عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

ناصر ما بعد ٦٧!

‬عبدالقادر شهيب

الخميس، 29 سبتمبر 2022 - 07:59 م

مساء ٢٨ سبتمبر عام ١٩٧٠ كنت مع الصديقين عثمان محمد عثمان وزير التخطيط الأسبق وأسامة الغزالى حرب الرئيس الأسبق لمركز الدراسات الاستراتيجية نستقل ترام شبرا الشهير الذى حل محله فى سنوات تالية مترو الإنفاق، وكان الترام يسير ببطء كما كانت عادته فى هذا الوقت لازدحام شارع شبرا الذى كان اتجاهين..

وفجأة وجدنا شخصا يدق على عربات الترام بقوة ويصرخ فينا: عبدالناصر مات..

أصابنا مثل كل الناس فى الشارع الذهول والصدمة ونزلنا من الترام الذى توقف عن السير هو وبقية وسائل النقل من أتوبيسات عامة وسيارات خاصة لنجد أن الناس قد احتشدت فى الشارع مثلما حدث فى بقية شوارع القاهرة لينتظموا بعدها فى مسيرات.

ومظاهرات ضخمة تنعى عبدالناصر.. وأعاد لى هذا المشهد الجديد مشهد احتشاد الناس فجأة ايضا فى الشوارع  فور إعلان عبدالناصر تنحيه عن الحكم فى مساء التاسع من يونيو عام ١٩٦٧، رافضين ذلك ومطالبين إياه بالاستمرار فى موقعه لتحرير سيناء. 

وكانت الدلالة الأهم فى ذلك المشهد أن الجماهير قد غفرت لناصر كل الأخطاء الفادحة ابتداء من تغييب الديمقراطية حتى هزيمة يونيو ٦٧،  لأنها صدقته ووثقت أنه منحاز لها..

بل وكانت تأمل أن ناصر وهو يقوم  بإعادة بناء الجيش سوف يصحح كل الأخطاء وسوف يعيد بناء الدولة المصرية كلها وليس الجيش وحده. 

ومن يطالع محاضر اجتماعات مجلس الوزراء فى الحكومة التى شكلها جمال عبدالناصر بعد الهزيمة التى جمعتها ابنته هدى سوف يكتشف أنه كانت تراوده رغبة قوية وملحة فى ذلك فعلا..

فهو رأى  أن هزيمة يونيو لم تكن نتيجة إخفاق وإهمال عسكرى فقط وانما كانت ايضا نتيجة اخفاق سياسى سببه غياب الديمقراطية والمساءلة والمعارضة، وهو ما دفعه للتفكير جديا، كما قال للوزراء،  فى تأسيس حزب معارض يواجه الاتحاد الاشتراكى الحزب الأوحد وقتها، بل ذهب به التفكير إلى أن يتخفف من مهامه الرسمية ويتفرغ لرعاية وقيادة هذا الحزب المعارض لكن القدر لم يمهل عبدالناصر لتنفيذ ما كان يفكر فيه خاصة أنه منح جل اهتمامه بعد يونيو  ٦٧ لإعادة بناء الجيش ليخوض حرب استعادة الأرض والكرامة قبلها..

وعندما مات احتشد المصريون مرة أخرى من أجله فى غضون بضع سنوات قليلة لأنهم صدقوا انحيازه لهم، وتوارثت أجيالهم ذلك ولذلك رفعوا صوره فى يناير ٢٠١١.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة