قطعتا الفسيفساء بمتحف الآثار بمكتبة الإسكندرية
قطعتا الفسيفساء بمتحف الآثار بمكتبة الإسكندرية


قصة إنشاء أول متحف آثار داخل مكتبة

أمنية حسني كُريم

السبت، 15 أكتوبر 2022 - 03:11 م

خلال حفر أساسات مكتبة الإسكندرية فى فترة التسعينيات بدأت قطع أثرية مميزة فى التكشف بعد اختباء دام لمئات العقود، وعلى مدار عامين عثر العاملون على لقى وتماثيل وأرضيات أثرية كشفت جانباً مهماً من الحضارة المصرية حينما كانت الإسكندرية منارة العالم القديم، ومثلت تلك المكتشفات الفريدة النواة الأولى التى تكون على أساسها متحف خاص بالآثار داخل المكتبة فى واحدة من نقط الاتصال التى تقدمها مكتبة الإسكندرية بين حضارة العالم القديم والحديث.


يكشف الدكتور حسين عبد البصير مدير المتحف «لأخبار الأدب» أن عدد القطع التى عثر عليها أثناء أعمال الحفر فى موقع المكتبة منذ عام 1993 وحتى عام 1995 وصل إلى مائة وإحدى عشرة قطعة أثرية وتعود للعصر الهيلينستى والرومانى والبيزنطي. لافتًا إلى أن هذه القطع ليس لها علاقة بمكتبة الإسكندرية القديمة وإنما يعتقد أنها ضمن الحى الملكى الذى كان يشغل هذه المنطقة قديمًا.


 وينفرد متحف آثار مكتبة الإسكندرية بعدة مزايا حيث إنه أول متحف يقام فى داخل مكتبة، ويعد كذلك أحد المتاحف القليلة فى العالم التى تعرض قطعًا فنية تم اكتشافها فى نفس مكان عرضها، كما أنه يضم أول قاعة متخصصة أُنشئت لعرض الآثار الغارقة فى مصر تم انتشالها من منطقتى أبى قير والميناء الشرقية.

الفسيفساء 
 لاتنفك عين الزائر من التنقل بين مقتنيات المتحف المميزة والتى تكشف عن مدى روعة الحضارة القديمة.واحدة من أشهر معروضات المتحف التى تتمتع بسحر خاص وتجتذب الزوار لوحتان كبيرتان لأرضيات فسيفساء ملونة تعودان إلى العصر البطلمى ويعتقد أنهما كانتا تمثل أرضيات للقصور الملكية القديمة، وهما لوحتا «الكلب» و«المصارعين».

و توضح الدكتورة إيمان محسن شهاوى مدير الشئون الأثرية لمركز الموزاييك بوزارة السياحة والآثار «لأخبار الأدب» أنه تم الكشف عنهما ضمن حفائر مكتبة الإسكندرية الحديثة عام 1993، ويعتفد أنهما يؤرخان لأرضيات بالقرن الثانى قبل الميلاد.


وتلفت إلى تميز اللوحتين بجودة تنفيذهما وتُظهر اللوحة الأولى « الكلب» كلبا جالسا يرتديا طوقا جلدىا وأمامه إناء معدنى مخصص لصب المياه، ونفذت الإمبليما أو اللوحة المركزية الوسطى بأسلوب الفرميكولاتوم أى المكعبات الصغيرة جدا.


وتضيف: ظهر الكلب بفن وواقعية بشكل استثنائى، وقد استخدم فى تنفيذ رأس الكلب مايقرب من 400 مكعب لتنفيذ مساحة لا تتجاوز 2سم فى كل جانب مما يعكس الدقة فى التنفيذ.

مقتنيات مميزة
كما يوفر المتحف فرصة للتعرف على الآثار المنتشلة من قاع البحر المتوسط بالقرب من الميناء الشرقى وفى منطقة خليج أبى قير حيث كانت المدن القديمة «ثونيس-هيراكيلون»، و«كانوبس»، و«مينوثيس».


وتضم هذه المجموعة عددا من العملات والحُليّ والأمفورات ومجموعة متفردة من التماثيل وبقايا التماثيل، والتى برز فيها التأثير الأجنبى على الفن المصرى ومن أبرز هذه القطع تمثال من البازلت الأسود يُعتقد أنه يُصوِّر إحدى الملكات البطلميات والتى قد تكون «أرسينوى الثانية».


وقد اكتشفت هذه القطع بقيادة فريق «فرانك جوديو» رئيس المعهد الأوربى للآثار البحرية ووزارة الآثار خلال رحلتهم فى التنقيب البحرى فى الإسكندرية منذ عام 1992.


ويضم متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية 183 قطعة من القطع الأثرية المكتشفة على جزيرة نلسون على يد بعثة إيطالية يرجع تاريخ بعضها إلى الأسرة المصرية السادسة والعشرين وإلى العصر البطلمي، هذا بالإضافة إلى بعض القطع والنقوش والقبور التى تعود إلى فترة الوجود البريطانى بعد معركة النيل فى أغسطس من العام 1798.


أما فى الطابق السفلى للمتحف فتقع قاعة «العالم الآخر» وتضم مومياواتين إحداهما من العصر البطلمى وأخرى من الروماني، إضافة إلى تابوت خشبي، وتابلوه كبير معلق لبوتريه الفيوم الشهير.


 بينما نرى آثار الحقبة القبطية أيقونة للسيد المسيح من كنيسة الأنبا شنودة بنصر القديمة تعود للقرن 18، وتمثالاً للراعى الصالح والمنجلية – التى يوضع عليها الكتاب المقدس وقت القراءة، وفى العصر الإسلامى تعرض سجادة ومشربية ومشكاة من عصر السلطان حسن ، بالإضافة إلى بعض العملات تعود إلى العصر العثمانى والمملوكى والفاطمي.


عرض مبتكر
لا يكتفى المتحف بالأسلوب التقليدى فى عرض القطع الأثرية ولكنه قدم نمطين مميزين للعرض يعتمد أحدهما على التكنولوجيا الحديثة، والآخر يهدف لخدمة ذوى الهمم،حيث يعرض المتحف»كتاب الموتى» بثلاث لغات من خلال تطبيق للهاتف المحمول يعتمد على تكنولوجيا الواقع المدعم بالخيال ضمن مشروع «حائط المعرفة»، ليسرد أهم القصص فى الحضارة المصرية القديمة.

بشكل مميز تفاعلي، حيث يستعرض «كتاب الموتى: بردية آني»، التى تحتوى على مخطوطات هيروغليفية ورسومات ملونة يرجع تاريخها إلى حوالى 1250 ق.م. خلال عصر الأسرة التاسعة عشرة فى المملكة الحديثة فى مصر القديمة.


كما يوفر المتحف فرصة لذوى الهمم من فئة الإعاقة البصرية للتمتع بتجربة مشابهة للمبصرين من خلال صنع مجسمات صغيرة للقطع الأثرية يمكنهم تحسسها وبجوارها لوحات برايل للتعرف على أبعاد القطع الأثرية الأصلية، وتخيل شكلها.


كما تم تصميم موقع إلكترونى للمتحف الآثار يحتوى على قاعدة بيانات مسجل عليها ما يقرب من ألف قطعة أثرية هو الأول من نوعه على مستوى مصر؛ من حيث عرضه لأغلب مقتنياته للجمهور على شبكة الإنترنت بثلاث لغات وهى العربية والإنجليزية والفرنسية.

 

اقرأ أيضا | 18 ألف كتاب نادر.. وخرائط ومخطوطات أصلية تحوى كنوز المعرفة بـ «مكتبة الإسكندرية»

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة