د. محمد الشاذلى
د. محمد الشاذلى


اللاشىء

الأخبار

الخميس، 17 نوفمبر 2022 - 09:02 م

يعتقد البعض أن حجم التحديات التى يواجهها المجتمع المصرى وما زال مرتبط بالأساس بتبعات الأحداث التى نتجت عن ثورة يناير 2011 وهى قطعًا حقيقة لا يمكن إنكار تأثيراتها السلبية العميقة على الدولة المصرية، إلإ أن ثمة وجهًا آخر للحقيقة وهو ربما يكون أكثر قبحًا ولا يقل عمقًا فى تأثيراته السلبية فى شتى المجالات، بل ويتضاعف هذا العمق أحيانًا فى مجالات عن الأخرى، وهو مرتبط بالأساس بعشرات السنوات التى عاشتها مصر فى مرحلة زمنية سابقة عن العام 2011 ربما يكون اللقب الأقرب لوصفها بـمرحلة «اللاشىء»، تلك الحقبة الزمنية التى طالت لعشرات السنوات تراكمت خلالها المشكلات الهيكلية والمتطلبات النوعية وانهارت البنية التحتية وخارت العزائم الإصلاحية بحجة أنه لم ولن يكون فى الإمكان ما يمكن أن يغير أو يصلح ما هو كائن. 

وخلال سنوات اللاشىء تلك أصبح الهدف هو البقاء أحياء وليس الحياة الكريمة والاستراتيجية مرهونة بالحاضر ومنفصلة عن المستقبل، وغابت أية فكرة عن بناء الدولة ولم تكن هناك ثمة رؤية تتعلق بحلول لأية مشكلات فى أى من القطاعات وأصبحت الإدارة منصبة على تقديم المسكنات وتغييب الحقيقة وإخماد أية ثورات إصلاحية حقيقية، إلا أن بصيصًا من الضوء الخافت كان موجودًا لأننا كنا حينها قادرين على الحلم برياح الإصلاح التى ربما تأتى يومًا ما رغم اللاشىء.

ولكن جاءت الرياح بما لا نشتهى، فكانت التبعات والأحداث والنتائج التى تلت هذا اليناير من 2011 لتكتمل بذلك دائرة اللاشىء، وتصل الأمور إلى مرحلة اللا دولة أو شبه الدولة.. هذا الأمر الذى كان ينذر بما نراه حولنا فى الكثير من البلدان التى تتشابه فى ظروفها مع الدولة المصرية ولكنها سكنت واستسلمت فآل بها الحال إلى ما هى عليه الآن - عافاها الله وحفظنا مما هى عليه.

ومنحنا الله عز وجل الفرصة لأن تعود مصر مرة أخرى، وكان علينا أن نستغل هذه الفرصة ونحسن العمل ونبذل من الجهد المخلص والعمل الدءوب ما نستحق به تلك المشيئة الإلهية حتى يكلل الله تلك المساعى بالتوفيق، فانتقلت مصر إلى مرحلة «الكل شىء»..

مرحلة الجمهورية الجديدة مرحلة البناء والنهضة الشاملة وكان الطريق وعرًا ومليئًا بالتحديات، ولكن كانت الإرادة الصلبة والإدارة المستنيرة والإصرار على بناء الدولة هو السبيل الوحيد للمرور عبر تلك الأشواك فها نحن الآن نتحدث عن الدولة المصرية التى شقت الصحراء بشبكة مترامية الأطراف من الطرق والكبارى ومهدت ملايين الأفدنة من الصحراء لاستزراعها وبنت المدن الذكية الجديدة وأضحت العلاقات المصرية الخارجية فى مرحلة التكافؤ مع مختلف القوى العالمية وبدت ملامح النهضة والتطور وتصحيح المسار لملفات شابها الركود وعفى عليها أزمان متلاحقة مثل: التعليم والصحة وتطوير شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحى ورفع الحدود الدنيا للأجور والبنية المعلوماتية وشبكات الاتصالات والتحول الرقمى والتوسع غير المسبوق فى برامج المظلة الاجتماعية التى شملت الملايين من محدودى الدخل وغير القادرين إضافة إلى إطلاق العديد من المبادرات التنموية على غرار مبادرة “حياة كريمة” وتطوير الخدمات بمختلف القرى المصرية فى شتى مجالاتها ومتطلبات أهلها الاجتماعية والرياضية والصحية والتعليمية للاستثمارات فى مجالات تطوير البنية التحتية المصرية فأصبحت مصر مركزًا رياضيًا عالميًا تتوافر لديه كل مقومات البنية اللازمة لاستضافة أكبر البطولات والمنافسات الرياضية العالمية.

إن حجم التحديات التى خلفتها مرحلة «اللاشىء».. ومن ثم الآثار الكارثية لما بعد 2011 كانت كفيلة بأن تكون مصر فى موضع غير ما هى فيه الآن ولكنها إرادة الله لحفظ الدولة المصرية لننتقل من مرحلة اللاشىء إلى مرحلة بناء وتعمير ونهضة لكل شىء.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة