عبدالصبور بدر
عبدالصبور بدر


عبد الصبور بدر يكتب: قصة أب اسمه هشام سليم

عبد الصبور بدر

الخميس، 22 سبتمبر 2022 - 02:23 م

قبل عامين ألقى هشام سليم في سلة القمامة بمورثات المجتمع البالية، ووقف في ظهر «نور» – ابنه – ليستكمل عملية التحول الجنسي ويعيش كما أراد، غير مكترث بحملة الأحجار في حفلات الرجم.

لم يسمح هشام أن يعيقه تاريخه الفني الطويل، أو كونه نجل اللاعب الأشهر في تاريخ كرة القدم المصرية "صالح سليم"، عن إثبات أبوته لابن في أشد الاحتياج إلى "السند"، وهو يواجه ظروفًا استثنائية منذ ولادته، لا دخل له فيها.

ظهر في أحد البرامج مصممًا على إنقاذ جسد "الولد" من فستان الأنثى، الذي يلاحقه في السجل المدني والمؤسسات الرسمية، وتحدث عن الموظف الذي رفض تغير هوية نور الجنسية إلى ذكر وحذف «الألف»، لمجرد أن شهادة الميلاد لا تعترف بذلك!.

مد الأب يده وهو يقول: عندما حملت «نور» لأول مرة على ذراعي بعد ولادته أدركت أنه «ذكر»، لكني انتظرت 18 عامًا حتى يؤكد لي ابني ذلك، وبمجرد أن عرفت بالأمر قلت له "أنا معاك".

وكان يرتعش من "الهمّ" وهو يحكي عن "اللخبطة" التي يعيشها «الولد» (26 عامًا) والآلام والمعاناة التي يكابدها وحده، ولا يشاركه فيها إلا أسرته التي تحاول بكل طريقة أن تخفف عنه العذاب، وتمنحه الطمأنينة.

جهر هشام سليم يما يواجهه ابنه من مشكلة كبيرة تعود جميع الآباء في مصر على إخفائها، والتستر عليها، بل والتبرؤ منها إذا ظهرت لدى أحد الأبناء، حتى لا يجلب لهم العار، فيما يكون رد الفعل بالحبس، والتجويع، والتعذيب المستمر الذي قد يفضي إلى موت الابن.

هذه المرة، قرر أحدهم واسمه هشام سليم أن ينحاز للإنسانية، وأن يراعي الله في خلق الله، وأن يذكر الناس بقوله تعالى "هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم" آل عمران (الآية 6).

قال هشام كلمة الحق ومضى، ليضع المجتمع أمام مسؤولياته تجاه هؤلاء الأشخاص الذين يتحملون فوق طاقة البشر دون أن تمتد إليهم يد المساعدة، لعييشوا بقية حياتهم مهملين، ومحاصرين بذنب لم يرتكبوه.

وجد "نور" أبا يدافع عنه على الملأ، ونجح الأب في إيقاظ الضمائر النائمة، وتحريض المئات من الأشخاص للانضمام إليه من خلال حملات على السوشيال ميديا تثمن ما فعله، وتطالب بحق "الولد" في الحياة داخل الجسد الذي أراده الله له، دون أن يتحكم أحد في اختيارته، وطمس هويته.

توفي اليوم أب عظيم.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة