عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

أسفار ريم

عمرو الديب

الأحد، 30 أكتوبر 2022 - 08:53 م

أدهشنا ذلك الطواف الرحالة، الذى أهدى إلى الإنسانية بأسرها أثرا قيما أخاذا باقيا حين ترك للأجيال صحائفه التى تقطر إمتاعا وتشوقا عن مشاهداته فى البلاد، ونتائج رحلاته المتوغلة، وأشرقت رحلة ابن بطوطة لتسطع فى الضمير الأدبى للإنسانية كلها، وعلى الرغم من دقة الملاحظة عند الرحالة العبقرى وعمق نظرته لمفردات العوالم التى طالعها فى رحلته الشهيرة فإن من يقرأ الرحلات متأملا فاحصا سيدرك أن خيال ابن بطوطة لعب دورا رائعا فى إضفاء روح جذابة ونبضا مشوقا فى مشاهدات الواقع الرتيبة فى معظم الأحيان، ولاأدرى لماذا تذكرت تجربة ابن بطوطة وتطوافه فى الأمكنة أثناء قراءتى لأحدث روايات الأديبة المتميزة د.ريم بسيونى.. «الحلوانى» أو «ثلاثية الفاطميين» التى تجىء بعد «ثلاثية المماليك» التى صدرت بعنوان «أولاد الناس»، وقد حصدت جائزة نجيب محفوظ، وبعد «ثلاثية ابن طولون» المعنونة بالقطائع، وكل هذه العلامات الإبداعية اللافتة تمثل مشروعا طموحا للتطواف فى العصور والارتحال إلى الأزمنة للبحث عن وجه مصر، وإنسانها، والكشف الإبداعى عن هويتها وسمات شخصيتها، والإبانة عن معدن شعبها، وطبيعة إنسانها، ويبدو لى أن اختيار العصور الثلاثة: الطولونى فى «القطائع» والمملوكى فى «أولاد الناس»، والفاطمى فى «الحلوانى».. الثلاثية الروائية الجديدة يخضع لفلسفة فى ذهن المبدعة، فقد اختارت أوقاتا تطلعت فيها مصر إلى نيل مكانة تليق بشخصيتها الفريدة، وتاقت نفس أبنائها لبلوغ غايات بالغة الطموح حين أهدتهم الأقدار من يوحد صفوفهم، ويعرف قيمة بلادهم، كما حدث مع القائد الفذ القوى «أحمد بن طولون» الذى أحس بأن مصر أكبر كثيرا من أن تكون تابعا لأى كيان آخر مهمًا علا شأنه، وكذلك الأمر مع الفاطميين فى أوج مجدهم وذروة ازدهارهم حيث أدركوا الإمكانات الهائلة التى تتمتع به بلادنا، فقرروا أن تكون مصر درة الدنيا، والملحوظة إنه فى العهدين ارتبط الأمر بإنشاء عاصمة جديدة كما جرى فى «قطائع ابن طولون» و»قاهرة المعز»، وكان اتخاذ عاصمة جديدة هى شارة على أن مصر تعلن حضورها، وتذيع أمر تفوقها، وحتى فى عصر المماليك الذى دارت فيه أحداث «أولاد الناس» كان النفوذ المصرى فى منطقتها ملحوظا، وجاءت طريقة الإعلان عن التفوق عبر العمارة المملوكية الباهرة، والإنشاءات التاريخية الخلابة وهذا يؤكد أن «ريم» تتغيا مضمونا ورسالة، وليس عالما سرديا ممتعا أخاذا، وللحديث بقية.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة