آمال عثمان
آمال عثمان


آمال عثمان تكتب: محمود علم الدين

آمال عثمان

الجمعة، 28 أكتوبر 2022 - 06:31 م

اشتدت حيرتي، وذرفت أفكارى، وفاضت كلماتي، حينما أمسكت بقلمى وأوراقي، لأسطر فى تلك المساحة المحدودة عن فقدان موجع، وأنعى شخصية عظيمة احتلت مكانة مُتفردة فى وجدانى وعقلي، وعالماً جليلاً استقيتُ منه الكثير علمياً ومهنياً وإنسانياً على مدى عقود.

هل أتحدث عن الأستاذ الدكتور محمود علم الدين أستاذ الصحافة، ومعلم الأجيال الذى أفاض على الباحثين والطلاب بفكره المتجدد، وعلمه المتطور، وحداثة معارفه وسخاء عطائه الغزير؟ أم الإنسان النزيه الخلوق المُعتد بنفسه، والمتصالح مع ذاته، الناسك فى محراب العلم، والزاهد، صاحب الرأى الحر والفكر المستقل، والشخص النبيل صاحب الابتسامة الودودة دائماً، والناصح الأمين للجميع برغم مشاغله ومسئولياته العلمية والعملية، والعالم الذى لم تُغيّره المناصب أو تُبدّله المراكز والدرجات العلمية؟ 

هل أتكلم عن د. محمود، الصديق الصدوق الذى شجعنى ودعمنى علمياً فى الدكتوراه كمُشرف علمى على الرسالة، وأيضاً كصديق عمر أعتز وأتشرف بصداقته على مدى ربع قرن، وخليل يندر تكراره فى هذا الزمن؟ أم أحكى عن أسرته الصغيرة التى أحببتُها وطالما شعرت بأننى أحد أفرادها، الصديقة العزيزة ورفيقة دربه الدكتورة ليلى عبد المجيد، والابنة الحبيبة كريمته د. مروة علم الدين، النابغة التى ورثت عشق العلم من والديها؟

وإنما دعونى أحدثكم عن رحلة مرضه المفاجئ العصيب، وتطوره بعد تشخيص وعلاج  خاطىء استمر  ٨ شهور من طبيب معدوم الضمير أدى إلى إرغامه على العيش  برفقة جهاز أكسجين عصي، أبى أن يفارقه حتى الرحيل، ومع ذلك لم يمنعه ذلك الضيف الثقيل من ممارسة دوره فى الإشراف على الدراسات الجامعية، والمشاركة فى لجان مناقشة الرسائل العلمية. ومن نفحاته ومآثره التى لم ولن يمحوها الزمن، مشاركته مع اللجنة العلمية، بصفته مناقشاً ومشرفاً على رسالة دكتوراه بجامعة سوهاج، محاطاً بأجهزة التنفس الطبية! 

إن احترام د. محمود علم الدين للطلاب والباحثين، وتفانيه فى منحهم علمه ومعارفه وخبراته جعل منه «أيقونة» فى قلوب الجميع.. فراقك مؤلم، لكنها حكمة الله وأقداره، ولا نملك سوى الرضا بقضائه، والدعاء بأن يتغمدك الله بواسع رحمته، ويسكنك الدرجات العلى من الجنة.. وأن يُلهم زوجتك وابنتك وأصدقاءك وطلابك ومحبيك الصبر والسلوان.

وداعاً دكتور محمود علم الدين، وربنا يجمعنا وإياك فى الدار الآخرة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة