جلال عارف
جلال عارف


جلال عارف يكتب: ليس بتقنين الفساد.. يتم إصلاح التعليم!

جلال عارف

الجمعة، 21 أكتوبر 2022 - 05:56 م

 

لا يحتاج التعليم عندنا للمزيد من «الاختراعات» بل يحتاج للعودة للأسس العلمية التى يعرفها العالم كله والتى تضمن تعليما جادا وعصريا يتاح للجميع ويؤهلهم ليصنعوا الأفضل لهم ولأوطانهم.
تصريحات وزير التعليم الدكتور رضا حجازى الأخيرة فى مجلس النواب لا تشير إلى شيء من ذلك، وإنما تشير إلى المزيد من الاضطراب فى العملية التعليمية، وإلى مواصلة السير على طريقة أن كل وزير لابد أن يأتى بـ«اختراعاته» مهما كان الثمن فادحا. وزير التعليم أعلن رفع الراية البيضاء والاستسلام لمافيا الدروس الخصوصية، وقال إنه سيتم الترخيص لسناتر الدروس الخصوصية وإعطاء المدرسين بها تصاريح للتدريس (حتى نضمن سلامة البيئة التى يدرس فيها الطلاب، وتأخذ الدولة حقها مما تجنيه السناتر من أموال طائلة قدرها الوزير بـ٤٧ مليار جنيه.

البند الثانى فى «روشتة» الوزير لإصلاح التعليم أن المدارس الحكومية التى وعد بإصلاحها سوف تفتح الأبواب لاختراقها من جانب مافيا السناتر.. حيث يتم إعطاء مسئولية الإشراف على مجموعات التقوية فى هذه المدارس إلى شركات خاصة، وهو ما يعنى أن تكون «مدرسة» فى الصباح وتتحول إلى «سنتر» تديره شركة خاصة بعد الظهر (وقد قال المتحدث باسم الوزارة عبر التليفزيون إن الشركات انشئت بالفعل!!).

«السناتر» هى التجسيد الحى لكل التشوهات التى أصابت التعليم فى سنوات التراجع. والوزير - بخبرته الطويلة- أول من يعرف أن «المدرسة» و«السنتر» لا يجتمعان. المدرسة تربى طالب علم وتنمى القدرة على التفكير والإبداع - بينما «السنتر» لا علاقة له بكل ذلك. والقول بأننا عجزنا عن إنهاء هذه الظاهرة تنقصه الدقة لأن «السناتر» لا تقام تحت الأرض، ومئات الآلاف من الطلاب لا يذهبون إليها وهم يرتدون طاقية «الإخفاء»!!

وحتى إذا كانت «السناتر» قد أفلتت من العقاب القانونى (بجهدها وليس بإهمالنا) فإن الحل لا يكون بمنحها الشرعية الزائفة لكى تستمر فى دورها المفسد للتعليم والمعطل لأى إصلاح.. وانما الحل هو أن نستمر فى مواجهتها من ناحية، وأن نضاعف الجهد لاستعادة دور المدرسة التعليمى والتربوى والوطنى.. وهو ليس دور السناتر ولا الشركات، خاصة بعد أن عايشنا إفسادها لكل العملية التعليمية على مدى سنوات!! ولنتذكر أننا -رغم الجهود الجبارة- مازلنا نرى من يتاجرون بالمخدرات.. فهل نقنن أوضاعهم؟!

نعرف أن التركة ثقيلة، والاحتياجات هائلة، والظروف صعبة.. لكن كل ذلك لا يعنى تقنين الفساد ولا تركه يغتال ما تبقى من آمال فى إصلاح حقيقى للتعليم وعودة لا بديل عنها للمدرسة. وأظن أنه قد آن الأوان ليكون لدينا مجلس أعلى للتعليم يضع استراتيجية إصلاح التعليم وتطويره ويضم خبراءنا فى هذا المجال «ولدينا منهم نخبة على أعلى مستوى» ولتكون هذه الاستراتيجية بعد اعتمادها ومناقشتها فى مؤتمر وطنى هى الحاكمة لمسار التعليم، وليكون الوزير هو المسئول عن تنفيذها بعيدا عن «الاختراعات» التى نراها مع كل وزير جديد يتولى هذه المسئولية!

خبراؤنا قادرون على إيجاد الحلول الصحيحة لمشاكل التعليم، بالعلم وليس بالاختراعات، وبإعادة المدرسة وليس بتقنين الفساد، وبالتعامل مع الواقع دون التفريط فى حق أبنائنا فى تعليم جيد ومتاح ودون تحويله إلى سلعة تتاجر بها مافيا «السناتر» والشركات المستحدثة لمقاولات التعليم(!!) ودون «اختراعات» تزيد فواتير الدروس الخصوصية على حساب الأسرة المصرية التى لم تعد تتحمل المزيد!

مرة أخرى.. نعرف أن التركة ثقيلة، والأوضاع صعبة، لكن الحلول الصحيحة موجودة حتى لو احتجنا إلى ضريبة استثنائية على الدخول العالية تخصص للتعليم وتنقذ مدارسنا من أن تتحول إلى «سناتر»!!

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة