محمود الوردانى
محمود الوردانى


محمود الورداني يكتب: هل تريد أن تتعرف على الإسكندرية؟! ( 2 - 3 ) سيرة مجلة «أمكنة»

أخبار الأدب

السبت، 22 أكتوبر 2022 - 04:34 م

[email protected]

أواصل هنا ما سبق أن بدأته الأسبوع الماضى حول تجربة الكاتب علاء خالد. السطور التالية تتناول تجربة مجلة «أمكنة» المستقلة، التى صدر منها حتى الآن اثنا عشر عددا بين عامى 1999 و 2019.


«أمكنة» تحديدا أعتبرها واحدة من التجارب الثقافية الكبرى فى الثقافة المصرية، تماهى علاء خالد معها بل وانصهر على مدى عقدين من الزمان، شكّلها وشكلّتها ونهضت على كتفيه وحملها حرفيا، وقد سبق أن وصفته بحامل الرسالات الكبرى، عندما كنت أراه حاملا حقيبة كبيرة قادما من الإسكندرية إلى القاهرة ليوزّع العدد الجديد ويسدد للمطبعة ثمن الورق والطباعة.


«أمكنة» هى تاريخ علاء الشخصى.. أسسها وكان مسئولا عنها على مدى عشرين سنة. صحيح أن هناك أسماء شاركته مثل الفنانة التشكيلية والمصورة سلوى رشاد زوجته ورفيقته فى كل رحلات أمكنة فى الصحراء والجنوب والدلتا، وقامت بتصويرها، إلى جانب دورها فى الإخراج الفنى. وهناك أسماء أخرى شاركت فى بعض الأعداد مثل مهاب نصر وإسلام العزازى.


أريد أن أشير أيضا إلى أنها مجلة مستقلة، والاستقلال ليس شعارا مرفوعا، بل واقع ماثل فى كل عدد. وإذا كانت قد نشرت إعلانين لإحدى دور النشر على صفحة واحدة، أو حصلت على مساعدة ما فى أحد الأعداد من مؤسسة دوم الثقافية، حسبما كتبت على الغلاف الداخلى ببنط صغير، إلا أن القائمين على المجلة.

وفى مقدمتهم علاء خالد طبعا قاموا بكل المهام الأخرى بالمجان، مثل التصوير والإخراج الداخلى والاستطلاعات التى تستمر أياما فى أقصى حدود مصر، والكتابة على الحاسوب وبالطبع لاتتكلّف المجلة أجورا، ومن يكتبون فيها يتشرفون بالمشاركة ويصنعون التجربة، باعتبارهم جزءا من عمل جماعى مبهر وصادق ولايطمح إلا إلى الاكتشاف والمعرفة.


الاكتشاف والكشف والسعى نحو المعرفة دون أى موقف مسبق وتعرية الجذور والعودة إلى المنابع على المستويين المجازى والواقعي.. كل هذا من بين مايميّز أمكنة. أكتب هذا بعد قراءة بل والتهام تسعة أعداد (لنلاحظ فقط أن صفحات كل عدد تتجاوز الثلاثمائة وبعضها يدور حول الخمسمائة من القطع الكبير).


ومن بين مايميّزها أيضا الإخراج الفنى والصور الفوتوغرافية. فالأخيرة ليست حلية أو مجرد صورة مصاحبة للمتن، بل هى متن وحدها، وفيما يتعلّق بالصور الشخصية على سبيل المثال، نرى الوجوه لاتبتسم للكاميرا فقط، بل تشعر معها بالألفة وبما يشبه الصداقة والأمان..الوجوه تصافح الكاميرا ..وجوه لاتخجل أو ترتبك أو تتوتر، بل تصافح الكاميرا.


أعاد علاء خالد اكتشاف أقاليم مصر البعيدة فى النوبة والصحراء الغربية وقرى الدلتا والمنيا والأقصر والسلوم، وأجرى حوارات تلقائية مع أبناء تلك الأقاليم حول حياتهم الخاصة. لم يشعر الأخيرون بأن هناك من يتطفل عليهم أوينظر لهم بوصفهم كائنات مختلفة، وكانت العلاقة التى صنعها معهم على قدر من الندية سمح بالمعرفة والصدق وعدم التكلف.


بالطبع لاتكفى المساحة هنا للكتابة التفصيلية عن كل عدد. وكل عدد وثيقة ودراسة ومعرض فنون تشكيلية ودرس فى الإخراج الفنى، وتناغم فى المواد التى يكتبها كُتّاب أغلبهم غير محترفين وبعضهم يكتب للمرة الأولى.


كان علاء خالد وراء كل هذا الإنجاز والإضافة والاكتشاف، بل وانصهر مع التجربة وصنعها وصنعته..أستكمل فى الأسبوع القادم إذا امتد الأجل.

اقرأ أيضا | جولة فى حدائق النميمة

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة