آمال عثمان
آمال عثمان


آمال عثمان تكتب: أفضل تعبير عن الاحتقار!

آمال عثمان

الجمعة، 23 سبتمبر 2022 - 06:10 م

استفدتُ كثيراً فى حياتى من آراء المفكر الساخر جورج برنارد شو، الفيلسوف اللاذع الذى عرف كيف يتحدث بالقلم ويكتب باللسان، والكاتب المسرحى الذى صنع شخصيات من روح وجمال، وليس من دم ولحم، واستفدتُ من فيض حكمة هذا الإنسان الثائر الذى ذاق شظف العيش فى طفولته، وترك المدرسة وعمره 15 عاماً ولم يكمل تعليمه، لكنه تحدى تلك الظروف، واعتمد على نفسه فى تثقيفها وتربيتها، واكتساب المعارف واللغات، لأنه يؤمن بأن الناجح يبحث عن الظروف التى يريدها، وإن لم يجدها يصنعها.

تعلمت منه أن الإنسان يعيش ليحقق أحلامه، خير له من أن يعيش ليحطم أحلام الآخرين، وصارت أحد مبادئ حياتى مقولته: «تعلمت منذ زمن ألا أتصارع مع خنزير، لأننى سأتسخ، ولأنه سيسعد بذلك»، كما أدركتُ أن الصمت أفضل تعبير عن احتقار هؤلاء الذين يتغذون على نهش الناس، والتسلق على أعناق الناجحين، مثل «البرغوث» تلك الحشرة الضئيلة المتطفلة التى تعيش داخل العفن والقذارة، وتتسلق أجساد البشر لتفرز سمومها الخبيثة، وتنهل من دمائهم لتبقى حية.

عاش شو فى حياته معيشة المتصوف والناسك المتقشف، فلا يأكل اللحوم ولا يشرب الخمر، ولا تحفل مائدته بطعام أو شراب، ليس عن شحّ أو بخل، وإنما لنفوره من البذخ والبهرجة، بل إنه بأسلوبه الساخر أوصى بألا يتبعوا نعشه بالسيارات فى شارات الحزن والحداد، وإنما بقطعان من الأبقار والخراف، وأسراب الحمام والإوز والدجاج، وأحواض يعوم فيها السمك الحي، كلها متّشحة بالبياض، لتشارك فى تكريم الرجل الذى كان يُؤثر أن يهلك، على أن يتغذى بلحوم زملائه من المخلوقات الحية! معلقاً أنه لو تحقَّقت هذه الوصية لصار أغرب موكب من نوعه، بعد موكب الذاهبين إلى سفينة نوح!!

ورغم عشقى لهذا المفكر، إلا إننى لم أكن أعلم أن اسمه اقترن بحادثة دنشواى الشهيرة، حيث وقع تحت يدى كتاب للمفكر الكبير محمود عباس العقاد يحمل اسمه، أشار فيه إلى علاقته بتلك الحادثة التى خصص لها حملة من أقوى حملاته، وكتب عنها فصلاً فى مقدمة روايته «جزيرة جون بول الأخرى»، هاجم فيه الجنود الإنجليز ودافع عن الفلاحين المظلومين، وتابع القضية بعد إقالة «اللورد كرومر»، واستمرت حملته عاماً حتى العفو عن السجناء. 
ولم تكن تلك الحادثة الأليمة وحدها التى ربطت اسم برنارد شو بمصر، وإنما هناك قصة أخرى لكنها أقرب للفكاهة والسخرية اللتين  تميز بهما.. وللحديث بقية

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة