السبت، 17 سبتمبر 2022 - 02:09 م

كتبت: مي السيد

تمكنت الشرطة الألمانية من تنفيذ أكبر عملية وصفت بالتاريخية في البلاد، بعد أن تمكنت من ضبط ما يقرب من 700 كيلو من مخدر الهيروين بحوزة عصابة إجرامية لتهريب المخدرات قادمة من دولة إيران، حيث قامت بعدة مداهمات ألقت من خلالها القبض على عدد من المتهمين.

ووفقا لبيان مكتب المدعى العام فى منطقة دريسن؛ فإن التحقيقات أجراها مكتب المدعى العام فى دريسدن، والمكتب الاتحادى للشرطة الجنائية مكتب مكافحة الجريمة، حول الاشتباه فى قيام عصابات باستيراد المخدرات، وتبين أن أفراد العصابة قاموا بتهريب كميات كبيرة من الهيروين من إيران إلى داخل ألمانيا، بهدف توزيعها بشكل أكبر فى جميع أنحاء أوروبا، حيث جعلوا من منقطة دريسدن الكبرى نقطة هامة لإعادة الانطلاق والتوزيع إلى أوروبا بأكملها، ولفت البيان إلى حدوث عملية توزيع لكميات أَكثر من التى تم ضبطها.

اعتقال 5 أشخاص بينهم زعيم العصابة

وأشار بيان الادعاء العام أن السلطات المحلية قامت بحملة اعتقالات واسعة، بمشاركة ضباط مكتب مكافحة الجريمة فى ألمانيا ومباحث الجمارك، وسلطات التحقيق الجنائى وشرطة ولايتى هامبورغ وسكسونيا والشرطة الإتحادية، وكذلك السلطات المحلية بالتعاون مع السلطات فى الخارج، وعملت على تفتيش 10 مبانى كبيرة فى هامبورج الساحلية ومدينتى دريسدن وكيمنتس، وتمكنت من ضبط 700 كيلو جرام من مخدر الهيروين داخل مدينة هامبروج، بينما ألقت القبض على 5 مشتبه بهم في المدن الأخرى لهم صلة بالمضبوطات، كما تم تنفيذ حملة مداهمات فى هولندا.

وقال ممثلون من مكتب المدعى العام فى فرنسا إنه تم وضع اثنين من المتهمين المقبوض عليهم فى دريسدن رهن التحفظ، بينما يوجد الثلاثة الآخرون رهن الاحتجاز بانتظار تسليمهم، وعثرت الشرطة على وثائق وأجهزة كمبيوتر وهواتف، وقامت بمصادرة السيارات وجميع الأصول التى بحوزة المتهمين.

وتبين من التحقيقات أن المعتقلين منهم رجل يحمل الجنسيتين التركية والصربية عمره 40 عاما، ويشتبه فى كونه زعيم العصابة، بجانب إيرانى 35 عامًا فى هولندا، وألمانى يبلغ من العمر 54 عامًا يشتبه فى أنه استخدم مزرعته وموارده لنقل المخدرات، ووسيط تركى يبلغ من العمر 53 عامًا.

ولم تكن تلك المرة الأولى التى يتم فيها ضبط كميات كبيرة من الهيروين، حيث تمكنت سلطات الجمارك الألمانية من ضبط 4.5 طن من الكوكايين داخل سفينة حاويات بميناء هامبورغ، تبلغ قيمتها التسويقية مليار يورو، كانت مخبأة داخل 211 حقيبة رياضية مشحونة داخل صناديق صلبة، وكان بداخل هذه الحقائب أكثر من 4200 حزمة من الكوكايين المضغوط.
وقام موظفو الجمارك بتفتيش الحاوية القادمة من مدينة مونتيفيديو (أوروغواى)، متوجهة إلى مدينة أنتويرب البلجيكية، وكانت هذه الحاوية مسجلة على أنها تحمل شحنة فول صويا، إلا أن السلطات لم تجد بداخلها سوى عدد كبير من الحقائب الرياضية السوداء، وعند فتحها اكتشفت الكوكايين.

كما نجحت السلطات الألمانية عبر تعاون دولى فى تفكيك منصة إجرامية على الإنترنت تحت اسم «وول ستريت ماركت»، وتم القبض فى ألمانيا على ثلاثة أفراد يُشتبه في إدارتهم لهذه المنصة، وتجري السلطات تحقيقات ضد المشتبه بهم بتهمة إتاحة الفرصة لتسليم غير مصرح به لمواد مخدرة.

وقال متحدث باسم الادعاء العام الألمانى فى مدينة فرانكفورت إن منصة «وول ستريت ماركت» كانت تعرض بيانات مسروقة ووثائق مزورة ومواد مخدرة للبيع، مضيفًا أن الأشخاص الثلاثة المشتبه فى إدارتهم لهذه المنصة رهن الإعتقال، وبحسب البيانات، فإن المتهمين الثلاثة (22 و29 و31 عاما) ينحدرون من ألمانيا، وتربحوا أموالا من المبيعات عبر المنصة الإلكترونية.

ألمانيا تعانى
وعلى مدار السنوات الماضية شهدت ألمانيا ارتفاعًا غير مسبوق فى أعداد الوفيات بسبب الهيروين والكوكايين، بالتزامن مع انتشارهم الواسع فى المدن والأحياء خاصة العاصمة برلين، الأمر الذى دفع الشرطة وخبراء الإدمان وممثلو النوادى الليلية لتقديم دعوات إلى برلمان برلين لمناقشة سياسة مكافحة المخدرات فيها، حيث أن القانون لا يسمح بتتبع كميات قليلة من المخدرات مع الأشخاص، نظرًا لموافقة الحكومة على السماح بحمل 15 جرامًا للاستخدام الشخصى، الأمر الذى ربطته الشرطة وخبراء الإدمان بأنه وراء ارتفاع عدد جرائم المخدرات فى ألمانيا وبنسبة 7.4 بالمائة، وطالبوا باتخاذ إجراءات صارمة حتى ضد حمل وتعاطى كميات صغيرة من الكوكايين.

ونقلت وسائل الإعلام عن رئيس قسم التحقيق فى قضايا المخدرات فى مكتب التحقيق الجنائى ببرلين قوله:»هناك إشارات على تفشى وباء الكوكايين، يجب أن نجد طريقة جديدة للتعامل مع الكميات الصغيرة للكوكايين والهيروين، حوالى 75 بالمائة من جميع قضايا المخدرات فى برلين تتعلق بقضايا استهلاك، وغالبا ما يتم وقف الإجراءات القانونية بحق حاملى هذه الكمية».

ووفقًا لدراسة حديثة أجراها مركز الرصد الأوروبى للمخدرات والإدمان، فقد أدى التدفق المستمر للكوكايين إلى زيادة مطردة فى درجة نقاوة المخدرات لدى الباعة المتجولين وبالسعر نفسه، وصرح  أليساندرو بيرونا من مركز الرصد الأوروبى للمكافحة والإدمان لوسائل الإعلام  «نحن نشهد أعمال القتل والخطف، والعنف ضد الشرطة والترهيب من قبل عمال الموانئ، لافتًا إلى أنه وحتى الآن، فإن بلجيكا وهولندا على وجه الخصوص هما محور العصابات الإجرامية.

وأكد عضو المرصد الأوروبى للمكافحة والإدمان أن كلا البلدين، من خلال موانئهما فى روتردام وأنتويرب، يعتبران البوابة الرئيسية للكوكايين فى أوروبا منذ عدة سنوات.
 وأشار كريستيان هوبى أحد أعضاء المكتب الإتحادى للتحقيقات الجنائية فى ألمانيا إن الخطر يكمن فى المنافسة المتنامية بين مختلف الشبكات الإجرامية، والتى يمكن أن تؤدى أيضا إلى المزيد من العنف داخل ألمانيا، مشددًا على أنه بما أن تجار المخدرات يعملون بشكل متزايد على الصعيد الدولى، فإنه يتعين على سلطات تنفيذ القانون التصرف وفقا لذلك، وقد حان وقت مواجهة الشبكة الدولية للمجرمين، عن طريق شبكة سلطات تطبيق القانون، الأمر الذى يسهل من تبادل المعلومات فى الوقت المناسب واتخاذ التدابير اللازمة فى البلد.

اقرأ أيضًا

غرفة التجارة: الرسوم الأمريكية على السيارات ستكلف ألمانيا 6 مليارات يورو سنويًا

وفيات بالجملة
ويلعب الكوكايين دورًا كبيرًا فى مشهد المخدرات فى برلين خلال العامين أو الثلاثة الماضية، حيث يعد مخدر الكوكايين ثانى أعلى أسباب الوفيات المرتبطة بالمخدرات فى المدينة بعد الهيروين، وبحسب الإحصاءات ففى عام 2018 توفى 35 شخصًا بعد تناولهم الكوكايين فى برلين، واعتبارا من يوليو 2019، سجلت الشرطة 25 حالة وفاة خلال العام.

وتشير الدراسات إلى تصاعد معدل استهلاك الكوكايين فى العاصمة الألمانية، وهو ما تم التوصل إليه من خلال تحليل مكونات مياه الصرف الصحى، و أشارت الدراسات إلى تضاعف كمية الكوكايين المكتشفة فى مياه الصرف الصحى فى برلين بين عامى 2014 و 2018، وكان أحد أهم أسباب انتشار ذلك المخدر فى المدينة هو «تاكسى الكوكايين».

وذكر التقرير السنوى الصادر عن مرصد مراقبة المخدرات فى بروكسل التابع للاتحاد الأوروبى أن آثار الكوكايين التى تم قياسها فى مياه التصريف الصحى فى برلين قد تضاعفت خلال ثلاث سنوات، وقال خبراء المرصد الأوروبى إن آثار الكوكايين فى مياه الصرف الصحى بمدن أوروبية كبيرة أخرى مثل دورتموند الألمانية وأمستردام الهولندية وبريستول البريطانية كانت أكبر بكثير مما وجد فى برلين، وهو ما يشير إلى وجود توجه عام وواضح فى أوروبا وأن استهلاك الكوكايين مرتفع بشكل قياسى.