دم حيض، تترتب عليه أحكام الحائض، من عدم الصلاة والصوم والوطء والاعتكاف وقراءة القرآن، ونحو ذلك مما يحرم على الحائض.

أما فيما يتعلق بزيادة مدة الحيضة تارة ونقصانها أخرى: فإن أقل مدة الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يومًا بلياليهنَّ، وغالبه ستة أو سبعة أيام بلياليها؛ قال العلامة ابن حجر الهيتمى فى «المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية» ((وأقل) زمن (الحيض) تقطّع الدم أو اتصل (يوم وليلة) أي: قدرهما متصلًا وهو أربع وعشرون ساعة، فما نقص عن ذلك فليس بحيض.. (وأكثره) زمنًا (خمسة عشر يومًا بلياليها) وإن لم يتصل (وغالبه ست أو سبع)، كل ذلك باستقراء الإمام الشافعى رضى الله عنه ومن وافقه؛ إذ لا ضابط له لغةً ولا شرعًا، فرجع إلى المتعارف بالاستقراء).

وبناءً على ما سبق: فإنه إذا رأت المرأة الدم قبل مرور خمسة عشر يومًا على طهرها من حيضتها الماضية فإنه لا يكون دم حيض، أما إذا رأته وكان قد مرَّ على طهرها خمسة عشر يومًا أو أكثر فإن هذا دم حيض، سواء كانت مدة هذا الحيض هى مدتها المعتادة أم أكثر أم أقل، بشرط ألا تزيد على خمسة عشر يومًا، وما دام أنه قد علمت أنه دم حيض فإنه يجب عليها أن تترك الصلاة والصيام ما دام أن هذه المدة لم تزد على خمسة عشر يومًا، فإذا زادت فإنها تتطهر بعد مرور الخمسة عشر يومًا ويحل لها كل ما حرم عليها بسبب الحيض؛ حيث إنها تكون مستحاضة وليست حائضة.

تأثير النعاس على الوضوء والصلاة

 يغلبنى النعاس أحيانًا فى الصلاة؛ فما حكم الصلاة والوضوء فى هذه الحالة؟

                                                                                                                                                                                                         يجيب د. شوقى علام - مفتى الجمهورية

-النُّعَاسُ -كما يُعرِّفه أهل اللغة-: فتورٌ يصيبُ الجسم، وهو أول درجات النوم؛ فيُسَمّى الشعور بالنوم والرغبة فيه نُعَاسًا، ولكنه لا يصل إلى القلب، بخلاف النوم؛ فإنَّ فيه استرخاء البدن، والغَلَبة على العقل، وسقوط الحواس.

والنوم اليسير أو النُّعَاس لا يَنْقُض الوضوء ولا يُبْطِل الصلاة باتفاق الفقهاء؛ وإنما الذى يَنْقُض الوضوء ويُبْطِل الصلاة هو النوم الذى فيه الغَلَبَة على العقل بحيث لا يَشْعُر المصلِّى بمَنْ حوله؛ قال العلامة ابن عابدين فى "رد المحتار" نَقْلًا عن “فتاوى قاضى خان”: [النُّعَاسُ لا يَنْقُض الوضوء، وهو قليل نوم لا يشتبه عليه أكثر ما يقال عنده].

وقال الإمام الكاسانى فى "بدائع الصنائع" عند الكلام عن نواقض الوضوء  (ومنها): النوم مضطجعًا فى الصلاة أو فى غيرها بلا خلاف بين الفقهاء.. والدليل عليه ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أَنَّ النبى صلى الله عليه وآله وسلم نام فى صلاته حتى غط ونفخ، ثم قال: «لَا وضُوءَ عَلَى مَن نَامَ قَائِمًا، أو قَاعِدًا، أو رَاكِعًا، أو سَاجِدًا، إنَّمَا الوضُوء عَلَى مَن نَامَ مُضطَّجِعًا، فإنَّهُ إذَا نَامَ مُضطَّجِعًا استَرْخَت مَفَاصِلُهُ». نص على الحكم، وعَلَّل باسترخاء المفاصل.. فأَمَّا النوم فى غير هاتين الحالتين.. فإن كان فى الصلاة لا يكون حدثًا سواء غَلَبه النوم، أو تَعمَّد فى “ظاهر الرواية”. وروى عن أبى يوسف أنَّه قال سألت أبا حنيفة عن النوم فى الصلاة فقال لا ينقض الوضوء، ولا أدرى أسألته عن العمد، أو الغلبة).

وقد استدل الفقهاء فى هذه المسألة بعدة أدلة؛ منها: ما رواه الإمام البخارى فى “صحيحه” عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها أَنَّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا نَعَسَ أَحَدُكُم وَهُو يُصَلِّى فَلْيَرْقُد حَتَّى يَذهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فإنَّ أَحَدَكُم إذَا صَلَّى وهو نَاعِسٌ لَا يَدْرِى لَعَلَّه يستَغفِر فَيَسُبَّ نَفْسَهُ».

ودلالة الحديث على عدم انتقاض الوضوء مع أَنَّ فيه الأمر بالرقود جاءت من دلالة المفهوم؛ حيث جعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرقاد عند غلبة النوم، هو ما ينتقض به الوضوء، أما النُّعَاس والنوم القليل فلا ينقض؛.

وبناءً على ذلك وفى واقعة السؤال: فإنَّ الوضوء يُنْقَض وتَبْطُل الصلاة بالنَّوم المستغرق الذى يصل إلى القَلْب ولا يَبْقى معه إدراك؛ لأنَّه مظنة الحدث؛ وأمَّا النُّعَاس محلّ السؤال والذى يكون معه الإنسان سامِعًا لكلام مَن حوله فلا يُنْقِض الوضوء ولا يُبْطِل الصلاة.

حكم تناول الأدوية التي يدخل في تركيبها مادة الجيلاتين

> شركة تعمل فى مجال الأدوية والمستحضرات الطبية تنتج أدوية مغلفة بكبسولات مصنوعة من مادة الجيلاتين، وهذه المادة تصنع من بعض أجزاء الحيوانات؛ وقد يكون الخنزير من ضمن تلك الحيوانات، فما حكم تناول هذه الأدوية شرعًا؟». 

                                                                                                                                                                                                                  يجيب د. على جمعة مفتى الجمهورية

- من المقرر شرعا: أنّ الخنزير حرام أكله وتداوله؛ لقوله تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة: 173). وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الخنزير نجسُ العين حيًّا وميّتًا، بينما ذهب المالكية إلى أنّ الخنزير طاهر ما دام حيًّا، ونجس إن كان ميتًا. وبناءً على ما سبق وفى واقعة السؤال: إذا كانت هذه المادة قد تحوَّلت طبيعتها ومكوناتها الخنزيرية إلى مادة أخرى استحالت إليها، وأصبحت مادة جلاتينية أو إسفنجية جديدة لا تسمى خنزيرًا، ولا يصدق عليها أنَّها بهيئتها ومكوناتها التى تحولت إليها جزء من الخنزير؛ فإنَّه لا مانع شرعًا من استخدامها، وأما إذا كانت لا تزال من الناحية الطبعية يطلق عليها أنَّها مكوَّن من مكونات الخنزير؛ فلا يجوز استعمالها حينئذ.

أقرأ أيضأ l مفتي الجمهورية يستقبل سفير ماليزيا بالقاهرة

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة