ذكري حرب أكتوبر ٤٩
ذكري حرب أكتوبر ٤٩


في ذكري حرب أكتوبر ٤٩ l ماذا قالت الصحافة الفنية بعد النصر ؟

أخبار النجوم

الخميس، 06 أكتوبر 2022 - 12:19 م

محمد كمال

عاشت مصر لحظات عصيبة قبيل حرب أكتوبر من الترقب والتحفز والرغبة لخوض المعركة، خاصة في ظل حالة اللاحرب واللا سلم التي فرضها الرئيس محمد أنور السادات منذ تواجده في الحكم، فقد كان له جملة مشهورة كانت دائما الصحافة المصرية تقوم بإبرازها في بداية كل عام، وهي “سنة الحسم”، فقد عبر الكثيرين عن سعادتهم وإعتبارهم أن سنة 1971 ستكون هي سنة الحسم، لكن مر العام دون أن يحدث، ثم جاء العام التالي، واستخدمت الصحف نفس المصطلح، ففرحت الجماهير، وأصبح لديهم بارقة أمل بأن 1972 هي سنة الحسم، لكن مرت أيضا أي وجود خطوات توحي بهذا، وفي عام 1973 استخدت الصحافة المصرية نفس المصطلح، لكن وقتها تعامل الشعب المصري معه بعدم مبالاة وعدم اهتمام وأحيانا بسخرية، فقد بدأ التوجس يسيطر على المصريين، وساهمت الصحف المصرية في فرض تلك الحالة بأن ليس هناك معركة، وهي الحرب الإعلامية التي بدأها السادات وظل محافظا عليها، رغم أنها جاءت على حساب قناعات الشعب به، لكنه تحمل حتى جاءت لحظة الحسم في الثانية ظهرا يوم السادس من أكتوبر عام1973  لتكون هي سنة الحسم.

صحيح كانت الآلة الإعلامية المتمثلة في الصحافة فقط وقتها هي الأداة المهمة في يد السادات حتى ينقل صورة مغايرة عما يدور في الخفاء، لكن في نفس الوقت لم يكن السادات يعطي أي تفاصيل حقيقية حول الاستعدادات الحقيقية للمعركة، لهذا فقد نجح في استخدام الصحافة لتوجيه رأي عام معين.

لكن الأمر كان مختلف بالنسبة للصحافة الفنية، فقد كان التعامل مع الحرب يشوبه الحذر الشديد، والتريث التام، وهذا يبدو أنه كان لسببين أساسين، الأول أن المصريين كانوا يتذكرون التعامل الإعلامي مع هزيمة يوينو 1967 وحالة الخداع التي صاحبت تلك الفترة، والثاني جملة صلاح جاهين الشهيرة لـ”العندليب الأسمر”، عبد الحليم حافظ، عندما قال له “جينا نغني للناس غنينا عليهم”، لهذا كان التعامل بحذر شديد مع الحرب لدرجة أن جريدة “الأخبار” منذ يوم6  أكتوبر وحتى نهاية الشهر لم يتواجد فيها خبر أو موضوع فني واحد، لكن هذا الأمر يوجد ما يبرره، فقد كانت الجريدة تعطي كل طاقتها وصفحاتها لتغطية المعركة، خاصة وأنها إصدار يومي عكس الإصدارات الأسبوعية التي كان لها متنفس أكبر للصحافة الفنية على التعامل مع الحرب.

وتعد جريدة “أخبار اليوم” - بحكم أنها إصدار أسبوعي - أفضل الصحف الذين تعاملوا مع التغطية الخاصة بالفن أثناء حرب أكتوبر، فلم تحجب صفحات الفن مثلما فعلت “الأخبار”، ولم تقدم الصفحة الفنية بشكل مقتضب مثلما فعلت مجلة “آخر ساعة”، بل ظلت صفحة “أخبار اليوم” الفنية شبه ثابتة في كل الأعداد أسبوعيا، وكانت الصفحة تحمل رقم 6 في الإصدار الذي كان يحتوي وقتها على 9 صفحات فقط، وكان في العدد الأول بعد الانتصار كتب الكاتب الراحل محمد تبارك مقال مفصل عنوانه “الإذاعة والتليفزيون لا يكرران خطأ 67”، وهذا أكبر دليل على حالة الحذر والتوجس من الماضي، وهو الذي دفع تبارك لعقد المقارنات بين تعامل الإعلام في الفترتين.

في نفس العدد كتب تبارك أيضا عن أن فاتن حمامة، أنها كانت صاحبة أول تحرك رسمي من الفنانين، حيث توجهت إلى “الهلال الأحمر” ووقعت على استمارات التطوع، وأنها ستتفرغ تماما لمساندة المصابين وعلاجهم، وفي تقرير آخر كتب عن الظهور الأول لأسرى الجيش الإسرائيلي على التليفزيون المصري من خلال تقرير تم تقديم اللحظات المهمة والأخيرة قبل ظهورهم على الشاشة، واستعدادات مسئولي التليفزيون وقتها لنقل الأمر، وفي تقرير آخر صغير تم تناول نقل تصوير أسرى العدو عبر الأقمار الصناعية لشاشات القنوات في أمريكا وأوروبا.

كما أوضحت الصفحة أن أول فيلم صوره التليفزيون المصري لعبور قواتنا إلى سيناء تم إرسال نسخة منه إلى التليفزيون الإيطالي، وخبر آخر صغير عن وجود وحدة أفلام تسجيلية كاملة تابعة لهيئة السينما تقيم بصفة دائمة على جبهة القتال لتصوير المعارك على أرض الواقع، وكانت الأفلام تصور وتنقل فورا إلى القاهرة لتحميضها طبعها وتجهيزها للعرض وكان الأمر تحت الإشراف المباشر لوزير الثقافة يوسف السباعي.

“30 أغنية تذاع فورا بدون مراجعة”، كان هذا هو العنوان الذي اختارته “أخبار اليوم” لنقل موضوع عن أغنيات النصر حيث جاء في التقرير أن الإذاعة المصرية بعد مرور أسبوع واحد من حرب أكتوبر أصبحت تمتلك 30 أغنية وطنية، وأعطى رئيس الإذاعة وقتها محمد محمود شعبان بأن تطرح الأغنيات فور انتهاء صانعوها منها دون الدخول إلى لجان التدقيق والمراجعات مثلما يحدث دائما في تعامل الإذاعة المصرية مع أي أغنية جديدة، لكن هذه المرة قدم رئيس الإذاعة الاستثناءات، وكانت للمرة الأولى في تاريخ الإذاعة أن يتم طرح أغنية جديدة لأول مرة في الفجر، وصرح وقتها شعبان بأن الإذاعة تعمل وفق خطة متماشية مع النصر العظيم الذي يجب أن يترجم إلى كلمات وأغنيات وموسيقى عظيمة.

وفي تقرير آخر نشرته “أخبار اليوم” عن تواجد العديد من الفنانين في المستشفيات للإطمئنان على الجنود المصريين المصابين وتقديم الشكر والتقدير والدعم لهم ومن بين الممثلين المتواجدين عبد المنعم مدبولي وأمين الهنيدي وصفاء أبو السعود وزيزي البدراوي وناهد صبري ومحمد رضا، بالإضافة إلى تواجد الفنان الاستعراضي محمود شكوكو بفرقته الكاملة. 

وبتاريخ 20 أكتوبر 1973 نشرت “أخبار اليوم” تقرير طويل عن وجود 350 مراسلا حربيا يقومون بتغطية حرب أكتوبر وأن هؤلاء المراسلون يرسلون تقاريرهم بالصوت والصورة يوميا عن طريق جسور جوية أقامتها مصر لضمان سرعة وصول التقارير والصور والمعلومات الخاصة بالحرب بسرعة إلى كل دول العالم.

وفي نفس العدد نشر تقرير عن إرسال بيير لانتناك مدير الأخبار باتحاد الإذاعات الاوروبية، ببرقية شكر إلى التليفزيون المصري على مجموعة أخبار تم إرسالها لهم وهم بالترتيب (رفع العلم المصري على القنطرة شرق – تحرير بلدة الشط – سقوط طائرة فانتوم إسرائيلية – فوج الأسرى – ضرب المدنين في الدلتا).

وفي العدد الأول من “أخبار اليوم” في شهر نوفمبر كتب تقرير طويل منقول عن “كول كاهير” وهي الإذاعة المصرية الناطقة باللغة العبرية هي الأكثر استماعا من قبل المواطنين الإسرائيلين، وفي نفس العدد كتب عن البدء في مشروع أول فيلم روائي عن حرب أكتوبر والذي يحمل اسم “حرب الساعات الستة” يكتب قصته عبد الحميد جودة السحار.

أما عن مجلة “آخر ساعة” نشرت الكاتبة الراحلة إيريس نظمي عن إصدار وزير الثقافة يوسف السباعي قرار بانتقال كاميرات السينما إلى سيناء وكتبت عن أسماء الأفلام التي تم تصويرها هناك وهم “أجازة جندي” للمخرج حسام علي، و”أغنية على الممر” التي يجهز له المخرج علي عبد الخالق مع مدير التصوير محمود عبد السميع ومشروع آخر يضم وضم المخرج داوود عبد السلام والمصور سعيد شيمي، وفيلم “دفاعا عن السلام” للمخرج سعد نديم، و”شدوان” و”الرجال والخنادق” إخراج  فؤاد التهامي، و”رجال خلف المقاتلين” إخراج عبدالفتاح قناوي.

أما الحوار الوحيد الذي أجرى مع فنان خلال الإصدارات الصحفية الثلاث في فترة حرب أكتوبر، كان مع أحمد مظهر، وكان الحوار بإعتبار ان مظهر كان ضابطا سابقا في الجيش وتنظيم الضباط الأحرار، وكان ضمن الدفعة الذهبية بالكلية الحربية التي تحمل رقم 37 التي ضمت جمال عبد الناصر وأنور السادات وعبد الحكيم عامر ويوسف السباعي وزكريا محيي الدين وحسين الشافعي وصلاح سالم وغيرهم، وكان الحوار مع مظهر أقرب إلى حوار حربي استراتيجي حول رؤيته لما يحدث من معارك على أرض سيناء ووضع الجيش المصري ومدى إمكانية التوغل بشكل أكبر داخل العمق الإسرائيلي.

أقرأ أيضأ l انتصار السيسي: قواتنا المسلحة حققت معجزة عسكرية بنصر أكتوبر

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة