أيمن فاروق
كل أسبوع
اللهو الخفي على مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء، 04 أكتوبر 2022 - 10:19 ص
..مواقع التواصل اللا-اجتماعي، أصبحت بمثابة دفتر أحوال للمواطنين، معظمنا أصبحت حياته الخاصة والعامة على صفحات تلك المنصات، من المؤكد أن هذا يشكل خطرًا كبيرًا، وبالتأكيد ما يحدث مردوده خطير على الأمة.
أصبح هناك انفصال اجتماعي بين أفراد الأسرة الواحدة وأيضا الأقارب ليس هذا فحسب بل المجتمع بأكمله، الجميع مصاب بما أستطيع أن أطلق عليه «هوس السوشيال ميديا»، الكل يلهث خلف الترند، ويسابق الزمن لحصد مشاهدات ولايكات دون النظر للمضمون، العامة والمثقفون، الفقير والثري، جميع فئات المجتمع، لا أستثني أحدًا إلا من رحم ربي، أصبحت مواقع التواصل جزءًا كبيرًا من حياتنا وتسرق قدرًا لا بأس به من أوقاتنا، الأمر فاق الإدمان، وهذا ما تسبب فيما مانراه من تحول كبير في عقلية الشباب «الجيل القادم»، وأيضا سبب العزلة الاجتماعية، والبحث وراء الشهرة والمال، وكأن الحياة تساوي مال وشهرة عبر تلك المواقع، لم يعد موجود صلة رحم وتواصل أسري، افتقدنا لأبسط الأمور في حياتنا «المودة وصلة الرحم»، رغم أن الغرب تخلو عن تلك الوسائل سريعا، فلم يعد ذلك الشيء المسمى «بالفيس بوك» يشغلهم، كما إن الانستجرام ما هو إلا وسيلة لعرض بعض أعمالهم أو جزء ضئيل من حياتهم، وهم من اخترعوا تلك الأداة، كنت أتحدث مع أحد أصدقائي عن الغرب والسوشيال ميديا، فكشف عن أمر بدا لي في البداية غريبا، وقال لي حرفا أن مواقع التواصل التي تسمى بالتواصل الاجتماعي ليس لها أدنى اهتمام في الولاية التي أقيم بها في أمريكا، وصديقي هذا العاشق لتراب الوطن ومحب لكل ذرة تراب من مصر والعاشق لنهر النيل والأهرامات والقلعة وكل تفاصيل هذا البلد من شرقها وغربها، مقيم في أمريكا وتربطني به قبل أي شيء صلة قرابة، وذكر حرفيًا أن تلك المنصات لا يدخلون عليها سوى في نهاية اليوم إن أمكن، لكن الشيء الرئيسي لديهم هي زيارة بعضهم كل أسبوع ولا يوجد مانعًا أن تكون تلك الزيارة الأسرية كل يومين أو ثلاثة إن أمكن، التقارب والود واللقاءات وزيارة الوالدين، مسلمات أسبوعية لا يمكن الاستغناء عنها، وهذا الوضع ليس اليوم ولكن منذ سنوات طويلة مضت.
لهذا لابد من فرض مزيد من التوعية والإرشاد للمواطنين وخاصة جيل الشباب والأطفال، حيث أن هوس السوشيال ميديا أصبح أمرا غير طبيعي، وكان ذلك له أثرا واضحا في تغير طبيعة الجريمة الإلكترونية وتطورها منذ ظهورها على السطح عام 2002 وذلك مع استخدام شبكة المعلومات الدولية «الانترنت»، ومنذ ذلك الوقت تم إنشاء الإدارة العامة لمكافحة الجريمة الإلكترونية «تكنولوجيا المعلومات، ومباحث الإنترنت»، ونرى جهدًا كبيرًا تقوم به وزارة الداخلية، في مكافحة تلك الجريمة، والتصدي لضعاف النفوس، من النصابين واللصوص وغيرهم، حقيقة لابد أن نوجه تحية لرجال الشرطة في الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات ومباحث الإنترنت وجميع من يساعدهم من الإدارات الأخرى لكشف تلك الجرائم التي تحدث كل دقيقة على العالم الافتراضي «الفيس بوك» و»تويتر» و»انستجرام» و»التيك توك» وغيرها من مواقع التواصل.
هنا استدعت ذاكرتي حوارًا كنت قد أجريته مع اللواء عصام محمد حافظ، مدير إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكة المعلومات، عام 2016، والذي أكد وقتها على أن الجريمة الاجتماعية تؤثر على المجتمع، مثلما أيضا تؤثر على الاقتصاد القومي، لأن هناك جرائم يتم اختراق مواقع الشركات بطرق كثيرة ومراسلات إلكترونية على بضائع وتحويلات مالية ويتم الاتفاق قبل تسلم وتسليم المال ويتفق معه على انه سوف يغير الحساب لتحول الأموال عليه وهنا تقع الجريمة، كما أشار مدير مكافحة جرائم الحاسبات وقتها، أن تلك الجرائم تؤثر على الاقتصاد لأنه بذلك تخسر الدول صفقات بين الشركات ومعاملات تجارية تعود بالسلب على الاقتصاد، ويسبب تعطل في حركة التجارة، كما أشار إلى مصطلح الإرهاب الإلكتروني، مؤكدًا أن شبكة الانترنت أرض خصبة للتواصل بين الإرهابيين، موضحًا أن الفرق بين المجرم العادي يحاول أن يكون متخفيًا حتى لايراه أحد ويكشف جريمته لكن الوضع هنا بالنسبة لمرتكبي الجرائم الالكترونية هو متخفي بالفعل، وكل مايريد أن يفعله وهو بإمكانه فعله وهو متخفي، ولكن حينما تظهر الجريمة على السطح يتم التعامل معها سريعا، وأوضح اللواء عصام وقتها شيئًا مهمًا، ولا أعلم هل هذا متاح الآن ام لا، أن إدارة مكافحة جرائم الحاسبات ليس لديها سلطة إغلاق الصفحات ولكن ما تقوم به تتبع الصفحات، واتخاذ الإجراءات القانونية وفقا للقانون، بتحديد الصفحة أو الجهاز وأخذ الباسورد والتحفظ على الصفحة وهنا يأتي دور النيابة في التحقيق.
لهذا فإن العالم الافتراضي على السوشيال ميديا، يصعب السيطرة عليه، لكن لابد أن يكون هناك رقيب ذاتي داخل كل شخص، والعيش على أرض الواقع، بعيدا عن الافتراضيات الوهمية، صحيح أنه لا يمكن أن نتخلى عنها مطلقا لكن وفقًا لاحتياجات كل شخص لها، فكل ما نراه اليوم مجرد «هوس» نهايته مأساوية.
أثر إيجابي
في النهاية أود أن أوجه الشكر لوزارة الداخلية، والقائمين على مبادرة كلنا واحد تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، لما تبذله من جهد كبير تأكيدًا على الدور المجتمعي لمنظومة العمل الأمني الهادف إلى المساهمة في تقديم كافة أوجه الرعاية الإنسانية والإجتماعية للمواطنين، ووضح ذلك جليًا ما قام به قطاع المشروعات والتنمية بوزارة الداخلية من خلال منظومة أمان بإهداء حقائب مدرسية بمشتملاتها، وأيضا مواصلة فعاليا مبادرة «كلنا واحد- هدية العروسة»، لتقديم الدعم للعرائس المقبلات على الزواج، مما كان له أثر إيجابي في نفوس هؤلاء العرائس وتأكيدًا على مدى حرص وزارة الداخلية على مد جسور التواصل مع مختلف فئات المجتمع.
حفظ الله مصر شعبا وجيشا وشرطة