الزائرة الصحية
الزائرة الصحية


مع تعدد حالات الوفاةl غياب «الزائرة الصحية» يهدد صـحة التلاميذ والمعلمين

آخر ساعة

الأربعاء، 19 أكتوبر 2022 - 10:18 م

كتب: أحمد جمال

مع انطلاق أول أسبوعين من العام الدراسى الجديد، تعدّدت حالات الوفاة بين المعلمين والتلاميذ لأسباب مَرضية وصحية مفاجئة داخل المدارس، ما فتح الباب لإثارة النقاش حول ماهية دور االزائرة الصحيةب بالمدارس التى كانت تشكِّل فى السابق جزءًا رئيسًا من العملية التعليمية لا يمكن الاستغناء عنه للتدخل السريع مع أى حالات مرضية تكون بحاجة لوجود أطباء يتعاملون معها.

وتُخصِص المدارس حجرة دائما ما تكون فى الطابق الأرضى لـبالطبيب المدرسيب الذى تلازمه ازائرة صحيةب تكون ضمن طاقم التمريض، ومن المفترض أن يتواجد منذ بداية اليوم الدراسى مع بدء طابور الصباح وحتى مغادرة التلاميذ المدرسة فى نهاية اليوم.

وتختلف استعدادات هذه الحجرة من مدرسة لأخرى، فالمدارس الموجودة فى المدن تكون تحت نظر الإشراف والمتابعة وتحظى باهتمام صحى أكبر من تلك القابعة فى المراكز والنجوع، لكن فى النهاية كان للزائرة الصحية دور مهم فى التعامل مع الحالات المرضية البسيطة، وتطبيق الإسعافات الأولية ومساعدة الحالات التى تستلزم التحويل إلى أحد مستشفيات أو عيادات التأمين الصحي.

وبحسب عدد من وكلاء الوزارات والمعلمين تواصلت معهم اآخرساعةب، فإن االزائرة الصحيةب لم يعد لها حضور كما كان الأمر فى السابق، وتقوم الوحدات الصحية بتوزيع زائرة صحية على مدرستين أو ثلاث تتواجد فى مناطق قريبة منها، وفى بعض المدارس لا تتواجد من الأساس بحجة المشاركة فى حملات صحية أخرى، ما يضع صعوبات أكبر على المعلمين ومديرى المدارس فى التعامل مع الحالات الصحية الطارئة، خصوصًا أن المخاوف من انتشار فيروس كورونا مجددًا وانتقال العدوى بين التلاميذ لا تزال قائمة.

وفيات مفاجئة

وشدّدت وزارة التربية والتعليم من تعليماتها الطبية للمدارس مع انطلاق العام الدراسى الماضي، ولم تكن إصابات كورونا قد تراجعت مثلما الحال منذ بدء العام الجديد، وهو ما انعكس على شح التعليمات المرتبطة بالإجراءات الصحية عمومًا، لتصطدم المدارس بوجود حالات وفاة مفاجئة لبعض المعلمين والتلاميذ مع انتظام الدراسة بشكل كامل هذا العام، ما أبرز الحاجة لوجود طبيب يمكنه التعامل مع هذه الحالات والمساعدة فى إنقاذها طبيًا.

ومع انطلاق العام الدراسى الحالي، شهدت محافظات مختلفة حالات وفاة مفاجئة، حيث لقيت تلميذة بالصف الثانى الابتدائى بمدرسة الإمام على الابتدائية بمركز كفر صقر، مصرعها فى ثانى أيام الدراسة عقب تعرضها لأزمة قلبية، وجرى نقلها للمستشفى، لكنها فارقت الحياة، وحُرِّر محضر بالواقعة.

وتوفى أيضًا إبراهيم القحافى، معلم الرياضيات بمدرسة بيلا الثانوية بنات، وتم نقله لمستشفى بيلا المركزي، لمحاولة إسعافه لكنه توفى متأثراً بأزمة قلبية حادة. وأصيب محمد حسن حسين الذى يعمل أخصائى صحافة بمدرسة رمانة الثانوية التجارية، التابعة لإدارة بئر العبد التعليمية، بإعياء شديد، أثناء طابور الصباح، وتم نقله لمستشفى بئر العبد النموذجى، ووافته المنية متأثرا بأزمة قلبية.

كما لقيت التلميذة بسملة أسامة على محمد (9 سنوات) مصرعها، فى العناية المركــــزة بمستشفــى الطـــــوارئ الجـــامــعى بالمنصورة، وكانت قد نقلت إليه مصابةً بعد اعتداء مدرس عليها بالضرب، وبعد دخولها فى غيبوبة استمرت لـ8 أيام كاملة.

إغماء ثم وفاة

ولقيت تلميذة تُدعى حبيبة بمدرسة أبو رواش الإعدادية بالجيزة مصرعها، حيث لفظت أنفاسها، أثناء اليوم الدراسي، وبحسب شادى زلطة المتحدث الرسمى باسم وزارة التربية والتعليم، فإنها تعرضت أثناء الفسحة لحالة إغماء وتم نقلها على الفور لغرفة الطبيب بالمدرسة ثم نقلها إلى مستشفى الفاروق، ووافتها المنية هناك.

وكذلك توفى ياسر منير محمد، مدير مدرسة تصفا الابتدائية بمحافظة القليوبية إثر تعرضه لحالة إعياء شديدة أثناء اليوم الدراسي، بعد أن تم نقله للمستشفى، لمحاولة إسعافه، حيث توفى متأثراً بأزمة قلبية حادة، ولقيت التلميذة وفاء أشرف هارون بالصف الثانى الإعدادى بمدرسة شبرا النخلة الإعدادية بنات مصرعها داخل الفصل، إذ سقطت مغشيا عليها وجرى نقلها لمستشفى النخلة وبتوقيع الكشف الطبى عليها تبين وفاتها نتيجة هبوط حاد فى الدورة الدموية.

وتوفى المعلم أحمد غريب داخل أحد الفصول بمدرسة برمشا التابعة لمركز العدوة بمحافظة المنيا، إذ أُصيب بحالة إعياء شديدة وأزمة قلبية، وجرى نقله للوحدة الصحية بنفس القرية، وتبين أنه فارق الحياة، إثر هبوط مفاجئ فى الدورة الدموية.

سرير العمّال!

وأكد الخبير التربوي، الذى عمل من قبل معلماً، أن المدارس تعانى هذا العام تأثيرات فيروس كورونا على بعض المعلمين والطلاب فى الوقت الذى تعانى عجزاً فى االزائرة الصحيةب، بل إن بعض المدارس لا يوجد بها حجرات مجهزة لاستقبالها إلى جانب الطبيب، وفى كثير من الأحيان يضطر مديرو المدارس لتحويل سرير العمال أو النبطشى داخل المدرسة لسرير صحى يصلح للكشف.

وأضاف أن المدارس تخاطب الوحدات الصحية القريبة منها لتوفير طبيبة وممرضة تقوم بمهام االزائرة الصحيةب مع بداية العام الدراسي، لكن الرد يأتى فى كثير من المرات بأنه لا يوجد أطباء أو أنهم يشاركون فى حملات صحية أخرى، وهناك بعض الإدارات المدرسية التى تكرر طلباتها للوحدات الصحية أملاً فى الاستجابة لها والبعض الآخر يتعامل بشكل روتينى ويكتفى بإرسال طلب واحد مع بداية العام الدراسي.

وأشار إلى أن وظيفة الزائرة الصحية ليست مفضّلة بالنسبة لبعض الأطباء لأنها تتطلب تواجداً منذ بداية اليوم الدراسى مع بدء الطابور المدرسي، ويوقع الطبيب فى كشوف الحضور والانصراف ويكون عليه التواجد لحين نهاية اليوم وبعد مغادرة جميع التلاميذ، وليس هناك مقابل مادى يحصل عليه من المدرسة.

وأوضح أن وزارة الصحة تتعاقد أحيانًا مع أطباء أنهوا فترات خدمتهم بعد سن المعاش لتوفيرهم للعمل بالمدارس، وتبقى هناك مشكلة أخرى فى تلك الحالة لأنه يكون كبيرا فى السن وليس لديه القدرات الكافية للتعامل مع التلاميذ، وقد لا يتواجد فى فترات كثيرة، مشيراً إلى أن مدارس الفتيات أكثر حاجة لوجود االزائرة الصحيةب نظراً لظروف الدورة الشهرية ومع معاناة الكثيرات من الأنيميا قد يتعرضن للنزيف أثناء تواجدهن بالمدرسة، بجانب أن مدارس الدبلومات الفنية للفتيات يتواجد فيها بعض المتزوجات اللاتى يرفضن الإفصاح عن حملهن وغالبًا يتعرضن لمشكلات عديدة دون تعامل صحى سليم معهن.

إجهاد عام

ومن وجهة نظر أنور فإن الطلاب والمعلمين يعانون إجهادًا عامًا مع انطلاقة العام الدراسى وعدم التأقلم على الاستمرار فى الدراسة والعمل لفترات طويلة مع طول مدة الإجازة، والبعض يعانى ضعف المناعة، وتبقى هناك مخاوف عديدة من التعامل مع الحالات التى تتعرض للسخونة داخل المدرسة مع ضرورة إجراء اختبار للحساسية أولاً، وفى حال عدم وجود زائرة صحية أو مرشد طبى يواجه الطلاب أخطارا عديدة.

وقال مدير إحدى المدارس بمحافظة الجيزة، طلب عدم ذكر اسمه، إن مدرسته لم تتواجد بها ازائرة صحيةب منذ بدء العام الدراسي، وأنه طالب أكثر من مرة الوحدة الصحية بتوفير ازائرة صحيةب لكنها لم تصل بعد إلى المدرسة، مشيراً إلى أن الأزمة تكمن فى كون الزائرة الصحية لديها الصلاحية الكاملة فى تحويل الطالب الذى يتعرض لأى مشكلة أو أزمة صحية أثناء تواجده بالمدرسة إلى مستشفيات وعيادات التأمين الصحي.

وتابع: افــى حـــال قـــرر أحــــد المعلمين اصطحاب طالب تعرض للنزيف أو الكسر أو أى مشكلة جسدية أخرى للمستشفى فإنه يتم التحفظ عليه إذا لم يكن ذلك فى حضور ولى الأمر، ويدخل فى مشكلات أخرى وفى بعض الحالات يطالب المعلمون بتواجد أولياء الأمور لضمان عدم تعرضهم لأى مشكلاتب.

كشف طبى

وأضاف أن سيارات الإسعاف فى بعض الأحيان تخشى الاستجابة لنداءات مديرى المدارس، إذا لم يكن الطلب من الزائرة الصحية أو الوحدة الصحية القريبة خشية تعرضها لأى اعتداءات من التلاميذ أو أولياء الأمور، مشدداً على ضرورة أن يكون هناك كشف طبى باسم كل تلميذ للتعامل السليم مع الأزمات الصحية التى يتعرضون لها أثناء وجودهم فى المدرسة، وأن الكثير من أولياء الأمور يرفضون الإفصاح عن الأمراض المزمنة التى يعانيها أبناؤهم خشية التنمر عليهم.

وشـدد على أن وجـــود الزائــرة الصحية والطبيب الممــارس داخــل المدرســـة مـهـم لأن التلاميذ الصغار تحديداً فى المرحلة الابتـدائـيـــة يتخــوفون مـــن التعــامــل مـــع الممرضات اللاتى يقمن بإعطاء التطعيمات ويتولد لديهم مشكلات نفسية فى حين أن الأمر بحاجة لتواصل مباشر بين الأطباء والتلاميذ.

وأكد بكساوى مصطفى بكساوي، وكيل وزارة التربية والتعليم بالبحيرة، ما ذهب إليه الخبير التربوى ومدير المدرسة، مشيراً إلى أن الزائرة الصحية لا تتوفر فى كل المدارس وهناك عجز كبير فى أعدادهم، وفى كثير من الأحيان يتم تخصيص زائرة صحية لأكثر من مدرسة وقد تتواجد فى ثلاث مدارس على مدار الأسبوع وهو ما يسبب بعض المشكلات للإدارات المصرية.

وأضاف أن مديرى المدارس يتواصلون مع لجنة الصحة المدرسية والتأمين الصحى المتواجد بنطاق المدرسة للتعامل مع الحالات الطارئة، مشدداً على ضرورة إيجاد حلول مبتكرة للتعامل مع هذا النقص.

وكانت وزارة التربية والتعليم، قد أصدرت العام الماضى، قراراً بتشكيل لجنة الصحة المدرسية بكل مدرسة مع بداية العام الدراسى الجديد 2021-2022، لمواجهة تفشى فيروس كورونا، تتكون من مدير المدرســـة، ومجلــس أمــــنائها، وطــــــبيبها، والزائرة الصحية، والأخصائى الاجتماعي، ومسئول الحاسب الآلى بالمدرسة، ومشرف التربية البيئية والسكانية.

أقرأ أيضأ : شنط وكراريس ومصروفات..«التضامن» تهدى مستلزمات الدراسة لـ 8 آلاف تلميذ

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة