د. أسامة السعيد
د. أسامة السعيد


د. أسامة السعيد يكتب: اليوبيل الذهبى .. لجيل ذهبى

د. أسامة السعيد

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2022 - 06:07 م

لا تعجبنى كثيرا فكرة الاحتفالات الموسمية بانتصارات حرب أكتوبر، فهى تتحول تدريجيا فى الذاكرة الوطنية إلى مناسبة لا نتذكرها إلا يوما أو بعض يوم، ثم تتوارى إلى النسيان 12 شهرا! 
انتصارات أكتوبر ـ كما أفهمها وصنعتها فى ذاكرتى ووجدانى حكايات والدى رحمه الله، أحد جنود تلك المعركة الخالدة - قصة أمة رفضت الاستسلام للهزيمة، وانتفضت بكل مكوناتها الحضارية (العسكرية والمدنية)، من أجل إعادة كتابة التاريخ، وهى هواية مصرية قديمة، لكننا حولناها ـ للأسف الشديد - إلى احتفالية طقوسية باهتة، فوزارة التعليم تكلف الطلاب بموضوع تعبير عن الحرب، وكلمة فى الإذاعة المدرسية، والتليفزيون يبث أفلاما تبدو فيها المعركة مجرد خلفية لقصة حب ملتهبة بين فتاة وشاب ذهب إلى المعركة، لينتهى الفيلم بعودة «البطل» ليحصل على قبلة طويلة مكافأة للنصر!!

هكذا حولنا حرب أكتوبر بكل ما تحمله من معانٍ تجسد إرادة وطن فى أصدق معانيها، وصلابة شعب فى أروع صورها، إلى حدث باهت فى وعى الأجيال الجديدة، التى كانت ولا تزال تبحث عن القدوة وتتلمس ما يلهمها من تجارب إنسانية حقيقية فى زمن شاع فيه الإحساس بالفراغ، فتحول مطربو المهرجانات ولاعبو الكرة وأراجوزات «السوشيال ميديا» إلى وسيلة تملأ ذلك الفراغ!!

ولعل الندوة التثقيفية التى حضرها الرئيس عبد الفتاح السيسى هذا العام احتفالا بالذكرى 49 للنصر، وقدم فيها اعتذارا مستحقا باسم الشعب كله لـ «من تبقى من الرجال» أبطال معركة العبور، يمنحنا الأمل فى أن يكون الاحتفال باليوبيل الذهبى للنصر العام المقبل احتفالا مختلفا.

أمامنا عام كامل نستعد ونجهز ما يليق بتلك المناسبة الخالدة، ولا أعنى هنا مجرد احتفالية فنية، بل ينبغى أن يكون لدينا إنتاج ضخم من الأفلام الوثائقية، والقصص الإنسانية التى تجسد بطولات ذلك الجيل الذهبى، وحكايات من كل محافظات مصر عن كفاح هذه الأمة جيشا وشعبا خلال تلك السنوات.

وأتمنى أن تبدأ الدولة بنفسها، فتفرج عما هو متاح من وثائق حرب أكتوبر والتى تحمل قصصا وبطولات لا يجدر بها أن تبقى أسيرة الأرشيف، بل أن تخرج إلى النور لتهب أبناء هذا الجيل والأجيال القادمة، مصادر إلهام لا تنتهى، وتوقظ الحس الوطنى الحقيقى، الذى نحن أحوج ما نكون إليه.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة