سامى شرف- الزعيم الكاريزما الخالد جمال عبد الناصر حبيب الملايين
سامى شرف- الزعيم الكاريزما الخالد جمال عبد الناصر حبيب الملايين


في الذكرى 52 لسفر الذى لا يغيب عن وجدان العزة والكرامة

سامى شرف يروى مشاهد من دفتر القائد جمال عبد الناصر

عاطف النمر

الأربعاء، 28 سبتمبر 2022 - 06:35 م

مرت علينا أمس الذكرى 52 لسفر الزعيم جمال عبد الناصر لسماء الخلد، الكبار لا يرحلون سوى بالجسد، ويبقى منهم الفكرة والرمز والقدوة والتاريخ النضالى ضد قوى الظلم والاستبداد والطغيان والاستعمار، يبقى منهم ما تركته أيديهم على الأرض من منجزات، وهم فى كل الأحوال ليسوا أنبياء معصومين من الخطأ، إنما هم بشر يصيبون ويخطئون، ولكل منهم تجربة يقيمها التاريخ.

ولهذا سيظل عبد الناصر شخصية قيادية رائدة مناضلة وطنية، لها ما لها وعليها ما عليها فى حكم التاريخ، واليوم ونحن نحيى ذكرى رحيله نقدم لقراء «كنوز» مقتطفات من مقال لمدير مكتبه سامى شرف بعنوان: «قراءة فى دفتر عبد الناصر» نشر فى «مجلة الوعى العربى» بتاريخ 26 نوفمبر1971، يقول فيه: 

فى عام 1953 أرسلت أمريكا 4 ملايين دولار إلى «ناصر» هدية شخصية للصرف على أمنه الخاص، ولم يكن المبلغ فى صورة شيك، بل أوراق بنكنوت فى حقائب حملها الملحق العسكرى الأمريكى، وتسلمها الضابط حسن التهامى، لكن الزعيم عبد الناصر سخرية من الأمريكان أمر بصرف المبلغ فى بناء برج كبير، سمى «برج أمريكا» سخرية من أمريكا، ثم أصبح «برج الجزيرة». وكانت رسالة منه للأمريكان بأن ناصر لا يرتشى ولا يشترى، وعلى أمريكا أن تفهم هذا، وهذا يدل على طهارة يد الرئيس الخالد. 

ويروى سامى شرف مشهداً آخر يقول فيه: «فى عام 1957 ظهرت بالقرب من «بنى مر» جزيرة مساحتها 140 فداناً من أراضى طرح النهر، فقام الأهالى، ومن بينهم بعض أقارب الرئيس عبد الناصر بزراعتها، وحدث خلاف بينهم وبين باقى أهالى القرية الذين سارعوا بتقديم شكاوى ضدهم، وتدخلت الشرطة للتوفيق بينهم لفضّ النزاع.

لكن الأهالى اتهموا الشرطة بالانحياز إلى صف أقارب الرئيس، وقاموا بإرسال شكاوى وتليغرافات إلى الرئيس، وتوجه بعض منهم إلى القاهرة وقدموا شكواهم إلى سكرتارية الرئيس، الذى أصدر قراراً جمهورياً بسحب كل أراضى هذه الجزيرة وما فيها من محاصيل زراعية، وتوزيعها على المعدمين من أهالى القرية والمسرّحين من الخدمة العسكرية فى «بنى مر» والقرى المجاورة، وقام بتنفيذ القرار المهندس كمال سرى الدين مدير الإصلاح الزراعى فى محافظة أسيوط فى ذلك الوقت.

وقد علّق أحد أبناء القرية على هذه الواقعة بقوله: « كان ينصفنا نحن، وإن اضطر أن يظلم أقاربه، وكان يفضِّل أن يتمتع أبناء القرى الأخرى بمشروعات الثورة قبلنا، نحن لم نشعر أبداً بعد هذا الحادث بأن بيننا أقارب لرئيس الجمهورية، إنما كنا نشعر بأنهم إخوتنا وجيراننا ورفاقنا فى كل شيء».

وفى عام سنة 1953 شعر الرئيس عبد الناصر بآلام الزائدة الدودية، واستدعى الدكتور مظهر عاشور كبير الجراحين بالمستشفى العسكرى العام بكوبرى القبة، للكشف عليه بمنزله بمنشية البكرى، وبينما الدكتور مظهر عاشور يقوم بإجراء الكشف عليه، قال: «لا حول ولا قوة إلا بالله»!

فسأله الرئيس: «هى الحالة خطيرة للدرجة دى؟».

فقال الدكتور: «أبداً.. دى العلة البدنية بسيطة، وتحتاج لعملية جراحية بسيطة لاستئصال الأعور، ولكننى استغفر الله لعلة أخرى، وهى أننى سمحت لأذنى أن تسمع عنك فرية دنيئة».

فسأله الرئيس: «وإيه اللى سمعته يا دكتور مظهر؟»

فقال الدكتور: «كنت منذ أيام أزور بعض الأصدقاء فى لقاء اجتماعى، فقال واحد من الحاضرين إنه زارك وشاف بيتك مفروش من قصر الملك.. من عابدين.. وأنا داخل لك النهارده شفت حجرة الجلوس وحجرة النوم اللى إحنا فيها دلوقت، ولكنى لم أجد شيئاً مما زعموه وافتروه عليك.. فسبحان الله»!.
ابتسم جمال عبد الناصر رغم آلامه، وقال: «إننى أتوقع الكثير من هذا الكلام.. وأن مثل هذه الفريات وغيرها موش حاتعقدنا ولا تقعدنا عن تحقيق أهدافنا.. يا دكتور مظهر أشهد بأن كل شيء حايكون لغيرى ولو على حسابى».

وعما كان يتمتع به الرئيس جمال عبد الناصر من عزة وكرامة، يروى سامى شرف واقعة تترجم ذلك بقوله: «حضر الرئيس جمال عبد الناصر وبعض أعضاء مجلس الثورة عام 1955 عشاء بمنزل السفير أحمد حسين سفير مصر فى واشنطن، وحضر العشاء «إريك جونستون» المبعوث الخاص للرئيس الأمريكى «أيزنهاور» و«كيرميت روزفلت» حفيد تيودور روزفلت رئيس الولايات المتحدة الأمريكية فى بداية القرن الماضى، و «هنرى بايرود» السفير الأمريكى بالقاهرة، ودارت أحاديث كثيرة واستفسارات من «جونستون» و«روزفلت»، وكان الرئيس عبد الناصر يقول إن «بايرود» يعرف الإجابة عن كل ما تسألون عنه، ولقد قلت له رأينا فى كل ما تسألون أكثر من مرة.

وفجأة قال السفير «بايرود»: «سيدى الرئيس إننى أعرف هذا كله، ولكننى لا أعرف لماذا ضُرب أحد رجالى اليوم فى مدينة السويس؟»، نظر الحضور إلى «بايرود» بدهشة لتحويله مجرى المناقشة، والعصبية المكبوتة فى كلماته، واستمر يقول إن المستر «فينش» الملحق العمالى فى السفارة كان يقوم بزيارة لمصنع تكرير البترول بمدينة السويس، وقد ضربه العمال هناك إلى حد كاد يفضى به إلى الموت.

فقال عبد الناصر بهدوء: «إن المستر «فينش» كما تقول معلوماتنا ليس مجرّد ملحق عمالى بالسفارة، ولكنه ممثل للمخابرات المركزية الأمريكية، ولقد طلبنا إليكم أكثر من مرة أن يمتنع عن الذهاب إلى المناطق العمالية، لكنه ما زال مصراً على عدم الالتزام بما نصحنا به وعليه أن يتحمل نتائج أية مشاكل تقع له من جانب نقابات العمال التى تعرف طبيعة مهمته، وترفض دخوله وسط عمالنا»، فقال «بايرود»: «أخشى أن أقول يا سيدى الرئيس إن عمالكم تصرفوا بطريقة غير متحضرة»..

فنظر إليه جمال عبد الناصر وقام بإطفاء سيجارته على مائدة أمامه، ثم قال: «سوف أتركك الليلة تقرأ كتاباً عن الحضارة المصرية وتاريخها البعيد، وعندما تتعلم منه شيئاً نتكلم مرة أخرى..»، وقام عبد الناصر ومبعوثا أيزنهاور اللذان سارا معه حتى باب السيارة يحاولان الاعتذار، وبقى السفير«بايرود» وحده فى الصالون.

سامى شرف «الوعى العربى» 26 نوفمبر1971

إقرأ أيضاً|الرئيس السيسي ينيب وزير الدفاع لوضع إكليل من الزهور على ضريح عبد الناصر

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة