عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

بهاء النبل

عمرو الديب

الأحد، 13 نوفمبر 2022 - 09:17 م

عاش مترفعًا متساميًا محلقًا فى أفق النبل بعيدا عن مهاترات اللاهثين، وممارسات المتلهفين من بعض مجايليه فى ميدان الأدب المذهل فى اتساعه، لم يكن متكالبا متهافتا على مغريات المجال ككثير من المبدعين الزائفين الذين كانوا يملأون الأجواء ضجيجا مزعجا ودعاية مدوية لأوراقهم المتواضعة، وثمراتهم الجوفاء غير الناضجة، وكم عانى المبدع النبيل من صفعات أحقاد هؤلاء،

وألاعيبهم الدنيئة التى حاولت نثر الأشواك فى طريقه، وإلقاء الأحجار فى مساره غيرة منه، وحنقا على تفوقه، وقد علمت من مقربين إليه تفاصيل مضايقات منحطة من بعض الحاقدين، ومن توهموا أنهم منافسون، أو مساوون، سواء من بعض مجايليه، أو من الأجيال التالية، ودائما ما كان يفضفض مع بعض الأصدقاء فقط دون أن يرد إليهم إساءاتهم، أو ينحدر إلى حضيض ممارساتهم المنحطة، مجرد فضفضة مع المقربين، ثم يمضى فى طريقه، وينفض عن كاهله غبار حكايات الأحقاد البغيضة، ليحلق فى أفلاك إبداعه المدهشة، ويحفر بصماته الخالدة على جبين الأدب العربى، هكذا عاش فقيدنا الغالى -الذى غادر دنيانا الفانية مؤخرا- بهاء طاهر، وقد عرفته دوما مبتسما بسيطا راقيا حانيا بالغ الرقة والكياسة ممتلكا حسا إنسانيًا نادرًا، ومضت حياته الأرضية تؤكد أن بهاء طاهر المستغنى دوما هو النموذج الأكثر روعة وتمثيلا للمبدع الذى يذهلك عطر شخصيته النبيلة بنفس قدر ما يدهشك به إبداعه،

وبصمات قلمه الآسرة، وآثاره السردية الخلابة، وكأن شخصيته هى نص بالغ العذوبة والبهاء تماما مثل رواياته الرائعة، وقصصه اللافتة، ويخيل إليك أن النصين: البشرى والإبداعى قد امتزجا، وتماهيا، واتحدا، وصارا كيانا واحدا، فلا يغادرك الشعور بالبهاء والعذوبة إذا ما جلست تقرأ أحد نصوصه السردية الروائية، أو القصصية، أو التقيت بشخصه وجلست إليه ويسعدك القدر إذا ما عاشرته ستجد ذات الشعور بالبهاء المضىء والرونق العجيب، على الرغم من بساطته وهدوئه وتواضعه الجم فى حين كان بعض مجايليه واللاحقين عليه ينتفخون وكأنهم الطواويس، وكنت قد كتبت مقالا بعنوان بهاء الطهر قبل رحيله بسنوات، ففوجئت به يحدثنى خجلا مما كتبت، ومع أنى حاورته مرارا إلا أننى -حقيقة-أشعر بالندم لأننى لم أقترب منه بالقدر الذى يتيح لى أن استمتع بأحاديثه التلقائية الدافئة، رحم الله - تعالى- بهاء النبل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة