داليا جمال
داليا جمال


أما قبل

حبس الطبيب.. احتياطيًا!

داليا جمال

الجمعة، 07 أكتوبر 2022 - 07:44 م

انت تعمل طبيباً فى مستشفى حكومى؟

تقوم بعملك لمدة ٢٤ ساعة متواصلة وأحيانا ٤٨ ساعة!

ولو كنت طبيب نساء وتوليد لا يستبعد أن تكون قد أجريت خلال هذا الوقت  أكثر من عشر حالات ولادة،  نصفها ولادات قيصرية، أو قد تكون طبيب عظام وأجريت أكثر من ثلاثين حالة تجبير، وعشر  عمليات تركيب دعامات وشرائح!.

وسواء كنت فى هذا التخصص أو ذاك.. يكفى أن تكون طبيبا فى مصر تعالج يوميا عشرات الحالات فى عمل متواصل خلال ساعات الليل والنهار،  إلى أن تصادفك حالة لمريض أو مريضة يعانى من مضاعفات مرض آخر أثناء علاجه  يؤدى إلى وفاته!.

هنا... نقطة ومن أول السطر ونتوقف عند هذا المشهد، لنبدأ فى فصل آخر من حياة هذا الطبيب.

حيث يندفع أهل المريض المتوفى بحثا عن هذا الطبيب المعالج ليشبعوه ضربا واعتداء بالأيدى  والأسلحة!  

ومؤخرا قرأنا ورأينا حالة الطبيب الذى استلزم علاجه ٦٤ غرزة، و٣ عمليات جراء الاعتداء عليه من أهالى مريضة توفيت أثناء إجراء عملية لها!.
ننتقل  بعد ذلك إلى المشهد الثالث فى هذه المسرحية الهزلية، عندما يتوجه أهل المريض المتوفى للإبلاغ عن الطبيب واتهامه بالتسبب فى وفاة مريضتهم. وهنا... تأخذ العدالة مجراها.. ويصدر الأمر بحبس الطبيب إحتياطيا لحين البحث والتحرى وشهادة الشهود!! للوقوف على مقدار مسئولية الطبيب عن وفاة المريض.

وكل طبيب وحظه!! إما أن تنصفه شهادة الشهود والتاريخ المرضى للحالة المتوفاة، أو يلبس قضية تقضى على حياته المهنية ومستقبله  بالكامل!.
هذا هو حال الطبيب فى القانون المصرى.

والحمد لله أخيرا.. وبعد طول انتظار تقدم ثلاثة من نواب البرلمان المحترمين بمشروع  قانون.. (المسئولية الطبية) وقد بدأت مناقشته بالفعل داخل أروقة البرلمان المصرى.. وأهم ما فيه أنه لا يجوز حبس الطبيب احتياطيا جراء وفاة أحد المرضى.

لأن الوفاة قد تكون بسبب مضاعفات أو أسباب خارجة عن إرادة الطبيب.. أما إذا كانت الوفاة نتيجة إهمال أو تقصير أو جهل من الطبيب.. فهذا خطأ مهنى.. ويعاقب عليه مهنيا.. من النقابة أو جهة عمله بما يتناسب مع حجم الخطأ.

ومشروع القانون ينظم بشكل محترم وعادل اللجنة الطبية التى تقيم مسئولية الطبيب عن أى خطأ يرتكبه.

اليوم فقط يمكننا القول إنه أخيرا بدأنا ننصف الأطباء المصريين، هذه الفئة المتميزة علميا والمقدرة فى كل دول العالم إلا فى بلدنا.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة